اليوم موعدنا..28 نوفمبر2010.. المصريون نساء ورجالا.. شيوخا وشبابا.. مشاركون.. فاعلون.. مؤثرون.. ليسوا مدعووين أو مشاهدين أو متفرجين, ولكن يصنعون معا مستقبل بلادهم ووطنهم.. يدشنون عبر أصواتهم وتلاحمهم وتعاطفهم وباختيارهم وإرادتهم الحرة برلمان مصر القادم.. يعلون القيم ويظفرون بنصر العقل وحساباته علي العواطف والتعصبات المقيتة. هذا اليوم المشهود يسجل في تاريخنا.. فهو يوم اختبار دقيق وحساس وصعب للجميع, حكومة وشعبا, أفرادا ومؤسسات وأحزابا.. يوم نحتسبه للوطن.. لمصر.. وهي قطعا تستحق أكثر, فهي تملك كل أيامنا وليس يوما واحدا. لذا لا بد أن نعلو معا علي الحسابات الصغيرة, علي المكسب والخسارة المحدودة مهما تكن الحسابات. فالوطن يجب أن يفوز, ولن تفوز مصر بالصراعات أو العنف أو سقوط ضحايا في أثناء انتخابات وتنافس بين أبناء وطن واحد, يجب أن تعلو ديمقراطيتنا, وأن تتكرس حريتنا ومشاركتنا, وقدرتنا علي الاختيار واتخاذ القرار, وهذا لا يحققه الغاضبون أو المتوترون أو المتأثرون بالدعايات المغرضة أو المتقاعسون عن المشاركة. مشاركتكم اليوم في الانتخابات بكثافة وبنسب كبيرة هي رسالة للوطن في الداخل والخارج, مضمون الرسالة لن تخطئه العين, فهو يقول ببساطة وقوة في الوقت نفسه: إن المصريين قادرون ويستطيعون أن يحققوا أهداف وطموحات شعبهم ووطنهم, وأن يضعوه في مكانه الصحيح, والذي يستحقه بين الأمم والشعوب. ليس هذا شعارا, ولكنه هدف نسير إليه, ولن نتقاعس أو نتردد مهما علت أو ترددت أو حتي سكتت أصوات المغرضين والمحبطين بيننا ومن الخارج. سوف نسير ونحقق الأهداف التي نرجوها ونبحث عنها لمصر وللمصريين. مشاركتكم اليوم سوف تهزم الأنانيين الذين لا يبحثون إلا عن ذواتهم ومصالحهم, كما أنها ستكون رسالة جديدة لكل أبناء الوطن, إننا جميعا علي قلب رجل واحد.كلنا متعاونون ونكمل بعضنا بعضا.. فالذين وصلت اليهم يد الإصلاح الاقتصادي, وارتفعت دخولهم ويبحثون عن المزيد لن ينسوا باقي أبناء الوطن, والذين يتطلعون أن تمتد اليهم يد الإصلاح وثماره يجب أن تمتد إليهم الأيدي حتي نهزم الفقر حتي كل ربوع الوطن, ونضع مصر في مصاف الدول المتقدمة. أيديكم جميعا في أيدي شركائكم في الوطن.. أيدينا معا تصنع الكثير.. تقيم التحول والتغيير الحقيقي, وليس المصطنع والذي لا يحقق شيئا! اليوم موعدنا لنصنع الذي نريده, انتخاباتنا ليست غايتنا, ولكن هي أسلوبنا في الاختيار بمساواة وعدالة بين الجميع. ننتخب من يحترم نفسه, ومن يحترم القانون والدستور, فهذا هو من يحترم تاريخنا ويعرف مستقبلنا. *** هذا اليوم علي أهميته وتاريخيته ليس وحده في فرادته وتميزه, فالأيام- بل السنوات السابقة عليه- صنعته, وتؤكد مكانته. ولأننا نري في الاحزاب المصرية المشاركة قد أبدت كلها أو معظمها الروح الإيجابية المنافسة فإنها تستحق منا جميعا الإشادة بهذا الأسلوب الانتخابي النظيف والشريف, ونتطلع إلي مشاركتها في البرلمان القادم فالتقدم لا تصنعه الا روح المشاركة. الأحزاب المصرية التي شاركت كانت عند حسن ظن الوطن بها, لم تتلون, واندفعت للمشاركة بإمكاناتها وقدراتها, فصنعت تاريخية يوم الانتخابات المصرية المشهود. أما من تقاعس أو تردد فقد انزوي ووضع نفسه في المكان الذي يستحقه في هامش الأحداث, فصار جملة اعتراضية بلا تأثير!, أما من دخلوا الانتخابات تحت لافتة المستقلين فمنهم من غالطوا وخالفوا القانون والدستور وكذبوا علي ناخبيهم, ومثلوا جماعة دينية يحظرها القانون والدستور.. وأمرهم متروك للمجمع الانتخابي لمحاسبتهم اليوم, ثم للقانون للفصل في أمرهم بعد ذلك؟. *** مصرنا اليوم لن تتسامح مع من خرجوا علي القانون والشرعية, ديمقراطيتنا تكرست وأصبحت أقوي, هذا اليوم حققته أعمال وإصلاحات كبيرة شهدتها ربوع الوطن في العقود الماضية بالاستقرار والبعد عن الصراعات والحروب, وتبديد الموارد بلا طائل. كما صنعته وكرسته الإصلاحات الكبري التي طرأت علي أوضاعنا السياسية والاقتصادية في السنوات الخمس الماضية. انتخابات2005 وإصلاحاتنا السياسية والدستورية التي أعقبتها الانتخابات الرئاسية التنافسية الأخيرة, والتي جري في ظلها انتخاب رئيس مصر, أدت إلي حرية سياسية واسعة وارتفاع في مستوي معيشة المصريين وظروف حياتهم, كل هذا أوجد حراكا سياسيا وتحولا اجتماعيا كبيرا ظهر في إعلام واسع وأصوات كثيرة, بل في حركات سياسية معارضة ومتعددة, بل إن كثيرا من المتابعين للشأن المصري يرون أن الجماعات التي تعارض في مصر الآن أكثر الفئات التي استفادت من الإصلاحين السياسي والاقتصادي بما أدي إلي تغيير اجتماعي كبير لديهم. حتي إنهم وبفعل عناصر كثيرة- داخلية وخارجية- يتحولون تدريجيا لتكوين اللوبي أصحاب الصوت العالي أو الذين أغرتهم المزايا فيؤثرون أنفسهم بها ويثيرون الدنيا ضجيجا حول إصلاحاتنا في حين انهم عمليا يقفون ضد مزيد من الإصلاحات في مصر,بل يدفعون المجتمع والناس للفوضي والاضطراب حتي لا تتأثر أوضاعهم ومكانتهم التي ظهرت بفعل التغيير الذي وضعهم في مصاف الأحداث, ولا يريدون الآن استمراره حتي لا تطفو جماعات جديدة وظروف متغيرة قد تقلل من مكانتهم أو شأنهم المجتمعي. وهذا ما حرص حزب الأغلبية علي تأكيده إنه ليس ضد أحد, ولكن يجب استمرار الإصلاحات ومناخ العمل والجدية نفسه حتي يستفيد الجميع, ويتغير المجتمع ويتطور وينمو كل أفراده ومواطنيه, فثمار الإصلاح ليست حكرا علي أحد بل لكل المصريين. ولذلك كان هناك حرص في المناخ السياسي والإعلامي بكل قنواته ومختلف منابره علي إتاحة فرص متكافئة لكل الأحزاب والمرشحين عبر لجان فنية ومتخصصة ومحايدة, وارتفعت الحكومة وأجهزتها خاصة الأمنية منها, والتي تحملت كل الضغوط في الشارع السياسي, والحماسة التي أدت بالبعض إلي استغلال المناخ للإساءة إليها خاصة ما حدث في العمرانية بالهرم أو حتي ما حدث من إرهاب للمتطرفين في الإسكندرية وبعض المحافظات فتحملوا الجميع, وكانوا قدوة للحفاظ علي الوطن وعلي الوحدة الوطنية. كما ارتفعت الحكومة الي مستوي المسئولية الوطنية, ولم تقع فريسة للتعصب أو تأييد حزب علي حزب.. بل تركت إدارة العملية الانتخابية بالكامل حسب ما نظمها القانون إلي اللجنة العليا للانتخابات. بل يحسب للحزب الوطني حزب الأغلبية أنه كان أكثر حرصا علي تنفيذ قرارات اللجنه العليا للانتخابات حتي ولو جارت علي حقه.. وتم تنفيذ كل الأحكام القضائية والمحاكم الإدارية سواء بضم مرشحين أو تغيير الصفة بلاتبرم أو رفض, فالكل أمام القانون سواء. لقد شهدت مصر تغييرا خلال فترة المعركة الانتخابية, فارتفع كل المرشحين والأحزاب ومعظم المستقلين فيما عدا الجماعات الخارجة علي القانون والمحظورة, فكان هدف الأحزاب والدولة أن ترتفع مكانة الديمقراطية والحرية في مصر ككل درجات أكثر تقدما, وليس تحقيق مصالح فريق دون آخر. أما اللجنة العليا للانتخابات فقد أثبتت قدرتها علي الحسم واتخاذ القرارات للخروج بالانتخابات المصرية إلي بر الأمان عبر تمكين المجتمع المدني المصري بكل قواه وممثليه من مراقبة سير العملية الانتخابية منذ فتح باب الترشيح, وحتي وضع الأصوات في الصناديق, ثم عبر قرار فرز الأصوات بعيدا عن أقسام الشرطة ووسط رقابة المجتمع والمرشحين والجماعات المدنية, وعبر إصرارها علي تحقيق كل شكوي علي رأس كل لجنة, ضمانا لسير العملية الانتخابية خلال اليوم والأيام الماضية وإصرارها علي منع الشعارات الدينية وتطبيق القانون وتوجهها لمواجهة البلطجة والبلطجية, ووقف أي عمليات تزوير أو رشوة, أو استخدام العنف أمام اللجان أو خلال سير الانتخابات, عبر زيادة القضاة أمام اللجان العامة حتي يتمكنوا من تطبيق القانون, وتحقيق الشكاوي وإعطاء كل صاحب حق حقه بلا تخويف, وبقي أمامنا ساعات قليلة فيما يحدث اليوم وبعد الفرز لكي يعلو صوتنا وتتكرس قدرتنا علي أن نتحمل المسئولية ولا نسمح لأي غريب أو دخيل أن يتدخل في أخص شئوننا الداخلية في انتخاباتنا واختيار ممثلينا. كل ذلك يعطينا ثقة في العملية الانتخابية ونزاهتها, وحماية أصوات الناخبين حتي تصل بمرشحيهم إلي البرلمان.. أما الذين يحاولون التيئيس أو التخويف أو الفشل أو إثارة الشائعات حول التزوير, أو إهالة التراب علي تجربتنا السياسية, فيجب أن يتوقفوا عن التعميم, وأن يرصدوا أي حالة مخالفة, ويضعوها علي حدة, ويطالبوا بالتحقيق, لأننا نملك مؤسسات ولأننا دولة قوية وقادرة ونزيهة, ومصممة علي السير في الإصلاح والتطور, حتي يصل إلي مداه. وإننا نثق في قدرة المصريين ودولتهم ونظامهم واتحادهم ووقفتهم الوطنية علي تحقيق هدف الوطن في النمو السياسي والاقتصادي والاجتماعي. [email protected]