قالت الأميرة الإيطالية سيلفيا دي سافويا, دوقة أوستا وسافويا, والرئيسة الشرفية لجمعية المرأة العربية الإيطالية: إن الاختلاف يمثل جزءا دائما من المرأة; ومن هذا المنطلق بدأ مؤتمر المرأة والإعلام فعالياته في روما, العاصمة الإيطالية. ليثبت إلي أي مدي يمكن لاختلاف المرأة أن يكون له تأثير علي الرأي العام من خلال الإعلام الذي وصفه البعض ب الإعلام النسائي. اتفق الحاضرون علي أن الإعلام الحالي بقدر ما بات سهلا ومتاحا ورخيصا, بقدر ما أصبح متشابها وعاما لذا فإن الاختلاف الذي تتبناه المرأة, كونها امرأة, يصبح في الإعلام ثروة علينا العمل من أجل الحفاظ عليها. أما كيف نشأ هذا الاختلاف, فقد كان محور الحوار بين الإعلاميات العربيات والإيطاليات علي مدي يومين, في مؤتمر نظمته جمعية المرأة العربية الإيطالية ووكالة الصحافة الإيطالية تحت رعاية وزارة الخارجية الإيطالية. ولذا لم يكن غريبا أن تفتتح الحوار جلالة الأميرة سيلفيا وتكون المنسقة لأول محور إيما بونينو نائب رئيس مجلس الشيوخ الإيطالي, بينما ألقت كلمة الختام نائبة وزير الخارجية. كما شاركت في فعاليات المؤتمر نجوي كساب حسان وزير الثقافة السابقة في سوريا, فضلا عن مجموعة من الإعلاميات العربيات المتميزات من المغرب العربي وحتي مشرقه, مرورا بمصر ولبنان وسوريا وفلسطين والسعودية والبحرين وعمان والأردن والعراق, كل تقدمت بتجربتها الفريدة, وكل طرحت مشكلاتها والعقبات التي كان عليها تجاوزها, والتي لم تكن هينة في هذا الزمان. نقاط التقاء وبين الرؤية الإعلامية عن المرأة ورؤية المرأة للإعلام, بدا هناك الكثير من نقاط الالتقاء بين عالم الإعلاميات العربيات والإعلاميات الإيطاليات; وأهم نقطة أجمعت عليها الإعلاميات المشاركات, الإيطاليات والعربيات, هي اهتمام الإعلام بالمرأة, ولكن من حيث الشكل أكثر من اهتمامها بالمضمون. فيتم اختيار المرأة الإعلامية في معظم الأحيان علي أساس الشكل الجذاب; فهي الأنثي الجميلة التي لا تفكر ولا تعطي رأيا سياسيا, وبعد سن الخمسين لا تظهر في الإعلام المرئي, وحدث أن استبعدت صحفية بريطانية عن الشاشة لأنها بلغت الثالثة والخمسين من العمر, فكان أن أقامت دعوي ضد القناة التليفزيونية وكسبت القضية لأن القرار كان انتهاكا لقانون المساواة, وفي معظم الحالات سواء في إيطاليا أو في البلاد العربية, لا يتم اختيار الصحفيات لتقديم الافتتاحيات الإخبارية, وأشارت الإعلاميات إلي أن82% ممن يقدم الأخبار من الرجال, وفي البرامج الحوارية يتم اختيار الضيوف من الرجال إن كان الحديث مع أطباء أو علماء أو خبراء. فإنه من المعتاد ألا يتم تقديم امرأة كخبيرة أو عالمة, وليس من المعتاد أن يتم الاستماع إلي رأي المرأة في السياسة بالرغم من أنها دخلت الحياة النيابية. وفي داخل أروقة الإعلام تؤكد الإعلاميات أن المساحة التي تشارك فيها المرأة تكون في إعداد التحقيقات وليس في صنع القرارات. في الوقت نفسه, فإن الإعلام, سواء المسلسلات الدرامية أو الأفلام السينمائية أو البرامج الحوارية لا تقدم المرأة ضحية الاغتصاب أو التحرش, كما أنها لا تقدم تلك المشكلات بشكل مباشر, بل تعمل علي التركيز علي القضايا الصغيرة التافهة, لأن المنتجين يرون أنها لا تجد سوقا خاصة في القنوات الفضائية, وفي الوقت نفسه يتم التركيز علي تقديم المرأة في شكل الأم والزوجة المطيعة, أو إبرازها كأنثي يستغل جمالها لأهداف استهلاكية, كما أعربت الإعلاميات الإيطاليات عن المشكلة نفسها, حيث لا يظهر الإعلام صورا للمرأة الضحية أو القوية علي سبيل المثال, لأن تلك الصور لا تجذب المشاهد. وتقول الإعلاميات الإيطاليات إن3% من الأنباء في إيطاليا تتحدث عن النساء, وتتقلص الأنباء عن المرأة في مجالات الأمومة أو كونها زوجة أو ربة منزل. صور نمطية في الغرب من جهة أخري, تحدث البعض الآخر عن صورة المرأة العربية في الإعلام الغربي, وبالأخص في إيطاليا وفرنسا, ودون شك فإن الإعلام الغربي بات اليوم يصور المرأة العربية بشكل نمطي, مشيرا إلي أصولها الإسلامية, وإلي تعرضها للقمع وللتمييز ضدها من قبل عائلتها والمجتمع الذي تنتمي إليه, كما يتناول الإعلام الغربي المرأة العربية بالكثير من الاستهزاء, ولا يظهرها كامرأة عاملة ومكافحة, كما هو الواقع في أغلب المناطق. تقول زينة الطيبي, الصحفية اللبنانية المقيمة في فرنسا إنها قامت بالمشاركة مع عدد من الإعلاميات العربيات في باريس بتأسيس جمعية المرأة العربية في الصحافة ووسائل الاتصال المتخصصة في دعم حوار الثقافات وعلوم الاجتماع, من أجل تحسين النظرة الخاطئة للمرأة التي تظهرها وسائل الإعلام الفرنسية, خاصة أنها لا تعتبر نفسها عربية في فرنسا, ولكنها عربية من فرنسا. وتدعو الجمعية المرأة المهاجرة إلي الاندماج في المجتمع الجديد واحترام قوانينه, وإن كان ذلك لا يعني التخلي عن ثقافتها وهويتها, بل عليها أن تسعي لمعرفة أفضل للإسلام وكيف أعطي الإسلام حقوقا عديدة للمرأة, ويصبح دور المرأة العربية في الغرب, سواء من خلال الجمعيات الأهلية أو غيرها, العمل علي تشجيع المعرفة المتبادلة والفهم الأفضل لثقافات الآخر. ولقد لفتت جيزيل خوري, الصحفية اللبنانية, النظر إلي أن الصورة النمطية للمرأة العربية تنعكس حتي في المؤتمر المنعقد حاليا الذي يستهدف مكافحة هذه الرؤية, حيث إن الصورة التي تم اختيارها للإعلان عن المؤتمر أظهرت صحفية محجبة بينما لم يكن من بين الصحفيات المدعوات إلا إثنتان محجبتان, وهو ما يثبت تلك الصورة النمطية للمرأة العربية في الإعلام الغربي. دور الإعلام لوقف تلك الصورة ولكن كيف يمكن للإعلام أن ينتشل الصور النمطية للمرأة؟ أشارت إيزابيلا إلي أن زيادة مشاركة المرأة في الإعلام تؤدي إلي تحقيق التوازن وتغيير الصور النمطية, فقد زاد حضور النساء في الإعلام الإيطالي منذ السبعينيات, وظهرت ما اتفق علي تسميته الصحافة النسائية, ولكن هذا الحضور يبقي أقل كثيرا من الوجود الرجالي, لهذا السبب سيظل مرتبطا بالأفكار المسبقة ولو إلي حين. كما أشارت كل الإعلاميات اللاتي يعملن في مجال الإنترنت, إلي أن تلك الوسيلة الإعلامية الحديثة تمثل خطوة ديمقراطية مهمة خاصة في مجال المرأة, فهو يسمح بالاستخدام واسع النطاق, ويعطي للمرأة نافذة للتحاور مع العالم, إن الإنترنت أصبح يتخطي القوالب. نعم, قد يكون الإنترنت هو الإجابة علي ما تتعرض له المرأة الإعلامية من تجاهل. ولكن من أجل الانطلاق إلي مستقبل أفضل يعبر بشكل أكثر صدقا عن المرأة, علينا, نحن الإعلاميات والصحفيات, معرفة تاريخنا وماضينا, ففي مصر لا ننسي أن المرأة المصرية كافحت منذ بداية القرن العشرين من أجل الحصول علي حقوقها كإنسانة وكمواطنة في التعليم والعمل, وإنها اليوم حصلت علي مناصب رئاسية عديدة في وسائل الإعلام, مما يعطيها الفرصة لكي تنقل صوت المرأة إلي المجتمع, وتلك المعرفة تسمح لنا بأن نتقدم حتي لا يذهب نضال جداتنا هباء.