الأيام القليلة المقبلة التي تسبق الاستفتاء المقرر إجراؤه في9 يناير لتحديد مصير جنوب السودان, شديدة الحساسية والأهمية في تاريخ السودان والمنطقة بأكملها. وإذا كانت غالبية التوقعات تذهب في اتجاه موافقة مواطني الجنوب علي الانفصال عن السودان, وإقامة دولتهم المستقلة, فإنه من الضروري خروج السودان جميعه بأقل ضرر ممكن, حتي لا يصيب رذاذ الخلافات والنزاعات بقية الدول. وقد أشار السيد الصادق المهدي رئيس الوزراء السوداني الأسبق زعيم حزب الأمة إلي نقطة مهمة للغاية, وهي مصير شمال السودان نفسه, فمعظم الخبراء يتحدثون عن سيناريوهات بشأن مستقبل الجنوب وعلاقاته بالشمال, لكنهم من النادر أن يتحدثوا عن ماذا سيحدث في الخرطوم بعد إجراء الاستفتاء وتصويت الجنوبيين لمصلحة الانفصال. ومن الضروري أن يستقبل الإخوة السودانيون النتيجة بصدر رحب, وقد ألمح الرئيس البشير إلي ذلك معتبرا أن الانفصال ربما كان أمرا واقعا, لكن طريقة تعامل المواطنين السودانيين في الشمال وحكومة الخرطوم مع التطورات التي ستجري بعد الاستفتاء ستحدد بصورة كبيرة مستقبل البلاد وقدرته علي البقاء موحدا. إن الشعوب عندما ينفصل جزء من أراضيها تشعر بغضب, وهو غضب طبيعي حدث في عديد من الدول بعد أن قرر أحد الأقاليم الانفصال, لكن هذا الغضب يجب ألا يذهب مداه فيأكل الأخضر واليابس, ويقضي علي البقية الباقية من وحدة أراضي السودان. وعلي السودانيين أن يدركوا جيدا أن مشكلات إقليم دارفور لم تنته بعد, وأن هناك من يتحدث عن سيناريو مماثل لما سيحدث في الجنوب. لذلك فإن الحاجة تقتضي أن يكون هناك تعامل حكيم وهاديء تجاه نتيجة استفتاء الجنوب. ومن المهم أيضا إدراك أن العالم ينظر إلي السودان بعين الشك, ويتساءل: ماذا سيحدث صبيحة اليوم التالي للاستفتاء؟ وأبلغ رد علي ذلك هو ممارسة أكبر قدر من ضبط النفس وعدم التسرع بقول أو فعل يمكن أن يضر بالسودان ومستقبله.