تسيطر مشاعر الترقب والتحسب تجاه حاضر ومستقبل الاقتصاد المصري علي المزاج العام للمصريين وهم مقبلون علي الانتخابات, فبينما يصف18% من المصريين الوضع الاقتصادي في البلاد بأنه جيد, فإن النسبة الباقية وهي الأكبر كثيرا تعتبره سيئا. تقييم المصريين للوضع السياسي العام في البلاد أكثر إيجابية من تقييمهم للوضع الاقتصادي فيها, فنسبة تبلغ27.2% من المصريين تعتبر الوضع السياسي العام في البلاد جيدا, فيما تعتبره النسبة الباقية غير ذلك, مع ملاحظة أن نسبة من يعتبرون الوضع السياسي بالبلاد جيدا ترتفع بين من ينوون التصويت غدا لتصل إلي31.7%. ورغم أن الاتجاه العام السلبي مازال قائما, إلا أن الفارق المهم بين آراء الناس تجاه الوضعين الاقتصادي والسياسي يشير إلي نضج الرأي العام وقدرته علي التمييز بين المجالات المختلفة السياسية والاقتصادية, وإلي أن الآراء السياسية للناس لا تتكون بشكل ميكانيكي بسيط بناء علي خبراتهم وآرائهم الاقتصادية. يتأكد هذا عند النظر في تقييم المصريين لحالة الديمقراطية في مصر في الوقت الراهن, فبينما يري21.6% من المواطنين أن مصر لم تحقق سوي تطور ديمقراطي محدود, فإن56.3% منهم يرون أن مصر حققت مستوي متوسطا من التطور الديمقراطي, فيما يري15.9% منهم أن مصر حققت مستوي متقدما من التطور الديمقراطي. المواطنون العاديون, في مصر كما في بلاد العالم الأخري لا يفهمون كثيرا في تفاصيل الاقتصاد وعلومه, لكن هذا هو الرأي الذي تكون لديهم نتيجة الخبرة المباشرة ونتيجة لما تنقله لهم وسائل الإعلام وما يتناقله الناس فيما بينهم شفويا. لكن المواطنين العاديين يدركون جيدا الأوضاع الاقتصادية لأسرهم, ويستطيعون أن يقدموا تقييما أكثر دقة لها, ولهم في هذا الشأن رأي يختلف عن رأيهم في الاقتصاد المصري ككل. فقد وصف43.6% من المصريين الوضع الاقتصادي لأسرهم بأنه جيد, فيما اعتبرته النسبة الباقية غير ذلك, أما بين من ينوون التصويت غدا فقد ارتفعت نسبة من يعتبرون الوضع الاقتصادي لأسرهم جيدا إلي46.3%. التفاوت بين تقييم الوضع الاقتصادي العام للوطن والوضع الاقتصادي الخاص للأسرة يشير إلي الفجوة التي تفصل المجالين العام والخاص في مصر, وإلي اضطراب العلاقة بينهما, وهي الفجوة التي يمكن ملاحظتها في جوانب مختلفة ذات صلة بالرأي العام المصري. الرؤية السائدة بين المصريين بشأن المستقبل ينقصها التفاؤل. فبينما يتوقع13.3% فقط من المواطنين أن الوضع الاقتصادي العام في مصر سيتحسن خلال السنوات الثلاث القادمة, إضافة إلي16.5% منهم يتوقعون أن الوضع الاقتصادي سيبقي علي حاله, فإن النسبة الباقية وهي الأكبر تتوقع أن تصبح الأوضاع الاقتصادية العامة في البلاد أكثر سوءا. نقص التفاؤل يبدو أكثر وضوحا عند ملاحظة رأي الناس في مستوي معيشة الجيل القادم, فيبنما يري11.1% من الناس أن مستوي معيشة الجيل القادم ستكون أفضل من مستوي معيشة الجيل الحالي, إضافة إلي11% منهم يرون أنها ستكون عند نفس مستوي معيشة الجيل الحالي, فإن النسبة الباقية وهي الأكبر بكثير تتوقع للجيل القادم ظروفا أسوأ من الظروف التي يمر بها الجيل الحالي. غير أن التشاؤم الذي لاحظناه في تقييم الناس لمستقبلهم الاقتصادي ينقلب تفاؤلا عندما يتعلق الأمر بالمستقبل الديمقراطي للبلاد, إذ وصلت نسبة المصريين الذين يرون أن مستقبل الديمقراطية في مصر سيكون أفضل مما هو عليه الآن إلي68.7%, وترتفع تلك النسبة بين من ينوون التصويت غدا لتصل إلي72.9%. وأخيرا فبينما يعتقد55.4% من المصريين في قدرة الحكومة علي مواجهة المشاكل الرئيسية التي تواجه مصر زيادة الأسعار(50.6%) حسب رأيهم, فإن تلك النسبة ترتفع بين من ينوون التصويت غدا لتصل إلي58.1%. ربما كانت المفارقة الأهم بين رؤية النخب المثقفة, بما فيها تلك القريبة من الحزب الوطني الديمقراطي, وبين رؤية وتقييم عموم الناس هي تلك المتعلقة بتقييم التقدم والإصلاح الحادث في المجالين الاقتصادي والسياسي. فبينما يوجد اتجاه غالب بين المثقفين يثمن الإصلاحات الاقتصادية التي تحققت في مصر خلال السنوات الماضية, وهو ما لاحظنا أن أغلب المواطنين يختلفون معه, فإن الرأي السائد بين كثير من المثقفين يتجه إلي التقليل من أهمية الإصلاحات السياسية التي حدثت في البلاد, وهو ما لا يتفق معه أيضا الغالبية من عموم الناس. فالأغلبية من المواطنين(57.5%) يرون أن مصر أصبحت تتمتع بمستوي أعلي من حريات الصحافة والنشر والتعبير مقارنة بثلاث سنوات سابقة, فيما يري47.7% من المواطنين أن مستوي حرية ممارسة الاحتجاج والتظاهر والاعتصام قد تعمقت خلال الفترة نفسها, كما يري48.3% من المواطنين أن المواطنين أصبحوا الآن يتمتعون بمستوي أعلي من الحريات الشخصية بالمقارنة بما كان عليه الحال قبل ثلاث سنوات.