أبقت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي علي سعر الفائدة ثابتا منذ بداية عام2010 وحتي الآن, بينما قامت اللجنة بإجراء سلسلة من التخفيضات المتتالية لأسعار الفائدة عام.2009 اعتقد الكثيرون أن البنك المركزي سيرفع سعر الفائدة خصوصا في اجتماعه في شهر نوفمبر, وذلك نظرا لأن معدل التضخم ارتفع بشكل كبير حيث بلغ حوالي11%. سلوك البنك المركزي أثار العديد من التساؤلات في مقدمتها هل سعر الفائدة الحالي يتسق مع معدل التضخم؟ للإجابة علي هذا السؤال, لابد أن نتطرق إلي بعض المصطلحات الاقتصادية والنقدية بأسلوب مبسط. أولا: الهدف الرئيسي للسياسة النقدية الذي يتقدم علي غيره من الأهداف هو استقرار الأسعار. وبناء عليه, يلتزم البنك المركزي في المدي المتوسط بتحقيق معدلات منخفضة من التضخم تساهم في بناء الثقة. ثانيا: أشار البنك المركزي إلي تنفيذ إطار متكامل للسياسة النقدية, مستخدما منهجية استهداف التضخم, وهي سياسة يقوم بموجبها بتقدير معدل تضخم عام( معدل مقبول) ويحاول من خلال استخدام تغيير سعر الفائدة أو أدوات السياسة النقدية الأخري أن يكون معدل التضخم الفعلي مقاربا لمعدل التضخم. ثالثا: المقصود بسعر الفائدة الحقيقي هو بصورة مبسطة يساوي تقريبا سعر الفائدة الأسمي مطروحا منه معدل التضخم ولإعطاء مثال بالحالة المصرية, أشار بيان لجنة السياسة النقدية إلي أن المعدل السنوي للتضخم العام ظل عند مستوي10.97% في سبتمبر أي حوالي11%, ومن المعروف أن سعر الفائدة علي الودائع( سعر الفائدة الاسمي) حوالي8%. ومن ثم, فإن سعر الفائدة الحقيقي يساوي8%, وهو عكس ما يرغبه ويتوقعه المودعون. هذا يعني أن ما كان المودع أو المستهلك يستطيع أن يشتريه بمبلغ100 جنيه العام الماضي سوف يشتريه بمبلغ111 جنيه هذا العام بينما سيحصل هذا المودع علي108 جنيهات( أصل الوديعة مضافا إليها سعر الفائدة الاسمي). وبالتالي, فإن ذلك لن يشجع المودعين علي الاحتفاظ بالجنيه المصري, ونحن نري الآن أن سعر صرف الجنيه انخفض انخفاضا ملحوظا مقابل العملات الرئيسية مثل اليورو والدولار وهذا يؤدي إلي ارتفاع معدل التضخم مرة أخري لأن فاتورة الواردات سوف تزداد. يتوقع المودوعون أن يكون سعر الفائدة الحقيقي موجبا لأن سعر الفائدة عبارة عن المكافأة أو التعويض الذي يحصل عليه المودع نظير تأجيله للاستهلاك وهناك البعض الذي يطلق عليه العائد نظير الحرمان من الاستهلاك لفترة ما وفي حالة ما إذا كان سعر الفائدة الحقيقي سالبا, فإننا يمكن أن نطلق علي ذلك حالة من الحرمان الإضافي تضاف إلي الحرمان الأصلي من تأجيل الاستهلاك. قد يري المدافعون عن ثبات الفائدة طوال عام2010 أن سعر الفائدة الحقيقي في مصر يعتبر موجبا نظرا لأن البنك المركزي يستخدم ما يطلق عليه مؤشر التضخم الأساسي وهو مؤشر أو معدل مشتق من الرقم القياسي لأسعار المستهلك بعد استبعاد أسعار السلع التي يتأثر بصدمات العرض( الخضار والفاكهة) وبعض السلع التي تتحدد أسعارها إداريا. ولكن هذا رأي مردود عليه حيث إن المستهلك أو الرجل العادي لا يفرق بين مؤشر التضخم الأساسي وغيره من المصطلحات الاقتصادية, ولكن ما يهمه في المقام الأول هو الدخل المتاح له ومستويات الأسعار ونفقات المعيشة الفعلية. خلاصة القول: 1 سعر الفائدة متغير داخلي في النظام الاقتصادي والمالي ولابد أن يكون حساسا لتغيير المتغيرات الاقتصادية والمالية الأخري وخصوصا معدل التضخم. 2 معدلات التضخم في مصر ارتفعت بشكل كبير في عام2010 وأصبحت أسعار الفائدة الحقيقية سالبة, ولابد من رفع سعر الفائدة لكبح جماح التضخم من ناحية, وتعويض المودعين من ناحية أخري وذلك من خلال استخدام سياسة نقدية تقييدية. 3 في ضوء ما سبق, فإننا نتوقع أن يقوم البنك المركزي برفع سعر الفائدة إما في الشهر القادم أو في شهر يناير2011 علي أكثر تقدير.