بدأت السينما المستقلة تأخذ مكانتها علي الساحة المحلية كما هو الحال في السينما الاوروبية والامريكية. وقد بدأ هذ الاتجاه منذ فترة. لكن ظل يعاني في بلدنا من التجاهل والنظرة الدونية من أصحاب شركات الانتاج والتوزيع في مصر حيث أن السائد لديهم هو العمل في الافلام المضمونة وأنه لايجب ان تبدأ تجربة جديدة قد تتحمل مخاطرها السلبية ولم يفكروا ولو للحظة واحدة في ان هناك ايجابيات للتجربة, وهي تقديم موضوعات قد تناسب الذوق العام للشباب بالرغم من كونها موضوعات جديدة.. ولم لا؟؟ وهم الفئة الغالبة في جمهور السينما الذي يدفع ثمن التذاكر.. فلابد من البحث دائما عن الجديد والمختلف والمغاير.. وبالتمرد علي كل ماهو تقليدي ومكرر( وهو ما يسمونه بالسينما المضمونة). وها نحن اليوم في مصر أصبح لدينا اتجاه جديد يسمي السينما المستقلة, وهي تلك السينما التي لاتنتظر المنتج الذي يتحكم في كل شيء( بداية من الموضوع حتي شكل الدعاية) ولاتنتظر النجم الأوحد الذي يتدخل في كل شيء أيضا بداية من رؤية المؤلف واختيار الممثلين وأحيانا يتدخل في رؤية المخرج نفسه. لقد أصبح المخرجون الشباب هم الابطال الحقيقيون لهذا الاتجاه.. وها نحن نحتفي بعرض فيلم بصرة للمخرج أحمد رشوان في دور العرض هذه الأيام. وأيضا نحتفي بالمخرج إبراهيم البطوط في حصول فيلمه الجديد( حاوي) علي جائزة أفضل فيلم عربي من مهرجان الدوحة السينمائي.. وأيضا فيلم( ميكروفون) والذي فاز بجائزة التانيت الذهبي من مهرجان أيام قرطاج السينمائية وأنتجه محمد حفظي والذي يتميز بانتاج الافلام ذات الموضوعات الجديدة والمختلفة والتي تشبه إلي حد كبير الافلام المستقلة بالرغم من ان ميزانياتها تتعدي الملايين وحصل أيضا من خلالها علي العديد من الجوائز... وفي الايام القليلة القادمة ننتظر تجربة مستقلة جديدة من خلال فيلم( ليلة الخميس).. لمخرجه أسامة رؤوف بعد ان ظل لسنوات يبحث عن طريق للتمويل الخاص ولكن المنتجين ترددوا بسبب اختلاف الموضوع وجرأته.. وها هو قد بدأ أولي خطواته التنفيذية في فيلمه معتمدا علي فكرته المختلفة, وموضوعه الجديد المغاير, والذي كتبه بنفسه واختار لتمثيله مجموعة من المواهب التي تخوض تجربة التمثيل لأول مرة وايضا بعض الشباب اللذين لهم بعض التجارب ويقف بجوارهم بعض النجوم لدعم التجربة وللوقوف بجوار المخرج نفسه في فيلمه الجديد. وهناك العديد من التجارب التي تشجعت كثيرا بسبب الحفاوة البالغة التي استقبلت بها هذه الافلام سواء من المهرجانات أو النقاد أو حتي الجمهور العادي وأن أصحابها ظلوا يعملون لشهور طويلة لكي يخرج حلمهم إلي النور سواء كان فيلما طويلا أو قصيرا دون ان يتقاضي واحدا منهم مليما واحد.. وأرجو ان تصل هذه المعلومة إلي وزارة الثقافة والتي اتجهت أخيرا إلي دعم السينما المستقلة. فعليها ان تنظر بعين الاعتبار إلي تلك التجارب الشابة.. فمثلا فيلم( عين شمس) للمخرج ابراهيم البطوط والذي حصل علي العديد من الجوائز في المهرجانات ويعتبر من التجارب المهمة في السينما المستقلة لم يتقاض أي شخص من العاملين بالفيلم أي أجورا.. وفي تجربة فيلم( بصرة) الذي أنتجه المخرج أحمد رشوان بنفسه.. صحيح أنه دفع أجور للممثلين والفنيين لكنه تحمل العبء وحده دون مساعدة من أحد.. والفنان خالد أبو النجا في فيلم( هليوبوليس) دخل بأجره شريكا في الفيلم وهذا ينم عن وعي خاص لهذا الفنان حيث أنه يعرف تماما أهمية التجربة ويعرف أنها ستضيف له في حال نجاحها, وهو ماحدث بالفعل, وفي نفس الوقت لا أحد يستطيع ان يقول أنه قد عمل بدون أجر, وذلك للحفاظ علي شكله في الوسط السينمائي التجاري. أما بالنسبة للتجارب الجديدة مثل فيلم( ليلة الخميس) لأسامة رؤوف فيقول إن التجربة كتبت بالفعل منذ عدة سنوات خصيصا لكي تنتج بطريقة الديجيتال بمعني أنه روعي فيها ان الموضوع غير محتاج إلي تكاليف كبيرة من ناحية( اللوكيشن)( أي أماكن التصوير) وليس به أي من مواد الرفاهية التي تمتليء بها الافلام التجارية كالتفجيرات والمطاردات وغيرها ولكن الموضوع فقط اعتمد علي معالجة محكمة لحال شباب مصر بمختلف فئاتهم في بناء درامي مختلف وغير معتاد.