عدونا وعدو جهودنا في اصلاح التعليم وتطويره يتجسد في آفة الدروس الخصوصية بمختلف انماطها في المدرسة وفي البيت وفي المراكز التي تنشر داؤها العضال. إنها وباء سرطاني منتشر في كل مواقع السم التعليمي يصيبه بالهزال والضمور, مما يؤدي الي فشل معظم الإصلاحات التعليمية وتتسع افاقه واعراضه مع لايام قوة فتحدث عاصفة كاسحة كاشحة تذرو كل ماتنفقه من مال, تبدد فرص النجاح لاية اصلاحات في مناهج التعليم او بنيته او طرق تدريسه او امتحاناته او ادارته او تكنولوجياته سواء في التعليم الجامعي وقبل الجامعي,. وإني لانتهز اجواء نصر اكتوبر العظيم الذي حققته قواتنا الباسلة لادعو اليانه لامفر مهماكانت الذرائع من الاشتباك مع وباء الدروس الخصوصية في معركة حاسمة تتجسد فيها كل مقومات الخطط وآليات التنفيذ والتضحية في معارك6 اكتوبر لنحقق انتصارا تعليميا خالدا في بناء الانسان المصري, ونشارك فيها جميعا, لتصبح وتغدو وتمسي معركة قومية شاملة, مهما طال أمدها او اتسعت آفاقها, ولنعلنها مستهدفة حماية جبهة مهمة من جبهات امتنا القومي, وحماية لتكوين دروعنا من القوة البشرية من ابنائنا وبناتنا صناع المستقبل المأمول ولسوف يكون هدف( معركة اكتوبر لتحرير التعليم) احراز النصر بالقضاء علي هذا العدو وتحطيمه تحطيما كاملا, دون هوادة او تلكؤ. والحاصل انه لم يعد هناك مجال للتردد او التهيب لمواجهة هذا الشر المسيطر الذي ترسخت جذوره وفروعه بأن( ندير ظهورنا للترعة كما جري عند تحمل مسئوليتنا في مقاومة وباء البلهارسيا) ويبدو ان العدو قد امدا مقبولا بحكم تخدير العادة لقد استكانت له ولو علي مضض مختلف هيئات المجتمع من أولياء الامور والطلاب والمؤسسات التعليمية, ومختلف الوزارات والمجالس النيابية وهيئات المجتمع المدني, لقد وصل الحال إلي التباهي بتعاطي هذا المخدر بين جماعات الطلاب. انفتحت له كذلك شهية قطاع كبير من المعلمين في الانشغال بدروس سلعه وتجارته في السوق السوداء, و حين حاول أحد السادة الوزراء السابقين في بداية التصدي لهذه السوق, بأن اطلق علي ممارسي الدروس الخصوصية صفة( المافيا) وأخذ في عقوبة مرتكبيها, عبأت ادواتها في اتهامه وتجريحه بأرذل وسائلها. ومن ثم وجد بعض الوزراء تبريرا في تأجيل اتخاذ موقف المواجهة بأنه من الانسب البدء بإصلاح بعض مشكلات التعليم, حتي يحين الوقت المناسب لنجاح جهودهم في عملية المواجهة الشاملة, بيد أن المراقب والمحلل لحركة الواقع تقطع بأن العكس هو الصحيح, وان التأجيل في المواجهة قد ادي الي استفحال المافيا في نشاطها, والي تآكل كل ماكان متوقعا من اصلاحات, والي ازدياد عدد المافيات والمنتفعين منها بل واعتبارها كما لو كأنها من طبيعة العملية التعليمية. إن تدهور جهودنا الاصلاحية بل وفشلها من سموم الدروس الخصوصية, تفرض علينا في تقديري اولوية التعبئة( لمعركة اكتوبر لتحرير التعليم), وتطهير مقومات الجهود الاصلاحية من اعراضها السامة. ولايتسع المجال هنا لحصر مايحدثه داء الدروس الخصوصية من خسائر تنتقص باليسار ماتسعي الوزارة إلي انجازه باليمين, انها تحدث سلسلة من الاختلالات تبدأ من مجرد ضبط الفصل, واستهلاك طاقة المدرس الفكرية والبدنية ليلا بما لايمكنه من اداء واجبه في المدرسة نهارا. وهي أداة لترسيخ عمليات التلقين وتخزين المعلومات واسترجاعها..وينعدم معها الفهم والحوار والمناقشة ومحاولة تنمية قدرات التفكير والابداع, ثم ان معظم الطلاب لايعنيه الاستماع للمعلم في الفصل, لأن تعليمه الحقيقي سوف يتم من خلال الدروس الخصوصية. وباختصار تم اختزال عملية التعليم والتعلم الي حدود لاتتعداها من التلقين والحفظ والتذكر والاسترجاع. بيد أن الخسارة الفادحة من هذا الوباء قدتعدت الي الاستهتار والانفلات من كل القيم التعليمية حول إهدار كرامة المعلم واحترامه, ومن الاعتداء علي اجهزة البيئة المدرسة واسوارها, ومن تفجر العدوانية والعنف بين الطلاب ومدرسيهم. هذا فضلا عن الخسائر المادية في عوائد تمويل الدولة للتعليم وفيما تنفقه الاسرة من المليارات علي الدروس الخصوصية. ونشير كذلك باختصار الي مايترتب عليها من تمايز طبقي بين فئات المعلمين انفسهم, فضلا عن تجاوز مبدأ تكافؤ الفرص لصالح الطلاب القادرين علي تحمل تكاليفها. وبذلك تسهم الدروس الخصوصية وتداعياتها وتجلياتها في تسليع عملية التعليم, واعلاء قيم الثروة والمال وامكاناتها في اكتساب القوة والمكانة لدي لطلاب منذ بداية مراحلهم التعليمية. وهكذا لا تقتصر مخاطر الدروس الخصوصية بطريقة مباشر وغير مباشرة علي تهديد العملية التعليمية ومقاصدها, وانما الأدهي مايترتب عليها من تهديد لمقومات العدل الاجتماعي والتعايش السلمي. ومن ثم اصبح الاتجار بالتعليم معرفة, مماثلا للاتجار بأقوات الشعب غذاء, وبذلك ايضا يغدو أداة من ادوات التفسخ المجتمعي, واستثارة مظاهر السخط والتذمر في نفوس الطلاب وبين اولياء امورهم, تلك هي بعض المخاطر التي تهدد تعليمنا وكياننا الاجتماعي وقيمنا الديمقراطية واستنزاف مواردنا المالية حكومة واهالي. وفي اعتقادي أنها تحتل الاولوية في جهود وسياسات اعداد القوي البشرية صانعة المستقبل, واحسب كما اشرت في بداية المقال ان استمرارها او تأجيل الاشتباك معها في معركة للقضاء عليها سوف يهدر آثار اية اصلاحات في منظومة التعليم والتعلم. لذلك ألح وأكرر دعواتي لبطولات قيادة وزارة التربية والتعليم الي التصدي لها, دون أن تعوقها المشكلات الاساسية والجزئية واليومية للمسائل التعليمية, من بناء المدارس والفصول الجديدة وتطوير الاساليب الامتحانية, ومواصلة التحسين في كادر المعلمين. وذلك يقتضي وضع خطة متكاملة( لمعركة اكتوبر لتحرير التعليم) من وباء الدروس الخصوصية ومعها بطبيعة الحال تعبئة مختلف القوي الحكومية والشعبية ووزارة التعليم العالي( حيث انها ايضا مصابة بهذا الداء) والمجالس القومية المتخصصة والجامعات ونقابات المعلمين والعمال, و مجلسي الشعب والشوري ووزارات الداخلية والإعلام والثقافة والشباب, وهيئات المجتمع المدني, وكل من في جماعات التربويين والمدرسين واساتذة الجامعات من المعتزين بأمانتهم المهنية, ويرون أنها أسمي من ممارسات البيع والشراء, إنها سوف تكون معركة قومية شاملة,( معركة اكتوبر لتحرير التعليم) مما سوف يسجله التاريخ في صحائف تطويرنا التعليمي. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون والله المستعان