ضمن ملايين من الناس إختارهم الله سبحانه وتعالي كنت أقف منذ فجر يوم الإثنين الماضي وحتي غروب شمسه علي جبل عرفات لألقاه خاشعا.. معترفا بتلك الذنوب التي دفعتني إليها مشاغل الحياة الدنيا وصراعاتها المتلاحقة.. طامحا في عفوه.. آملا في رجائه.. واثقا في رحمته سبحانه وتعالي.. فهو الكريم الرحيم.. جندول متدفق من الدموع لا يتوقف سريانه من منبعه من عيون تخشي المولي سبحانه وتعالي إلي مصبه في أكفان بيضاء.. مناجاة هادئة في ثوان معدودة تتحول إلي صراخ يستغرق ساعات طوال تطلب المغفرة.. دعاء بالرحمة.. وعود بالتوبة وعدم العودة نهائيا إلي معصية ربما يدفعنا إليها حب حياة زائلة فنحن في النهاية بشر.. نخطئ ونطلب المغفرة والرحمة.. أصوات مختلطة داخل إحدي خيام حجاج القرعة تنطق بالدعاء والتضرع لوجه كريم.. وبصعوبة شديدة تستطيع أن تميز منها صوت اللواء دكتور صلاح هاشم مساعد وزير الداخلية ورئيس بعثة حج القرعة.. العميد هاني عبداللطيف مدير الإعلام بالوزارة.. ومساعديهما من الضباط هشام.. أشرف.. وكما لو أن الزمن قد عاد إلي الوراء سنوات طوال إلي مدرجات قسم الصحافة بكلية الآداب بجامعة القاهرة كان يجاورني صديقي محمد الشبه الكاتب الصحفي رئيس تحرير جريدة نهضة مصر.. والكاتب الصحفي الشاب علي الرغم من العامين اللذين سبقني بهما إلي الدنيا محمود صلاح رئيس تحرير مجلة أخبار الحوادث.. وزملاء المهنة من الشبان الذين يمثلون صحفهم في وزارة الداخلية.. بعد أن جري إختيارهم بمعرفة اللواء حمدي عبد الكريم مساعد وزير الداخلية للإعلام والعلاقات العامة والذي وإن كان وقتها في القاهرة إلا أنه لم يغب في أي لحظة عن أذهان وقلوب الجميع طوال تلك الرحلة التي إستغرقت نحو عشرة أيام في أطهر بقعة علي وجه الأرض مكةالمكرمة.. والمدينة المنورة.. الجميع في لحظة صدق مع الله سبحانه وتعالي.. مشاعر متدفقة مختلطة لا يفك شفرتها سوي المولي عز وجل.. دعاء.. تضرع.. مناجاة.. خشوع.. خشية.. رجاء.. طمع في الرحمة.. طموح في نيل المغفرة.. عشرة أيام لم يتوقف خلالها هواتف مسئولي البعثة عن الرنين سوي لحظات قصيرة للغاية.. فقد كان علي الطرف الآخر وزير الداخلية حبيب العادلي.. تعليمات صارمة أستطيع أن أؤكد أنهم لم يكونوا في إنتظارها بل كانوا يسارعون من أنفسهم بتنفيذها وإتمامها بتوفير كل سبل الراحة لحجاج عانوا طويلا في إدخار جنيهات تعينهم علي أداء الفريضة فاختارهم الله سبحانه وتعالي بدعوتهم لزيارة بيته الكريم وأداء المناسك بكل يسر وسهولة.. ولأنهم يمثلون تلك المؤسسة الأمنية التي تتسم بالإنضباط والإلتزام الداخلية مرت مرحلة تصعيد آلاف الحجيج إلي مني وعرفات وعودتهم لإكمال المناسك في مكة بكل سهولة.. رعاية طبية فائقة.. مرضي لم تتوقف بروتوكولات علاجهم ساعة واحدة.. مستشفيات تستقبل من تتطلب حالته البقاء فيها.. إسكان بالقرب من مناطق الشعائر المقدسة.. طعام كاف ووجبات ساخنة ولأنهم يمثلون مؤسسة مسئولة عن أمن المواطن.. وعلي الرغم من أن مسئولية مهمتهم تنحصر رسميا في رعاية حجاج القرعة إلا أنهم تجاوزوها إلي رعاية بقية الحجاج جمعيات.. وسياحة.. بل وأفراد يعملون هناك والإطمئنان عليهم ورعايتهم وتقديم كل سبل العون والمساعدة لهم.. ليثبتوا بالفعل علي الرغم من محاولات البعض تعميم التجاوزات الفردية من جانب بعض ممن ينتمون للشرطة علي تلك المؤسسة الأمنية أن الشرطة في خدمةالشعب حقا!! [email protected]