كان موعدي هذا الأسبوع مع مسرحية مولد سيدي المرغب التي تقدمها فرقة المسرح الكوميدي علي المسرح العائم. المعروف أن هذا المسرح له جاذبية خاصة بالنسبة للمتفرجين خاصة إذا ما أقدم علي عمل من نوعية المسرح الكوميدي.المسرحية التي نحن بصددها من النوع الكوميدي الذي اعتدنا عليه والذي غالبا ما يطرح قضايا بسيطة ويعالجها من خلال مواقف تنتزع الضحك من الجمهور. المسرحية هنا أيضا لا أصفها بالكوميديا السوداء وهي تلك الي تقدم الضحك من خلال المأساة ولو أن أصل الموضوع أو النص يمكن وصفه بالمأساة لكن المعالجة هنا تقدمه.. أي النص من خلال الكوميديا الساخرة أي تلك التي تسخر من مشاكلنا. هذا العرض كنت قد شاهدته منذ أكثر من12 عاما عندما قدمه المسرح الكوميدي أيضا عن نص الكاتب الساخر الراحل القدير يوسف عوف وبنفس الاسم أو العنوان وهو مولد سيدي المرعب فماذا عن هذا المولد.. مولد سيدي المرعب؟ النص يحكي عن واقعة حدثت بالفعل عندما وصل إلي أحد مراكز الأبحاث جهاز مشع ولكنه لم يلق العناية التي يستحقها حيث تم إلقاؤه في فناء المجمع البحثي وتم نزع أغلفته الواقية وهو بالطبع أمر خطير بل بالغ الخطورة السبب في هذا لا يخرج عن أمرين وهما البيروقراطية و الجهل. البيروقراطية في أن أيا من الجهات لم توافق علي أن تحصل عليه وبالتالي تحافظ عليه.. الصحة رفضت والتعليم رفض وغيرهما من الوزارات أو الجهات التابعة لهذه الوزارات. وأما الجهل فهو الذي تمثل في أن زوجة الغفير الذي يحرسه عندما وضعت طفلها المريض عليه ولكنها وجدته وقد أنتهي بكاؤه فأحست بأنه شفي من المرض الذي أدي إلي هذا البكاء. من هنا قامت بنزع بعض من الأغلفة لتعالج بها أمورا مختلفة إلي أن ذاع صيت هذا الجهاز ليتم تغطيته كضريح يتبرك به البسطاء لفك أزماتهم!! نص جيد بل ومتميز للراحل الساخر يوسف عوف. الإخراج تولاه في المرة الأولي منذ12 عاما و أيضا هنا نفس المخرج محمد أبو داود الذي ابتعد عن الإخراج لفترة طويلة شاهدناه خلالها ممثلا في العديد والعديد من الأفلام والمسلسلات. عاد مرة أخري للإخراج خاصة أن هذا النص قد أعجبه منذ البداية فكان أن أخرجه مرة أخري للمسرح الكوميدي مع بعض التغييرات التي تناسب اليوم والذي اختلف الي حد ما عن الأمس. فماذا عن الإخراج؟ استعان بديكور بل بديكورات متعددة بعضها في مستوي معقول وبعضها أقل من المطلوب كما استعان بعدد قليل من الاستعراضات وهي لزوم المسرح الكوميدي وكانت في مجملها متوسطة ولكن كان ثمه استعراض بالغ الروعة في تصميمه وهو استعراض الجنود علما بأن مصمم كل الرقصات فنان واحد وهو عاطف عوض. لدينا موسيقي وألحان نبيل علي ماهر وكانت حيدة عن بعض أشعار لكمال عمار. ما آخذه علي الأخراج هو بعض الإطالة خاصة في الجزء الأول وبعض التفصيلات التي لم تقدم الجديد للعمل. أيضا هناك جزئية بين الغفير وزوجته الريفية.. تكررت أكثر من مرة وكانت المرة الأولي كافية تماما للوصول إلي ما يريده النص. وبصفة عامه كانت الحركة جيدة خاصة أن محمد أبو داود تمرس في الإخراج وللكوميدي منذ فترة طويلة. فماذا عن الأبطال؟ لدينا رئيس المسرح القومي يقوم ببطولة مسرحية للكوميدي وهو أمر أجده يحمل في طياته ميزة عندما يقوم الفنان بأي دور.. المهم أنه يخدم الفن سواء باعتباره رئيسا لمسرح أو فنانا ممثلا ومؤديا لمسرح آخر. كان رياض الخولي مؤديا في دور الغفير البسيط بمعني الجاهل بمقدرة حقيقية حيث استطاع أن يملأ خشبة المسرح بذلك الحضور والقبول القوي لدي الجمهور. أمامه انتصار في دور زوجته.. تلك الفنانة التي برعت في أداء الكوميديا منذ ظهرت في فيلم سهر الليالي لتتوالي إبداعاتها في هذا المجال سواء للمسرح أو للتليفزيون أو للسينما. لدينا أيضا من الممثلين الذين يحملون اسما كبيرا سعيد طرابيك ثم لدينا طاقة شابة بارعة في أدائها الذي اتسم بالجدية طوال العرض ومن خلالها كانت الحلقة التي تصل أجزاء النص أو الحكاية للجمهور.. إنها وفاء صادق.