لطالما كانت مصر, بصفتها عضوا مؤسسا لهيئة الأممالمتحدة, نصيرا كبيرا للتعاون متعدد الأطراف, وعرفانا بأهمية ذلك يقول الأمين العام للأمم المتحدة: إن تعدد الأطراف هو الطريق الوحيد نحو عالم قائم علي العولمة والتضامن. وقد تجسد هذا الالتزام بقيم الأممالمتحدة في أشكال عديدة, بما في ذلك مساهمات مصر الملموسة في عمليات حفظ السلام منذ عام1948, وصولا إلي بعثاتها المستمرة إلي جنوب السودان ودارفور, والتي ضحي خلالها المصريون بأرواحهم. كما ظهر التزام مصر نحو العمل متعدد الأطراف في الدور الفاعل الذي تلعبه في أعمال نظام التنمية التابع للأمم المتحدة سواء في مقر المنظمة, أو هنا في مصر, حيث تعززت شراكتنا مع الحكومة وشركائنا في التنمية خلال العام الماضي بشكل كبير من خلال أجندة القاهرة لرفع كفاءة المساعدات الإنمائية. وقد كثفت هيئات ومنظمات الأممالمتحدة في مصر خلال الفترة الاخيرة من دعمها ورفدها الجهود الوطنية, حكومية كانت أو أهلية لتحقيق الأهداف الانمائية للالفية, والتي تمثل مجموعة هامة من الاهداف المترابطة, والداعمة لبعضها البعض. وبالنسبة لمصر, فقد أوضح تقرير الأهداف الإنمائية للألفية2010 الذي أصدره معالي الوزير أحمد أبوالغيط أثناء القمة, أنه علي الرغم من الآثار السلبية لمختلف الأزمات الدولية, فإن مصر تحقق تقدما معقولا في معظم الأهداف الإنمائية, مع الاعتراف بأن مصر لاتزال تواجه تحديات بالنسبة للهدف الإنمائي الأول الخاص بالقضاء علي الفقر المدقع والجوع, والهدف الإنمائي الثالث الخاص بالمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة, علاوة علي ذلك, وكما هو الحال في دول أخري, فإن التباين الإقليمي وعدم المساواة بين الجنسين مستمر, ومع ذلك, فإن هذه التحديات يمكن تخطيها علي نطاق أوسع في جميع المناطق. ونحن في الأممالمتحدة نقوم بأقصي مافي وسعنا لإسراع عجلة تقدم مصر في الأهداف الإنمائية للألفية والأهداف الإنمائية القومية الأخري, من خلال تناول القضايا التنموية الصعبة مكونين تعاونا جديدا متعدد الأطراف بين هيئات الأممالمتحدة, ومع شركائنا في الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص والمؤسسات والجامعات والمجتمع الدولي, وذلك للوصول إلي نتائج حقيقية خاصة لأولئك الذين هم في حاجة ماسة إليها. وهناك ثلاثة أمثلة رئيسية تمثل نماذج لما تقوم به منظمات الأممالمتحدة من دعم لتحقيق هذه الاهداف. برنامج إدارة مخاطر تغير المناخ يمثل تغير المناخ التهديد الأكبر للتنمية البشرية, وبسببه يتباطأ بل ربما ينتكس التقدم صعب المنال الذي تم تحقيقه فيما يتعلق بالأهداف الإنمائية للألفية. ويظهر ذلك حقيقة مؤلمة, وهي أنه علي الرغم من عدم مسئولية فقراء العالم عن تراكم غازات الاحترار العالمي في الغلاف الجوي للكرة الأرضية, إلا أنهم يتحملون وطأة تبعات هذا الأمر الاجتماعية والاقتصادية. وتتعرض مصر إلي قابلية التضرر من تغير المناخ بشكل كبير, فمن المحتمل أن يقع التأثير الأكبر علي المناطق الساحلية والموارد المائية والزراعة نتيجة لارتفاع مستوي البحر, وتنوع معدلات تهاطل الأمطار, وزيادة درجة الحرارة. وهذا بدوره سيؤثر علي حياة الملايين من الأفراد. وقد شاركت الأممالمتحدة في التوعية وتنمية قدرات مصر علي مواجهة تغير المناخ. فقد تم مؤخرا تدشين برنامج طموح متعدد القطاعات للمساعدة في تقليل غازات الاحتباس الحراري, ودعم القطاعات القابلة للتضرر للتكيف مع تغير المناخ, ويتضمن هذا البرنامج التعاون مع الوزارات الثلاث( وزارة البيئة, ووزارة الموارد المائية والري, ووزارة الزراعة واستصلاح الأراضي). كما يتضمن أيضا مجلس السياسات الاقتصادية الذي يترأسه معالي رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف في إشارة لاعتراف الحكومة بالحاجة إلي وضع تغير المناخ علي قمة جدول أعمال التنمية الخاص بها. وتساهم ست هيئات ووكالات للأمم المتحدة بالعمل علي مواجهة تحدي تغير المناخ, ونحن نعتبر هذه المبادرة,التي تمولها حكومة إسبانيا, كمنبر عمل رئيسي لمجموعة كبيرة من تدابير التخفيف والتكيف. وإلي الآن نجح البرنامج في تحقيق إنجازات كبيرة منها وحدة كفاءة الطاقة في مكتب رئيس الوزراء وتصميم نموذج تداول إقليمي للتنبؤ بشكل أفضل بسقوط الأمطار في حوض النيل. ومن المتوقع أن يحقق نتائج أكثر أهمية في الأعوام المقبلة. برنامج التنمية المجتمعية للموقع التراثي العالمي بدهشور من بين المجالات الأخري التي نعمل عليها, والممول هو الآخر من إسبانيا, برنامج التنمية المجتمعية للموقع التراثي العالمي بدهشور. بناء علي معرفة ودعم السكان المحليين, نستهدف تحسين معيشة الأفراد وظروف العمل في دهشور من خلال أنشطة توفر فرص عمل, مع التركيز بشكل خاص علي ضمان عمل لائق للسيدات والشباب. وفي نفس الوقت, يسعي البرنامج إلي حماية الطبيعة البدائية لمجموعة أهرامات دهشور عبر تنمية القدرات المؤسسية لإدارة الموارد الطبيعية والتراث الثقافي الفريد بالمنطقة علي نحو أفضل, وعن طريق أيضا الإعلان عن النظام البيئي بموقع دهشور رسميا علي أنه محمية طبيعية. ويجمع البرنامج مالايقل عن سبعة شركاء حكوميين(هم الصندوق الاجتماعي للتنمية, وجهاز شئون البيئة المصري, ومركز تحديث الصناعة, ووزارة السياحة, وهيئة التنمية السياحية, والمجلس الأعلي للآثار, ووزارتا الخارجية والتعاون الدولي).وهو يعتمد علي خبرات ودعم خمس من منظمات الأممالمتحدة( هي برنامج الأممالمتحدة الإنمائي, ومنظمة العمل الدولية, ومنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة, ومنظمة السياحة العالمية, ومنظمة الأممالمتحدة للتنمية الصناعية). برنامج تنمية الزراعات بصعيد مصر وفي هذا السياق, شرعت أربع وكالات للأمم المتحدة( برنامج الأممالمتحدة الإنمائي, ومنظمة الأممالمتحدة للتنمية الصناعية, وصندوق الأممالمتحدة لتنمية المرأة ومنظمة العمل الدولية)والحكومة(وزارة التجارة والصناعة ووزارة الاستثمار), والقطاع الخاص في تنفيذ برنامج للحد من الفقر, وذلك من خلال تعزيز الشراكات بين صغار المزارعين في صعيد مصر ومستثمري القطاع الخاص لترويج سلاسل القيمة البستانية للحاصلات الزراعية, ويهدف البرنامج إلي دمج جمعيات صغار المزارعين في أفقر خمس محافظات بصعيد مصر في سلاسل القيمة المحلية والعالمية بشكل أكثر عدلا, فضلا عن منحهم القدرة علي تأسيس مشروعات, والقيام بنشاط تجاري مع مستثمري القطاع الخاص. ويدرك البرنامج المشترك قدرات مصر الهائلة علي توسيع قاعدة صادراتها لأوروبا, مما يولد فرص عمل كبيرة, تضم الشباب والنساء, فضلا عن توفير الدخل الذي يمكن استثماره مرة أخري في هذا المجال. أجندة القاهرة لرفع كفاءة المساعدات الإنمائية كما اطلقت الأممالمتحدة بالتعاون مع وزارة التعاون الدولي ومجموعة شركاء التنمية صياغة أجندة القاهرة لرفع كفاءة المساعدات الإنمائية والتي تأخذ في الحسبان اعتبارين رئيسيين: المباديء المتضمنة في إعلان باريس وأجندة أكرا(وهي الملكية والتنظيم والتناغم والإدارة لتحقيق نتائج والمحاسبة المشتركة), والتحديات التنموية المحددة التي تواجه مصر خلال الخمسة إلي العشرة أعوام المقبلة. وتحدد أجندة القاهرة المجالات التي تحتاج للمزيد من التقدم. وهي دراسة تحليل الموقف والتي تسرد التحديات التنموية الرئيسية لمصر للفترة من الخمس إلي العشر سنوات المقبلة. والثانية هي تحديد المجالات ذات الأولوية للتعاون الدولي. والثالثة تتعلق بتعزيز ترتيبات الإدارة لتحقيق نتائج. والرابعة هي برنامج عمل بشأن فاعلية المساعدات, والذي يتضمن المكونات الثلاثة الأخري, كما يضم اعتبارات إضافية مثل ترتيبات المحاسبة المشتركة ونظام إدارة معلومات المساعدات. المنسق المقيم للأمم المتحدة