ثارت في الآونة الأخيرة محاولات لاشعال نار الفتنة بين أبناء الوطن الواحد من مسلمين ومسيحيين, لكنها سرعان ما خمدت بفضل وعي عنصري الأمة. فمصر عاشت أكثر من ألف وأربعمائة عام في رباط وطنا واحدا وشعبا واحدا ولم ينجح المستعمر طوال هذه القرون الماضية في تفكيك أواصرها حتي تلك الفترات التي مرت فيها العلاقة بقدر من التوتر لم يحدث أن وصل هذا التوتر إلي حدود الخطر الذي يهدد أمن وسلامة الوطن. والدستور المصري الذي يمثل العقد الاجتماعي بين أهلها نص علي أن المصريين جميعهم أمام القانون سواء, ولم يميز بين المواطنين بسبب العقيدة أو اللون, وكذلك قانون العقوبات والقانون الجنائي لم يفرق في المحاكمة بين قبطي ومسلم. بالإضافة إلي أن مقومات الشخصية المصرية قامت عبر الأجيال علي الانتماء والتماسك, وصلابة النسيج الواحد الذي يبقي صلبا وصلدا لا تخترقه أقوال مهترئة أو صيحات مجنونة لا تعي ما تقول. لقد أدرك المصريون منذ قديم الأزل أن النار عندما تشتعل لن تفرق بين مصري مسلم أو مصري مسيحي, وأن وحدة مصر وتماسكها يجب أن تبقي فوق الجميع, لأن ذلك تعلق الأبواب والنوافذ أمام تسلل العناصر المخربة والساعية إلي إحداث الفتنة التي نري آثارها المدمرة في الكثير من البلدان حولنا. وإذا كان عقلاء العالم قد استنكروا بشدة إساءة بعض الغربيين للقرآن الكريم, فإن عقلاء مصر بمفكريها ومثقفيها من المسلمين والمسيحيين مطالبون بالتصدي لأي محاولة تسيء إلي الأديان السماوية الثلاثة ورموزها ومقدساتها وباليقظة وتفويت الفرصة علي المتربصين بأمن مصر واستقرارها, وأن يعتبروا العقائد الدينية للمصريين جميعا خطا أحمر لا يجوز المساس به من قريب أو بعيد كما جاء في بيان مجمع البحوث الإسلامية الأخير.