اكدت نتائج انتخابات مجلس الشعب التي شهدتها مصر اخيرا مجموعة من المؤشرات والدلائل المهمة التي تدعو الي التفسير والتحليل, ولعل من اهم تلك الدلائل ان اختيار المواطنين لممثلي الشعب الذي تم من بين احزاب متعددة ومتنافسة, وفي ضوء ما أكدته القيادة السياسية من ان الانتخابات سوف تكون حرة ونزيهة, وسوف تجري بكل امانة وحيدة, وانما كان بحق تأكيدا علي صدق الكلمة, ونجاح الممارسة الديمقراطية الصحيحة. ومع تشكيل مجلس الشعب الجديد, فإن التساؤلات التي تطرح نفسها هي ماذا يريد المواطنون من المجلس الجديد, وما هو الدور المرتقب الذي يتوقعه المواطنون من المجلس, وما هي الضمانات التي تكفل نجاح وفاعلية اداء المجلس خلال المرحلة المقبلة. إن شعب مصر يتطلع الي الدور المرتقب بمزيد من التفاؤل والآمال بأن يكون مجلسا متميزا بكوادره وقدراته واعماله علي تحقيق آمال الشعب في احداث التطوير الشامل لجميع السياسات التي تستهدف زيادة معدلات التنمية ورفع معيشة المواطنين, وايجاد حلول لكل المشكلات التي تواجه المواطن في حياته اليومية خلال المرحلة المقبلة. وفي اطار هذه الاهداف والآمال التي يتطلع إليها المواطنون, فإنه يمكننا ان نستنتج مجموعة من التوقعات الايجابية التي سوف يرتكز عليها اسلوب عمل المجلس الجديد خلال دورته البرلمانية المقبلة, وفي مقدمة هذه التوقعات ما يلي: سوف يتميز المجلس الجديد بأنه مجلس قوي يعبر عن ارادة الشعب, حيث نجد في مناقشاته الرأي والرأي الآخر, والفكر الخلاق, والرؤية الجديدة لقضايا المجتمع,والتعاون مع الحكومة في دراسة المشكلات, وايجاد حلول لمختلف القضايا التي تواجه كل المواطنين. و سوف تتميز الممارسة والمناقشات داخل المجلس بالموضوعية والنضج والعمق السياسي الذي يؤهل ويرسخ قواعد الممارسة الديمقراطية الصحيحة. و سوف يكون الالتزام الوطني لعضو المجلس هو الأصل قبل التزامه الحزبي, وسوف يكون اخلاصه وولاؤه للوطن قبل ان يكون للحزب الذي ينتمي إليه, كما سوف يوجد عضو المجلس بدائرته بصورة منتظمة حتي يستطيع التعرف علي مشاكلها, والعمل علي حلها بأقصي طاقة ممكنة, و سوف يكون هناك انتظام في حضور جلسات المجلس ولجانه المتخصصة, ولن نجد مقاعد المجلس خالية من اصحابها, وسوف يكون هناك تركيز ومتابعة لمناقشات المجلس بدلا من ملاحقة الوزراء للحصول علي تأشيرات ليس مكان الحصول عليها في قاعة المجلس اثناء المناقشات. لن يكون هناك خلط في مفهوم العلاقة بين عضو المجلس وبين السلطة التنفيذية, فقد اثبتت الممارسات السابقة ان البعض قد يتصور خطأ انهم فوق القانون رغم انها حماة القانون ومن ثم لن تكون تصرفات البعض مع الاجهزة الحكومية والوحدات المحلية مبنية علي الضغط علي السلطة التنفيذية للحصول علي مزايا واستثناءات لاشخاصهم او لمواطنيهم في دوائرهم الانتخابية, قد تخالف القوانين والقواعد المقررة التي تنطبق علي سائر المواطنين, كما انه لن تكون هناك وساطة لاحد من المواطنين او استجابة لاي طلب إلا بالعدالة والحق ولن يكون هناك تناقض بين القول والفعل, وسوف تكون هناك قدوة في العمل والإنجاز. وأخيرا سوف يكون هناك مصارحة كاملة مع المواطنين بجميع الحقائق والمعلومات, والرد علي اسئلتهم واستفساراتهم, وتعريفهم بالجهود الي تبذلها الدولة في جميع المجالات, وكذا مجموعة القيود والتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تؤثر وتعوق حركة التنمية, ودور المواطنين انفسهم في مواجهة تلك القيود والمساهمة في خدمة قضايا المجتمع.