من الاحداث المبهجة ونحن في مطلع2010 ان تشهد السينما المصرية عودة مخرج في حجم وقيمة داود عبد السيد بعد ابتعاد نحو7 سنوات. وهذه العودة باختصار تمثل حدثا سينمائيا فهو احد القلائل الموجودين في السينما المصرية حاليا الذين يطلق عليهم لقب مبدع بل ربما يصل ودون مبالغة الي حد وصفه بالمفكر السينمائي وهو وصف كتبناه عنه هنا في هذه الصفحة في عام2004 عندما نال جائزة التفوق من الدولة عن مجمل افلامه لما يحمله من تفرد في طرح افكاره ورؤيته للواقع واحلامه وهمومه ومشاكله برؤي فكرية عالية القيمة. الاربعاء المقبل3 فبراير سيكون جمهور السينما علي موعد مع احدث ابداعاته رسايل البحر بطولة اسر ياسين وبسمة وهو الفيلم رقم8 في مشواره بعد الصعاليك والبحث عن سيد مرزوق والكيت كات وارض الاحلام وسارق الفرح وارض الخوف ومواطن ومخبر وحرامي. الحديث عن فيلم رسايل البحر يجدد الحديث عن الصديق الراحل احمد زكي فكان مقررا ان يكون هو بطل الفيلم, ولكن ارادة الله كانت اكبر من اي حسابات, وفي الحديث عن الفيلم ذكريات ومعان ذات قيمة. واذكر انني كنت شاهدا وحاضرا اول لقاء تم في حضوري بين النجم الراحل احمد زكي والمبدع داود عبد السيد واتذكر والله خير شاهدا انه في احد سنوات رئاسة الكاتب الكبير عادل حمودة رئاسة تحرير صوت الامة وفي احد اعياد الصحيفة السنوية وجه الدعوة لاحمد زكي للحضور مع نخبة من المبدعين وكنت يومها بصحبته والتقينا داود عبد السيد الذي كان من بين المبدعين المشاركين في الندوة وبعدها ذهبنا نحن الثلاثة الي فندق رمسيس هيلتون وبالطبع كان يعرف احمد زكي ان داود عبد السيد قارب علي الانتهاء من كتابة فيلم جديد لانه في هذا الوقت كان يبحث عن فيلم جديد وحسب مااتذكر فإن داود لم يكن يضع في حساباته أن يكون بطل الفيلم احمد زكي لأسباب عدة... المهم ان الليلة طالت وحملت ماحملت من احلام وذكريات ولكن احمد زكي كان لديه هدف واضح وهو الفيلم وبالفعل لم يطلع النهار إلا وكان ضمن تماما ان رسايل البحر هو فيلمه الجديد... وبعدها للاسف توالت الاحداث بسرعة بمرضة ورحيله واثناء المرض خرجت كتابات بعيدة عن الحقيقة ولم تكن في مكانها ولكن الحقيقة ان احمد زكي ظل متمسكا بالفيلم حتي آخر نفس, وهو نفس الامر بالنسبة للمخرج داودعبد السيد, ولكنها إرادة الله. السؤال لماذا هذه الحكاية الان... لأنني اردت ان أقول ما اعلمه وعن قرب. ان أحمد زكي رحمة الله كان يري في دادود عبد السيد قيمة كبيرة فنيا وقدما سويا واحدا من اجمل أفلام السينما وهو فيلم ارض الخوف ومن هنا فان تمسك احمد زكي بالفيلم حتي اخر نفس كانت نابعة من ايمانه بقيمة الفيلم اضافة الي قيمة مبدعة الكبيرة... ولهذا فان عودة داود عبد السيد للشاشة حدث فني لابد من انتظاره مهما كانت النتائج بعيدا عن حسابات السوق فالرجل ظل7 سنوات يقف وراء عمله وتعطيله كل هذه السنوات هو في حد ذاته ادانة لكل المنتجين ويكشف اننا في عصر سينمائي الاصل فيه العشوائية لان المنتجين جميعا هم المسؤولين عن ابعاد كل الحقيقيين والمبدعين... اسجل انني لم اشاهد الفيلم بعد ولكن شاهدته علي الورق كما كان يقول احمد زكي شاهدته اثناء جلسات العمل للتحضير لتصويره واختيار ابطاله ونتمني ان يكون خرج بالشكل الذي يليق باسم كل الذين شاركوا في خروجة للنور, وعموما فان تصدي الفنان الشاب اسر ياسين للبطولة يحسب له وهو كان من الذكاء ان يقول ان احمد زكي هو الذي اقنعني ببطولة الفيلم فهو يدرك ان موافقة فنان في حجم احمد زكي علي فيلم فانها تعطي له مصداقية واضافة, ويبقي ان نذكر ان رسايل البحر شارك في بطولته بسمة ومي كساب ومحمد لطفي وقد استغرق تصويره8 أسابيع, منها5 أسابيع في الأسكندرية والباقي بين مدينة6 أكتوبر واستوديو مصر, واستغل داود النوة في مشاهد الفيلم, وكانت من اهم المشاهد التي حرص علي أن يكون تصويرها طبيعيا.