انتهت فترة تولي مصر لأول مرة منصب نائب رئيس المجلس الدولي لحقوق الانسان بجنيف والذي تولته لأول مرة لمدة عام منذ عام تأسيس المجلس الدولي التابع للأمم المتحدة. وبذلت فيه جهودا مضنية خلال توليها المنصب ورئاستها للمجموعة الإفريقية ومجموعة عدم الانحياز, وبهذه المناسبة أجرينا هذا الحوار مع السيد السفير هشام بدر المندوب الدائم لمصر لدي الأممالمتحدة بجنيف للتعرف علي أبرز الموضوعات والقضايا الحقوقية التي تناولها المجلس خلال دورته الاخيرة وأبرز ماصدر عنه من قرارات: * تزامن مع بداية تلك الدورة وقوع الهجوم الاسرائيلي علي قافلة الحرية أثناء اتجاهها إلي قطاع غزة, هل يمكن أن تلقي الضوء علي رد الفعل الذي اتخذه المجلس عثب الهجوم؟ السفير بدر: قام وفد مصر عقاب وقوع الهجوم الإسرائيلي علي قافلة الحرية بجهد دبلوماسي مكثف من خلال وفدها الدائم بجنيف من أجل حشد التوافق لعقد نقاش عاجل بمجلس حقوق الانسان لتناول ذلك الهجوم, حيث قمنا بتحركات واسعة لضمان التناول الجدي والفوري للمجلس لذلك الانتهاك الإسرائيلي الذي لايمكن تبريره علي أي نحو وذلك سواء من خلال صفتها كنائب رئيس مجلس حقق الانسان أو من خلال تأمين موقف قوي لدول حركة عدم الانحياز لمساندة موقف المجموعتين العربية والإسلامية في ظل رئاسة مصر الحالية للحركة. كما ألقت مصر بيانا قويا باسم حركة عدم الانحياز خلال النقاش العاجل الذي عقده المجلس في هذا الخصوص تم فيه إدانة الهجوم الاسرائيلي غير القانوني علي قافلة الاغاثة الانسانية أثناء مرورها في المياه الدولية, واستنكار مقتل وإصابة المدنيين من جراء ذلك الهجوم. كما طالبت مصر باسم حركة عدم الانحياز بإجراء تحقيق دولي في هذا الشأن يتسم بالشفافية لتحديد المسئوليات وتعويض الضحايا, وبقيام اللجنة الدولية للصليب الاحمر بالحصول علي معلومات بشأن أوضاع المصابين والمحتجزين بالافراج الفوري عن جميع المحتجزين وتسهيل عودتهم. كما دعا بيان الحركة إلي الانهاء الفوري للحصار علي غزة وجميع الأراضي الفلسطينية المحتلة, وطالب باضطلاع المجلس بمسئولياته في اتخاذ رد فعل قوي إزاء ذلك الهجوم. * وماذا تمخض عن هذا النقاش العاجل الذي عقده المجلس من نتائج عملية؟ السفير بدر: نجحت الدبلوماسية المصرية في إطار جهد إسلامي وعربي مكثف من استصدار قرار قوي من مجلس الأممالمتحدة لحقوق الانسان في2 يونيو2010 يدين بأشد العبارات الهجوم الإسرائيلي علي قافلة الحرية ويقرر إيفاد بعثة دولية مستقلة لتقصي الحقائق من أجل التحقيق في إنتهاكات القانون الدولي الناشئة عن الهجوم الاسرائيلي. * قد يقلل بعض المراقبين من الفائدة المتحققة من إنشاء بعثة دولية لتقصي الحقائق للتحقيق في الانتهاكات الإسرائيلية علي قافلة الحرية, ما هو تعقيبك علي ذلك؟ السفير بدر: ما من شك أن المسار القانوني أو الحقوقي بإنشاء بعثة دولية مستقلة لتقصي الحقائق للتحقيق في انتهاكات القانون الدولي التي ارتكبتها إسرائيل مهم للغاية ولاينبغي التقليل من شأنه. ومن المنتظر أن يقوم المجلس بعد تلقي التقرير الصادر عن البعثة الدولية لتقصي الحقائق بإصدار قرار بشأنه والبناء لاحقا علي استخلاصاته وتوصياته بحيث يتم تفادي محاولات دفن تلك الانتهاكات مع مرور الزمن. * نعلم كذلك أن الدورة الاخيرة لمجلس حقوق الانسان شهدت اعتماد نتيجة المراجعة الدورية لمصر في إطار آلية المراجعة الدورية الشاملة بمجلس حقوق الإنسان, هل يمكن أن تلقي الضوء علي ذلك الأمر؟ السفير بدر: اعتمد بشكل نهائي تقرير المراجعة الدورية لمصر في11 يونيو الماضي, وهي المرحلة النهائية في عملية المراجعة الدورية الشاملة لاوضاع حقوق الانسان في مصر, والتي كانت اولي مراحلها في فبراير الماضي وتميزت بالايجابية والتفاعل البناء مع جميع الدول, حيث لاقي التقرير الوطني استحسانا كبيرا لتوازنه وانفتاحه ومصداقيته في عرض انجازات الحكومة وخططها المستقبلية للتعامل مع التحديات. وقد كان لقبول مصر21 من بين التوصيات ال25 التي طلبنا في جلسة المراجعة في فبراير الماضي دراستها لتقدير الموقف بالنسبة لها, اثره الكبير في اظهار جدية مصر في النهوض بأوضاع حقوق الانسان لديها, اذ انه بذلك تكون مصر قد قبلت اكثر من ثمانين بالمائة من التوصيات التي قدمت اليها. * ماهي أبرز المبادرات التي إتخذتها مصر خلال الدورة المنقضية للمجلس؟ السفير بدر: أود أن أشير إلي أنه خلال الدورة المنقضية لمجلس حقوق الإنسان لعبت مصر دورا رائدا في الدفع باتجاه تنظيم الحلقتين النقاشيتين حول حماية الصحفيين في النزاعات المسلحة وحول الاتجار في الأفراد واللتين تم فيهما تناول لأول مرة هذين الموضوعين في نقاش موسع بالمجلس يسترعي انتباه الدول للأبعاد المختلفة لهاتين القضيتين وقد ترأست الجلستين. فقد قادت مصر مبادرة لعقد جلسة للاستماع بشكل مباشر لتجارب لعدد من ضحايا جرائم الاتجار في الأفراد وكيفية وقوعهم فريسة لمرتكبي هذه الجريمة البشعة وافلاتهم من براثن محتجزيهم ثم تغلبهم علي ماخلفته بهم هذه التجربة من آثار نفسية وجسمانية. * أشرت في معرض ردك علي أحد الأسئلة إلي أنك توليت منصب نائب رئيس مجلس حقوق الانسان, هل يمكن أن تلقي الضوء علي كيفية توظيف هذا المنصب لخدمة قضايانا؟ لقد توليت هذا المنصب لمدة عام منذ يونيو2009 وحتي يونيو2010 وذلك بموجب القواعد المنظمة لعمل مجلس حقوق الإنسان, وقد حرصت خلال تولي هذا المنصب علي التصدي للمحاولات التي تسعي إلي تسييس عمل المجلس وتأكيد مبدأ المعاملة المتساوية لجميع الدول وكذلك تناول المجلس بشكل متوازن للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بجانب الحقوق المدنية والسياسية. كما ترأست عددا كبيرا من جلسات المجلس خلال العام المنصرم بما في ذلك الحلقات النقاشية حول حماية الصحفيين في النزاعات المسلحة وحول الاتجار في الأفراد وتأثير الأزمة المالية والاقتصادية العالمية علي التمتع بحقوق الانسان. * يشهد العالم حاليا تصاعدا في الحملات الاعلامية الموجهة ضد المسلمين وتعرضهم لأوجه مختلفة للتمييز ضدهم في ممارستهم لشعائرهم الدينية, وليس ببعيد عن الأذهان علي سبيل المثال حظر بناء المآذن في سويسرا. هل شهدت الدورة الأخيرة للمجلس إتخاذه أي رد فعل إزاء هذه الظواهر؟ السفير بدر: لقد صدر بالفعل عن المجلس قرارا بشأن حرية الدين والمعتقد بعد الاستجابة لمشاغل وتعديلات المجموعة الإسلامية علي مشروع القرار وبعد مشاورات مطولة وصعبة مع الجانب الأوروبي. ويدين القرار أية دعاوي للكراهية الدينية التي تشكل تحريضا علي التمييز والعنف سواء من خلال استخدام وسائل الإعلام المطبوعة أو المسموعة أو المرئية أو من خلال أي وسائل أخري, ويدعو الدول إلي تبني إجراءات وسياسات للترويج لاحترام أماكن العبادة والأماكن الدينية, كما يوضح القلق إزاء استمرار حالات عدم التسامح الديني والعقبات المتزايدة أمام التمتع بالحق في حرية الدين والتي تتضمن حالات الكراهية الدينية والتمييز وعدم التسامح والعنف الديني والتي تظهر من خلال التنميط ووصم الأشخاص علي أساس الدين, والهجوم علي الأماكن الدينية الذي يعد انتهاكا للقانون الدولي, وأخيرا إزاء حالات انتهاك الحق في الحرية الدينية بما في ذلك الحق في التعبير العلني عن المعتقدات الدينية. ويتعين التوضيح أن وفد مصر لعب دورا إيجابيا وفاعلا بهدف تضمين القرار فقرات تتناول الظواهر المستحدثة والآخذة في الانتشار ذات الصلة بالتمييز علي أساس الدين والتحريض علي الكراهية الدينية والتضييق علي مظاهر التعبير العلني عن المعتقدات الدينية والتنميط السلبي لاتباع الديانات وعدم احترام أماكن العبادة, ونجحت مصر في إطار جهد دبلوماسي واسع في بذل ضغوطا علي الجانب الأوروبي الذي يقدم القرار تقليديا بمجلس حقوق الإنسان وذلك بهدف وضع إطار موضوعي محدد لعمل المقرر الخاص المعني بحرية الدين أو المعتقد بحيث يلتزم بتقديم تقارير إلي مجلس حقوق الانسان بشأن تلك الظواهر المقلقة. * نفهم من هذا أن مصر تولي إهتماما خاصا لتناول مجلس حقوق الانسان لأوضاع المسلمين في الدول الغربية وهي الأوضاع التي تشهد تدهورا في العديد من الحالات؟ السفير بدر: يوجد لدينا اقتناع بأهمية قيام المجلس بادانة الاتجاه المتزايد للتنميط الديني السلبي ودعاوي الكراهية الدينية التي تشكل تحريضا علي العنف والتمييز والعداء وتعوق ممارسة الحريات الدينية, حيث يتعين أن يضطلع المجلس بدوره في جذب انتباه المجتمع الدولي لهذه الظواهر السلبية وللعمل الدولي المنسق لمعالجتها من خلال اتخاذ خطوات مناسبة علي المستويات الوطنية توفر الحماية للأفراد واتباع الديانات من أعمال الكراهية والعنف والتمييز, وكذلك اتخاذ جميع الخطوات الممكنة للترويج للتسامح واحترام جميع الأديان.