انفجرت إحدي أهم منجزات العولمة في وجه زعيمة أعلي مراحل الرأسمالية في العالم الولاياتالمتحدةالأمريكية, عندما استخدم الثائر رغم أنفهجوليان أسانج موقعه الاليكتروني ويكيليكس في فضح النفاق الأمريكي وغير الأمريكي في التعامل مع القضايا الدولية لقوي الهيمنة العالمية, لخلق عولمة دولية تناسب الرأسمالية المتوحشة, يستفيد منها الكبار الثمانية, وعلي رأسهم الولاياتالمتحدة, وتهضم حقوق الشعوب النامية, لتزداد فقرا وجهلا وبؤسا علي بؤس, فلا أمل في المنافسة الانتاجية, ولا عدالة تحفظ حقوقهم ومصالحهم في التنمية المستقلة. ومادام هناك ظلم فلابد أن يولد ثوار يرفضونه, ويشهرون أسلحتهم في وجهه, وكانت الأسلحة هذه المرة وثائق ويكيليكس المسربة التي فضحت أدوات الهيمنة والتسلط والعنصرية, فوجدت من يسربها, ومن ينشرها, وقامت الدنيا ولم تقعد حتي الآن بعد أن أطلت الحقيقة العارية وفرضت علي كل الأطراف العمل الجدي.. فقد حانت ساعة العمل الثوري! العمل الثوري ليس بالضرورة عنيفا غاضبا, بل علي العكس لابد أن يكون هادئا منظما, حتي يستطيع أن يحقق أهدافه الكبري تراكميا, الواحد بعد الآخر, حتي يضمن الاستمرارية, وضمان رفع الظلم عن المستضعفين, فكما تنسق الدول الرأسمالية الكبري فيما بينها لإحكام السيطرة علي العالم بين فكاك الشركات الفوق قومية, فعلي الثوار في عصر العولمة التنسيق فيما بينهم لإيجاد أساليب وبرامج تعاونية, للدفاع عن حقوق الشعوب الضعيفة, التي أنهكها الاستعمار والتخلف, وإذا كانت أدوات الهيمنة تجري في الخفاء, فالآن مواجهتها لابد أن تكون في العلن! تسريبات ويكيليكس مليئة بالثرثرة وربما ما أظهرت لم يكن مخفيا عن المراقبين والمحللين للأحداث, ولكنها أكدت سوء الظن بقوي الهيمنة, الذي كان يعاني أصحابه من تهمة الاصابة( بنظرية المؤامرة), رغم ارتكاب المؤامرات جهارا نهارا, ولا تحتاج إلا الاشارة إليها, ومن يجرؤ علي الكلام يتهم بالمرض النفسي, الذي يرجع السبب النهائي لكل الأحداث السياسية والاجتماعية والأحداث التاريخية إلي عصبة متآمرة بشكل منظم, تعمل في الخفاء, وتدير الأحداث من الكواليس الغامضة. أكدت نظرية ويكيليكس الثرثارة أن المؤامرات منتشرة كالطاعون, وما علينا إلا مواجهتها, بدلا من التعامي عنها, فندعها تسوقنا إلي حيث ما لا نحب ونرضي. ويكيليكس الثرثارة نشرت أكثر من مليون وثيقة عن حربي العراق وأفغانستان أكثر مما نشرته كل وسائل الاعلام الدولية التي تواطأت مع قوي الغزو والهيمنة التي تتحكم فيه, بينما استطاع الموقع الالكتروني نشر وثائق سرية بفريق لا يتجاوز5 أفراد, وهذا يعني أن الروح الثورية لرفع الظلم عن الضعفاء, ومحاربة الفساد بكل أشكاله, مازالت تجد لها من أنصار يسربون وثائق حقيقية وتجد فدائيين للتصدي للقوي الدولية الجبارة, وتفضح أطماعهم علي حساب الإنسانية, أسانج تحول من قرصان للكمبيوتر إلي ثائر عالمي, يلتف حوله لحمايته نشطاء حقوقيون للدفاع عنه وعن حقوق الإنسان حول العالم, فربما تنجح نظرية ويكيليكس الثرثارة في ما لم تنجح فيه نظرية المؤامرة المدانة مسبقا مهما قدمت من أدلة وحجج! سبق أن فضح الزعيم الشيوعي فلاديمير لينين أكبر مؤامرة في تاريخ العرب عند وصوله للحكم في روسيا القيصرية عام1791 وهي اتفاقية سايكس بيكو السرية بين بريطانيا وفرنسا وروسيا, وتم فيها تقسيم المنطقة العربية الخاضعة للامبراطورية العثمانية فيما بينهم, بعد سقوط تركيا في الحرب العالمية الأولي, مما أحرج القوي الاستعمارية في ذلك الوقت, وكشف نفاقها بخرق وثائق التفاهم بين الشريف( حسين بن علي) حاكم مكة, وسير( آرثر مكماهون الممثل الأعلي لمملكة بريطانيا في مصر. أراد لينين كشف أن نمو الرأسمالية الكبير, لابد أن يفضي إلي استعمار الأمم الضعيفة, وكثائر يرفع شعار الأرض والخير والسلام, دعا إلي تحرير الأمم المستضعفة, وحقها في تقرير مصيرها, فأوجد نظرية اقتصادية سياسية مقابلة للقوانين التي تحكم التطور الاقتصادي والسياسي للرأسمالية في عصر الاستعمار, واستطاع أن يكون زعيم أول دولة شيوعية, تقوم علي تعاليم ماركس و انجلزللبناء السلمي للاشتراكية في الحياة الواقعية, ورغم أن الاتحاد السوفيتي قد انتهت تجربته, إلا أن الأفكار الاشتراكية مازالت قائمه حتي في البلاد التي تعتبر رأسمالية, بإتباع أفكار تجمع بين حسن الإدارة الرأسمالية, والقضاء علي الفوارق بين الطبقات, وتأمين الطبقية الوسطي علميا وصحيا واجتماعيا, والقضاء علي الفساد وزيادة الضرائب.. بالطبع التاريخ لا يعيد نفسه علي الاطلاق, ولكن حكمة التاريخ لا تتغير, فمادام هناك مظالم تستدعي الثوار, بمختلف أنواعهم, لاستنفار الجماهير المسحوقة, ولكل عصر أدواته التي تقدم أشكال متطورة للنضال مبتكرة, كما فعل أسانجالذي ربما لا يستطيع أن ينجو بفعلته, التي شبهها البعض انها الضربة الثانية لأمريكا بعد هجوم11 سبتمبر الإرهاب, ولكنها لن تغزو بلده الأصلي أستراليا أو البلد الذي صدر منه موقعه السويد, كما فعلت في أفغانستان التي أوت بن لادن, ولا مثل العراق الذي جردته من الأسلحة, وأصرت علي أنه خطر علي السلام الدولي!! ثوار اليوم لا يحملون بالضرورة أيديولوجيات كبري أو فلسفات عميقة ولكنهم أشخاص عاديون وجدوا بين أيديهم أساليب غير عادية للتعبير عن ثورتهم الداخلية ضد الظلم فهم ليسوا من عينة برومثيوس سارق النار ولا سبارتاكوسمحرر العبيد, ولا أنبياء, أو فلاسفة كماركس الذي تنبأ بوصول الرأسمالية لمرحلة الكوزموبوليتية الحالية أي عابرة للقوميات بحثا عن العمالة الرخيصة والمواد الخام المتوفرة واستثمار رؤوس الأموال في أسواق مفتوحة, ولكنه تنبأ أيضا بفوضي عارمة اجتماعيا في شكل انتفاضات متتالية للمظلومين والمهمشين! مما جعل أتباعه من المفكرين يقرون حتمية الحل الاشتراكي في وقت من الأوقات. انتشال الفلاحين والعمال والموظفين لم يعد فقط يرتبط بهيكلة المجتمع الداخلي ولكن العالمي أيضا لذا فإن النضال من أجل رفع مثل هذا الحجم من الظلم يحتاج إلي تكاتف كل الثائرين علي هذه الأوضاع, بعد أن توفرت وسائل سلمية فعالة, لتشكيل عولمة إنسانية تحترم كل الأديان والأعراق وتعطي الحرية للمجتمعات لاختيار النظم الاقتصادية التي تؤسس للحرية الاجتماعية الحقيقية, فلا حرية لمجتمع يعيش علي الصدقات والهبات الموسمية! أصحاب المصلحة في تشكيل عولمة إنسانية بديلة كثيرون, وأصحاب المصلحة في العولمة الأحادية الفارضة للقيم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الخاصة بالرأسمالية الشرسة أقوي, لذا ليس علي الضعفاء إلا الاتحاد معا والتعاون من أجل التأثير الإيجابي للحصول علي الحق في الحياة وصدقت سيدة سيدات العرب أم كلثوم عندما غنت للشاعر محمد اقبال فأنشدت: وبالتوحيد للهمم اتحاد, ولن تبنوا العلا متفرقين! المزيد من مقالات وفاء محمود