عندما سأل الصحفي الأمريكي الشهير بوب وودوارد وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كولن باول عن سر هذا التحول الهائل في مجري السياسة الأمريكية بعد أحداث11 سبتمبر عام2001 لكي تتجه البوصلة الأمريكية إلي ما هو أبعد من الحرب ضد الإرهاب, فتقرر غزو واحتلال العراق أجابه كولن باول والإجابة وردت في كتاب حرب بوش أنه بعد شعور الإدارة الأمريكية بالمهانة نتيجة ضرب برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك كان لابد من عمل كبير يرد الاعتبار للشعب الأمريكي. وحسبما قال كولن باول في كتاب حرب بوش الذي أصدره بوب وودوارد بعد أن التقي بمعظم القادة السياسيين والعسكريين الأمريكيين فإن الإدارة الأمريكية خططت لحرب طويلة وممتدة من أجل إشعار الشعب الأمريكي بأن حكومته قادرة علي الدفاع عنه والثأر له حتي لو أدي الأمر إلي ذهاب الجنود والطائرات والبوارج الأمريكية إلي أقصي مكان علي ظهر الكرة الأرضية. بل إن باول اعترف صراحة بأنه هو الذي اقترح وصك مصطلح محور الشر من أجل تهيئة الأجواء داخل أمريكا وخارجها لعمل عسكري كبير يتجاوز حدود ملاحقة فصائل الإرهاب في أفغانستان وأن البيت الأبيض اتخذ قرار الحرب ضد العراق دون أن يكون مدرجا في حسابات ومبررات هذا القرار مسألة امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل أو اتهام نظام بغداد بالتعاون مع تنظيم القاعدة أو حتي مجرد الإشارة إلي قضايا الديكتاتورية وغياب الديمقراطية وعدم احترام حقوق الإنسان. كان المطلوب- أمريكيا- ضربة كبري تلفت الأنظار وتساعد علي استعادة الهيبة ووقع الاختيار علي العراق وصدام حسين كصيد يسهل إعداد ملف له بمختلف أنواع الاتهامات والذرائع!. وكانت هناك للأسف عوامل إقليمية ودولية فضلا عن صيحات عناصر المعارضة العراقية المصنوعة بأيد أمريكية هي التي شجعت إدارة الرئيس بوش علي المضي في اتجاه الحرب ضد العراق وعدم الالتفات لأهمية ما صدر من تحذيرات رسمية وشعبية في معظم عواصم العالم تعبيرا عن رفض مبدأ الحرب سواء كانت استباقية أو انتقامية!. ولم يكن قد مضي سوي أسابيع قليلة علي سقوط بغداد عام2003 بعد الضجة الهائلة التي أثيرت حول امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل كمبرر للحرب حتي اتضح للجميع بمن فيهم الأمريكيون أنفسهم أن جميع الذرائع القانونية والسياسية والأخلاقية التي جري الترويج لها لم تكن صحيحة بل إن هناك من يقولون إن من اتخذوا قرار الحرب كانوا يعرفون أن المسألة تلفيق في تلفيق حيث لاتوجد في العراق أسلحة دمار شامل ولا تتوافر لنظام صدام أية إمكانية حقيقية لتهديد أحد وأنه أبعد ما يكون فكريا عن الالتقاء والتواصل مع تنظيم القاعدة. إنها مجرد خواطر طافت بذهني في إطار محاولة مستمرة لفهم ألغاز السياسة الأمريكية ومتغيراتها وعلي ضوء ما تسرب من وثائق أمريكية مذهلة علي موقع ويكيليكس وتحت مظلة اليقين بأن الشعوب التي تتعالي علي قراءة التاريخ واستخلاص دروسه ربما تعرض نفسها لدفع أثمان باهظة في نهاية المطاف من نوع ما يتعرض له العراق حاليا مهددا لوحدة ترابه الوطني علي ضوء رغبة الأكراد في الانفصال عن الجسد العراقي سياسيا وجغرافيا.
خير الكلام: ** من يخضع لأطماعه مثل من يشرب ماء البحر... كلما شرب ازداد عطشا! [email protected]