أهداف غير شرعية.. بالتحايل.. بالخداع.. بالغش.. كلها مرادف لرياضة غير نظيفة، وأخلاق لا تصلح أن تحقق انتصاراً لمبادئ قويمة. فعل ذلك الكثيرون: مارادونا, تييري هنري, محمد فضل, وأخيرا إينرامو.. فهل الأهداف غير الشرعية قلة حيلة وعجز أم أن الرياضة فقدت معانيها الجميلة وأصبحت الأموال والبطولات هي الهدف؟.. الإجابة في سياق التحقيق التالي. في البداية يقول الدكتور طه إسماعيل الخبير الكروي المعروف إن بعض الأهداف التي يطلق عليها غير شرعية تكون غير مقصودة, أي لم يحاول اللاعب فيها خداع الحكم, مثل الهدف الذي أحرزه محمد فضل مهاجم الأهلي في مرمي الترجي, الذي دارت حوله شكوك, ومن الممكن احتسابه أم لا, أما الهدف الذي أحرزه إينرامو مهاجم الترجي في الأهلي, فلا فخر لهذا اللاعب أن يحيي الجماهير, لأنه أحرزه بطريقة غير شرعية. وأشار الدكتور طه إسماعيل إلي أن هناك بعض اللاعبين الذين يعترفون بالأهداف غير الشرعية, ولكن بعد انتهاء المباريات, وبعد أن يضمنوا عدم إعادتها, مثلما فعل الفرنسي تييري هنري في أيرلندا بتمرير الكرة بيده لزميله الذي أودع الكرة المرمي, فتأهل منتخب بلاده للمونديال, فالحق لن يعود لأصحابه حتي في أثناء المباريات. وقال إن الكرة مثل أمور كثيرة نعيشها تحت مبدأ الغاية تبرر الوسيلة بمعني الحصول علي الشيء أو المكسب بأي كيفية دون النظر إلي شرعيته, فالرياضة أصبحت مثل السياسة, مثل اغتصاب أراضي دول أخري, وتزوير الأصوات والانتخابات, مشيرا إلي أنه من المفروض أن يعترف اللاعب بعدم مشروعية الهدف, لأنه تعمد الخطأ, وذهب إليها بيده, فهو ارتكب خطأ, ومصر عليه, فاعتذاره هنا لن يحدث, بخلاف الذي حاول إحراز الكرة برأسه أو قدمه, ولكنها اصطدمت بيده ودخلت المرمي. وتذكر الدكتور طه إسماعيل ما فعله الراحل بدوي عبدالفتاح, الذي سدد الكرة في إحدي المباريات التي أقيمت بملعب الترسانة, ولكنها اخترقت الشباك من الخارج ودخلت المرمي, واحتسبها الحكم هدفا, وثار لاعبو الفريق المنافس, وطلبوا منه سؤال عبدالفتاح, الذي اعترف بعدم دخولها المرمي فألغي الحكم الهدف, وكررها آرسين فينجر المدير الفني لآرسنال الإنجليزي الذي اعترف بعدم مشروعية هدف أحرزه فريقه, وأبدي استعداده لإعادة المباراة. وأكد الدكتور طه إسماعيل أنه من المفروض أن يتم احترام الرياضة, لأنها أخلاق في المقام الأول, وليست وسيلة للغش والخداع, لأن من يفعل ذلك يقابل بالاستهجان, حتي من مؤيديه. أما علي أبوجريشة, نجم الإسماعيلي ومنتخب مصر السابق, فيري, أن الأموال والطمع في جمعها هو السبب لأن المكسب أصبح يكلف أي فريق الكثير, مما يجعله عن طريق اللاعبين في الملعب يبذل كل الوسائل لتحقيق الفوز حتي لو كان ذلك بطريق غير مشروع, دون النظر للأخلاق, فلو نظرت الأندية للأخلاق ستخسر الكثير. وأضاف أبوجريشة أنه للأسف طغت المادة علي الأخلاق فقتلت المعاني الجميلة التي يجب أن يتحلي بها من يمارسون الرياضة, فرأينا ألعابا عنيفة تدمر مستقبل لاعبين, وأهدافا تغير مصائر أندية ومنتخبات, مضيفا أن العودة إلي الزمن الجميل في كرة القدم أصبحت مستحيلة, فمن ينسي علي خليل لاعب الزمالك الذي رفض الاعتراف بهدف أحرزه في مرمي الإسماعيلي بطريقة غير شرعية, وألغاه الحكم, وكان من نتيجة ذلك خسارة فريقه, فهل كان الجمهور سيتذكر هذا الهدف لو تم إحرازه, مثلما يتذكرون الآن الأخلاق العالية لهذا اللاعب؟ وأشار عماد متعب نجم مصر والأهلي إلي أن هناك مواقف يحدث فيها التعمد, وأخري لا, ولكن ما حدث في وقائع إينرامو, ومارادونا, وهنري, متعمدة, وبالتالي فإن هؤلاء لم يشعروا في داخلهم بأن ما حدث طبيعي, بل رأوا أنه سلوك معيب. وأضاف متعب أنه لن يفعل مثلما فعل هؤلاء, فهذه أساليب رخيصة, لا يلجأ إليها إلا قليلو الحيلة, مضيفا أن المهاجم الخلوق يجب أن يعترف بخطئه حتي لو أدي ذلك إلي خسارة فريقه, لأن هذه الأخطاء المتعمدة ليست من قوانين كرة القدم, بل إن عقاب من يأتي بها واجب, فليس معني أن الحكم احتسب الخطأ أن يتم السكوت عنه, لأن الحكم بشر ويخطئ, ويجب علي كل من في الملعب أن يساعده علي أن يكون عادلا. وقارن متعب بين من يحصل علي ضربة جزاء برغم الشك في كونها صحيحة أم لا, حيث يري أن ذلك هو ذكاء ملعب, وبين من يحرز هدفا بيده متعمدا فهو قليل الحيلة. وقال الدكتور عبدالله مكي مدرس الطب النفسي بجامعة الأزهر إن رد فعل أي لاعب عند إحراز هدف بطريقة غير شرعية, يكون لحظيا, فليس هناك تخطيط مسبق, وعندما يحاول اللاعب مثلا إحراز هدف تكون محاولته شرعية في البداية لأنه حاول استخدام قدمه أو رأسه, وعندما يعجز عن ذلك يستخدم الحيلة, ومن الطبيعي ألا يلعبها حتي لا يتم عقابه, مضيفا أن الشحن المعنوي قبل أي مباراة يجعل اللاعب حتي لو كان سيتعرض للعقاب يلجأ للطرق غير المشروعة, كما فعل إينرامو في أول دقيقة دون خوف من عقاب. وأضاف مكي أن التنشئة السليمة منذ الصغر تجعل الرياضي لا يقوم بذلك, ولكن للأسف أصبحت الرياضة هدفها البطولة وليست الأخلاق, بدليل وجود المنشطات والرشاوي, حتي إن مسئولي الفيفا, تدور تحقيقات الآن حول حصولهم علي رشاوي.