في نصف كأس العلاقات الأمريكية السورية الفارغ حض أمريكي لسوريا علي أن تلعب دورا في استقرار المنطقة والعراق ولبنان فيما يشبه الانذار وربما التهديد, لكن في النصف المملوء من الكأس ما قد يكفي لشرب نخب بناء علاقات جيدة.تعكس السياسة الأمريكية في عهد الادارة الديمقراطية الحالية برئاسة أوباما قناعة واشنطن بأن سياسة عزل سوريا التي انتهجتها الادارة الجمهورية السابقة فشلت لا سيما في لبنان حسب اعترافات جيفري فلتمان مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية بل أصبحت في مرحلة ما ضارة ولا تخدم المصالح ولا السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط, واتبعت الادارة الديمقراطية الواقعية ومن ثم صار الانفتاح علي سوريا ضرورة. علي الصعيد العراقي سايرت سوريا محاولات منذ الانتخابات العراقية في شهر مارس الماضي, تشكيل حكومة جديدة ترشح إياد علاوي لرئاستها كرئيس حكومة توافقي يضم ائتلافه تيارات طائفية مختلفة ويرتبط بعلاقات طيبة مع دول الاعتدال العربي بديلا لرئيس الوزراء عدنان المالكي وثيق الصلة بإيران والذي أعطي حكومته طابعا شعبيا. ولم تقف سوريا عائقا أمام هذه المحاولات حتي لا تتهم بإجهاض الاستقرار وتهديد الأمن في العراق وإستقبلت دمشق علاوي نحو خمس مرات, وانتهت المحاولات بتسليم الادارة الامريكية بالتفاهم مع إيران ودعم فرص تشكيل المالكي للحكومة اضطرارا لتأمين خطة الانسحاب الأمريكي ولكي تستطيع واشنطن القول إنها وفرت قدرا من الأمن والاستقرار في العراق, فالمصالح الأمريكية فرضت علي الادارة فتح قناة مع إيران. أما المالكي الذي دخل في معركة مع سوريا باتهامها بدعم حزب البعث العراقي وإيواء قياداته في دمشق والتورط في أعمال عنف في بغداد حفاظا علي التوازن وإبعاده عن شبهة الدخول في الصف الايراني السوري فقد بادل مصلحة بمصلحة وتراجع عن اتهاماته لسوريا وتقرر عودة سفيري البلدين إلي دمشق وبغداد. وبرز الدور السوري في المسألة العراقية وسيطا محايدا بين القوي السياسية المختلفة, بمعني آخر برز الدور السوري مساعدا علي تحقيق الأمن والاستقرار في العراق. لعبت السعودية دورا مهما في الانفتاح الأمريكي علي سوريا بعد المصالحة السعودية السورية عام2008, وباكورتها التفاهم السعودي السوري بشأن الاستقرار في لبنان, وقد يواجه هذا التفاهم أحيانا عثرات, لكن حاجة الفرقاء اللبنانيين إليه وحرصهم عليه كما تؤكد التصريحات الصادرة من كل جانب تحافظ علي ديمومته وتشغله اذا ما تعرض لعطب. تعكس السياسة السورية في مواقفها من التطورات في لبنان الفصل بين الأوضاع الداخلية والعلاقات الثنائية, وأبلغت اللبنانيين رسالة عبر الزعيم الدورزي وليد جنبلاط بالحفاظ علي حكومة الوحدة الوطنية بل والتحذير من إسقاط الحكومة برئاسة سعد الحريري والا بعده تدخل لبنان مرحلة فراغ سياسي, وعلي الصعيد الفلسطيني تستضيف سوريا لقاءات حركتي فتح وحماس وشددت علي أن هذا الملف ملف مصري ودور دمشق هو المساعدة. علي صعيد عملية السلام لم تعارض سوريا المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية بل تمنت النجاح, وأبدت لواشنطن إستعدادها لاستئناف المفاوضات السورية الاسرائيلية غير المباشرة تحضيرا اذا حققت تقدما للمفاوضات المباشرة, وأعلن الرئيس السوري بشار الأسد أن يد سوريا ممدودة بالسلام وتتمسك به بوصفه السبيل الوحيد لضمان أمن واستقرار الشرق الأوسط. وبطبيعة الحال فإن مثل هذا السلام يجب أن يكون عادلا وعلي أسس واضحة وضمانات لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه لاعادة الأراضي العربية إلي أصحابها. في نصف الكأس المملوء تقدير أمريكي للموقف السوري في المسألة العراقية وقناة حوار مستمرة منذ لقاء وزيري خارجيتي البلدين في نيويورك, وزيارات متكررة للسيناتور جون كيري لدمشق وتأكيد أمريكي بعودة سفيرها لسوريا قريبا.