بحكم عملي مندوبة لوكالة أنباء الشرق الاوسط بمطار القاهرة منذ عام1979 وحتي الآن قابلت الكثيرين من الشخصيات العالمية التي تزور مصر وايضا معظم الوزراء وكبار المسئولين ومنهم وزير الخارجية المرحوم أحمد ماهر. وكانت لي مع الفقيد ثلاثة مواقف تثبت نبل أخلاقه وشدة تواضعه وثراء شخصيته التي تؤكد المثل الصيني السنبلة المليئة تقترب من الارض بمعني انه ثري بأفكاره غني بعمله واخلاصه فلقد قابلته عندما كان عضوا في فريق مفاوضات طابا في نهاية الثمانينيات وفي يوم جمعة كانت كل مكاتب الدور الذي به مكتبنا مغلقة وجدت السفير أحمد ماهر امام باب مكتبنا يسألني: كيف اخرج من هذه المتاهة ؟ فهو يريد ان يصل الي اتوبيس كبار الزوار الذي ينقله الي الطائرة ولان قاعة كبار الزوار مغلقة للاصلاح, كان عليه الصعود الي الطابق الذي يلينا وسعدت برؤيته وضحكت للمصادفة وارشدته الي الطريق الصحيح ووجدتها فرصة لكي اسأله عن مدي تقدم مفاوضات طابا فأجابني بتواضع وسلاسة وأدب جم. وفي يوم توجهت الي قاعة كبار الزوار لمقابلته قبل سفره فمنعني رجال الحراسة المرافقون له معللين ذلك بأنه سيتأخر عن اللحاق بالطائرة فابتعدت عن طريقه ولكن يبدو انه لمحني فسألهم عني فقالوا له: كانت تريد ان تسألك فتوقف وطلب منهم احضاري وهرولت معهم نحوه وانا شديدة الامتنان لكرم أخلاقه وأجاب عن اسئلتي واكمل سيره. اما الموقف الاخير فقد كنت اتوجه انا وزميلي حسين الزناتي مندوب جريدة الأهرام بالمطار لمقابلته وعند باب صالون كبار الزوار قابلنا بالمصادفة الفريق أحمد شفيق وزير الطيران المدني وهو واحد من الوزراء الذين تعاملنا معهم وتوقفنا نتكلم معه وفي ختام اللقاء قال للزميل حسين الزناتي: اننا سننظم جولات للصحفيين بمطارات مصر ونظر نحوي وقال: ولكن لن نصطحب المحجبات فضحكت لمداعبته وقلت له: سأذهب بطريقتي الخاصة فضحك قائلا: انت مسنودة علي مين؟ وسأل الوزير أحمد ماهر: سيادتكم تساندها؟فأجاب بخفة ظل أساندها ونص! وعندما تلقيت خبر وفاته تذكرت حديث رسولنا العظيم عليه الصلاة والسلام: من ادخل السرور علي قلب مسلم لم يرض الله له ثوابا دون الجنة وادعو الله ان يرحمه رحمة واسعة ويسكنه فسيح جناته. انتصار بدوي صحفية بوكالة أنباء الشرق الأوسط