في غفلة من الجميع تحولت الساحة الانتخابية علي مقاعد البرلمان.. إلي ساحة للحرب والقتال, اختفت الحجة والرأي والبرامج الانتخابية والوعود بالوظائف وتحسين الاحوال الصحية والاقتصادية والمعيشية للمواطنين . وظهرت السنج والسيوف والبلطجية. وخطف المرشحين لبعضهم البعض.. وانتشرت ظاهرة العنف لتأمن الطريق الي البرلمان لكل من يملك أعدادا أكبر من البلطجة وخططا لمعارك حربية بين المرشحين لسد الثغرات وغلق كل الطرق بكل الوسائل أمام المرشحين .. لماذا وصلنا الي هذا الحد؟ ولماذا تحولت ساحة الانتخابات إلي معارك بالسنج والسيوف والاموال؟ وكيف نعيد المنافسة بالبرامج والافكار والحجج والمنطق إلي الحياة النيابية في مصر؟ سؤال طرح نفسه بقوة علي رؤساء الاحزاب في مصر ليقدموا هم الاجابة الوافية التي تضمن بعد ذلك عدم تكرار تلك المآسي الدرامية في الانتخابات التشريعية. حرفة البلطجة يقول الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع.. البلطجة حرفة الي ممول مادي لكي يسرق منك صوتك إما بالمنع المباشر وهو خوفك من الذهاب الي صناديق الاقتراع, أو إجبارك علي منح صوتك بمقابل أو بدون لمرشح بعينه.. والذي يستعمل البلطجي هو القادر ماديا.. لأنه أنفق آموالا طائلة ملايين الجنيهات في الدعاية ويحتاج الي بلطجية ليستردها أضعافا مضاعفة, واستدل علي ذلك بقيام اتباع احد المرشحين من البلطجية باحضار كراتين من الاموال ونثرها أمام اللجنة فوق رأس المرشح ويغنون الفلوس أهه فهذا كان هو بداية الطريق لتحويل الساحة الانتخابية الي معارك حربية. ويضيف د. السعيد أن القضية الاساسية في أي انتخابات قادمة هي تفعيل قانون منع البلطجة.. فهذه جريمة مركبة وتهزم في كل جولة الديمقراطية باقتدار. نحن نعرف الحل أما منير فخري عبدالنور سكرتير عام حزب الوفد فيقول.. من يخسر هو الشعب لان الرابح الاكبر هو البلطجي والفاسد المتعدي علي القانون.. كل الناس تعرف الأزمة وايضا تعرف الحل الذي يتمثل في تشريع جديد يغلظ العقوبة علي بلطجية الانتخابات. الكتل الصامتة نعم تحولت ساحة المنافسة الشريفة بين الاحزاب والمستقلين علي مقاعد مجلس الشعب الي ساحة حرب.. وظهرت الخطط الحربية للتخلص من المرشحين بعضهم البعض المستقلين والكل شارك في ذلك معارضة ومستقلين وحكومة.. الكل أعد الخطط لاغتيال الحياة الانتخابية وهو يظن أنه يخدم مصلحة الوطن ولكن في النهاية يخدم مصلحته هو الشخصية كلمات بدأ بها مصطفي موسي رئيس حزب الغد رؤيته عن أسباب تحول الساحة الانتخابية الي ساحة قتال, وأضاف أن سبب ذلك يرجع لشقين.. الشق الاول هم المرشحين انفسهم.. وحدوث تجاوزات من الاخوان المسلمين ومن المرشحين المستقلين وبعض من مرشحي الحزب الوطني. والشق الثاني تتحمله الدولة بكل اجهزتها والتي إما أنها تغض النظر عن هذه الظاهرة التي تأكل الاحزاب وتدمر الحياة النيابية في مصر, أو أنها تتدخل الي الحد الذي يخدم مصالحها.. لابد أن يكون هناك حل تطرحه الدولة للقضاء علي هذه الظاهرة ولابد من حيادية الامن في التعامل مع انصار المرشحين فليس كل انصار الاحزاب, بلطجية إلا الحزب الوطني..وليس كل مستقل يشتري الاصوات فيجب ألا تستخدم مكيالين في التعامل مع الاحزاب لان ذلك سوف يقضي علي الاحزاب ويترك الساحة للاخوان وللكتل غير الشرعية لتتلاعب كيفما تشاء بالبلد خاصة انهم يعرفون خريطة اللعب بالبلطجة أكثر من الدولة نفسها. ظاهرة قديمة ويري وحيد الاقصري رئيس حزب مصر العربي أن ظاهرة البلطجة ليست حديثه ولكنها في كل عام تشتد حدتها.. والحل سهل وبسيط يبدأ بمعرفة السبب وهو الانتخاب بالنظام الفردي الذي يحول المرشحين الي ثيران هائجة تستخدم كل ما هو متاح للفوز بالكرسي.. فالنظام الفردي هو الذي يخلق الفوضي.. والحل في استخدام القائمة النسبية التي تجعل الافراد يختارون برامج انتخابية وليس أفرادا. كما أن الدولة يجب أن تغلظ عقوبة بلطجة الانتخابات بعدما تحولت الي ظاهرة.. ويجب أن ترتفع من3 سنوات الي51 عاما ويجب الا تسقط بالتقادم, كما يجب أن تكون هناك عقوبات علي المرشحين أنفسهم الذين يستعينون بالبلطجية ليكون عبرة لمن يأتي بعدهم وإلا سوف تحكم مصر بعد ذلك قوة السلاح والاموال ولن يكون هناك مكان تحت القبة للمفكرين واصحاب الرأي. كما أن الاشراف القضائي الكامل علي العملية الانتخابية هو الضامن الحقيقي لحياة حزبية نظيفة خالية من البلطجة وهي قوة أكبر من كل القوانين والحيل التي يفكر فيها الجميع. ويري ممدوح قناوي رئيس الحزب الدستور الاجتماعي الحر ان الانتخابات فقدت أهم ما يميزها هذه المرة, وهي المنافسة الحرة النزيهة بين الاحزاب.. وبفعل المال والعنف والبلطجة المنظمة أجبرت الاحزاب علي ترك الساحة بعدما اتخذت منعطفا آخر وهو البلطجة التي حولت الحياة الحزبية الي ساحة نزال لا تجيد معظم الاحزاب الخوض فيها.. فانسحبت تاركة الساحة الي أقلية من المستقلين قليلي الخبرة, والي الكتل غير الشرعية لتشكل هي قاعدة الحياة النيابية في مصر, بعد ما استطاعت بعض القوي مستخدمة سلاح البلطجة والاموال التخلص من الاحزاب وسط صمت الجميع. والحل كما يري ممدوح قناوي عودة الحياة الحزبية الي الشارع العربي بأن يقوم الرئيس بعمل اصلاح سياسي وانتخابي واسع يقضي به علي كل فرص البلطجة واصحاب رؤوس الاموال حتي يضمن تمثيل كل التيارات السياسية في مصر.. وأن يعطي فرصة لكل الاحزاب في وسائل الاعلام مرة أسبوعيا لتعلن عن آرائها السياسية والاجتماعية والاقتصادية بما يحقق مبدأ العدالة السياسية وينعش الحياة الحزبية في مصر. حرية أكثر أما أحمد حسن الامين العام للحزب الناصري فيري أن الحياة الحزبية الصحيحة لا يمكن ان تقوم وسط جو من الخوف والبلطجة. وانه لكي تتم المنافسة الشريفة في الانتخابات في مصر لابد من تفعيل الدستور والسماح للاحزاب بصفتها مؤسسات دستورية بالعمل بين العمال والطلاب بدلا من الكتل غير الشرعية, وكذلك السماح للاحزاب بعمل مؤتمرات كبيرة في اماكن بها تجمعات كبيرة لعرض برامجها. والمشاركة بشكل صحيح في الحياة السياسية.. وكذلك الغاء قانون الطوارئ والقوانين التي تحد من وجود الاحزاب بالشارع المصري. أما ظاهرة البلطجة فالدولة وحدها هي القادرة علي القضاء عليها بحكم القانون وتشديد العقوبات. نشر الوعي يري المستشار أحمد الفضالي رئيس حزب السلام الديمقراطي أن زمام المبادرة يجب أن يأتي من الحزب العملاق الحزب الوطني.. وأن يدعو الاحزاب الي الحوار ووضع منظومة عملية لا شكلية للانتخاب في مصر.. وأن يعطي الفرصة للاحزاب الجادة الفعلية لا للأحزاب الشكلية للمشاركة في العملية السياسية في مصر عن طريق فتح ساحات من الحريات الاعلامية والسماح بعمل مؤتمرات شعبية وتطبيق مبدأ المساواة بين الاحزاب.. ويجب أن تشترك جميع الاحزاب والكتل السياسية في مواجهة ظاهرة البلطجة التي بدأت تسيطر علي صوت العقل في اختيار المرشحين لمجلس الشعب خاصة, وذلك باستخدام القوائم النسبية التي تضع أمام المصريين اختيارات سياسية مختلفة في قائمة واحدة, وبالتالي سوف يكون هناك حزب ثان وثالث ورابع بعد الحزب الوطني.