في محاولة لإنقاذ البحث العلمي يطرح الدكتور عصام خلف الحسيني الأستاذ غير المتفرغ بجامعة الإسكندرية عدة خطوات هامة قد تنجح في إنقاذ البحث العلمي من الغرق, موضحا أن البحث العلمي أشمل من بناء تكنولوجيا وهناك بحوث علمية في كافة مجالات الحياة المختلفة كالعلوم العسكرية والاقتصاد والزراعة والري وعلوم البحار والهندسة والطب والصيدلة والتعليم إلخ وحين يكون لدولة السبق في التوصل إلي منتج جديد فإن ذلك يؤدي حتما إلي دعم لاقتصاد هذه الدولة وما الصراع علي الأدوية بين الشركات الكبري التي تصل أحيانا إلي إشعال الحروب إلا دليل علي الأهمية الكبري للبحث العلمي في كافة المجالات سواء منها العسكرية أو المدنية.. والواقع أن البحث العلمي في مصر يحتاج إلي: أولا: زيادة ميزانية البحث العلمي زيادة تتناسب مع المطلوب تحقيقه, فمن غير المعقول أن يتم تقليص هذه الميزانية كما حدث مؤخرا في الوقت الذي تضاعف فيه الدول هذه الميزانية, ولقد أصبح البحث العلمي باهظ التكاليف علي المستوي الفردي فالاشتراك في الدوريات العلمية وشراء الكتب يتجاوز مرتبات أساتذة الجامعات بكثير فضلا عن تكاليف البحث ذاته.. لذلك فإن رصد الميزانية المالية للبحث العلمي علي مستوي الدولة يصبح غاية في الأهمية.. ولابد من تزويد كافة أعضاء هيئة التدريس بالجامعات الحكومية بكمبيوتر كجزء من أثاث مكتبه وطابعة مستقلة أو مشتركة.. فالاستعانة بالإنترنت أصبح ألف باء البحث العلمي في هذه الأيام. ولابد من إلزام الجامعات الخاصة بنفس ما تلزم به جامعات الحكومة إذ أن ما يميز الجامعة عن المدرسة الابتدائية أو الثانوية هو البحث العلمي الذي هو مكون أصيل من مكونات' الجامعة' سواء كانت حكومية أو خاصة, إذ إن الجامعة ترتكز علي ركيزتين: ركيزة تعليمية وأخري بحثية وجامعات أمريكا الخاصة مثل استانفورد أو هارفارد أو كالتك أو غيرها من الجامعات الخاصة المرموقة قدمت إلي البشرية من العلم والعلماء ما هو جدير بالتوقف عنده ودراسته والعمل بمثله في جامعاتنا الخاصة التي يجب أن تخصص جزءا من أرباحها للبحث العلمي حتي تصبح جامعة بالمعني الفعلي للجامعة مشاركة في بناء التكنولوجيا المصرية.. ثانيا: دعم المكتبات في كل جامعة من الجامعات بالكتب البحثية الحديثة والمجلات العلمية الرائدة في كافة المجالات وربط المكتبات بمواقع الإنترنت التي تيسر علي الباحث إيجاد مايبحث عنه في المجلات التي لاتوجد في المكتبة وهذا يستلزم رصد ميزانية للاشتراك في هذا النظام. ثالثا: من غير المعقول أن يضيع الباحث الأيام التي قد تمتد إلي الأشهر باحثا عن بحث بعينه في أشهر المجلات الأمريكية منشور في عام2008 ولا يجده في أي مكتبة من مكتبات أكبر جامعات مصر: القاهرة وعين شمس والإسكندرية وقد حدث هذا معي شخصيا في هذه الأيام..! فلا الجامعة اشتركت في النظام الورقي لهذه الجمعية الأمريكية ولا هي اشتركت في نظام الإنترنت الخاص بها..! رابعا: لابد من وجود خطط بحثية علي مستوي الدولة يستدعيها واقع الحال ينفذها من هم قادرون علي تنفيذها فالعبرة هي فيما يعود علي الدولة من فائدة من نتائج هذه الخطط البحثية المطلوبة. خامسا: تشجيع عمل المؤتمرات العلمية الدولية مرة كل سنة أو كل سنتين في التخصصات المختلفة, حيث الاحتكاك العلمي للمدارس المختلفة في أنحاء العالم في الجامعات والمراكز البحثية والعمل علي دفع الأقسام للاهتمام بعقد الندوات ومناقشة خطط الرسائل العلمية علي فترات أسبوعية أو شهرية منتظمة. سادسا: التوسع في تيسير السفر للمعيدين والمدرسين المساعدين في نظام للبعثات إلي الخارج في نظام مثل الإشراف المشترك, حيث يكتسب المبعوث مهارات وخبرات جديدة ويكتسب المشرفون عليه تبادل الخبرات وتجديد الأفكار مع الجامعات الأجنبية المختلفة. سابعا: وقبل كل هذا ضرورة تعديل النظام التعليمي قبل الجامعي تعديلا يتناسب مع تأهيل الطلاب التأهيل المناسب لإطلاق الطاقات الفكرية واستخدام وسائل تعليمية بسيطة حيث تقرب الخيال وتربطه بالواقع وتجعل من الأجهزة المستخدمة في الفيزياء أو الكيمياء أو الأحياء في المتناول سواء كان ذلك في الواقع أو في صورة أفلام فيديو أو أي وسائل إيضاح أخري, والاستعانة بالمجسمات ومقاطعها في الرياضيات بجانب الكتاب المدرسي الذي يحتاج إلي إعادة كتابة في ظل الأهداف المطلوبة. ثامنا: الإيمان بأنه لا نجاة لهذه الأمة إلا بالعلم الذي يتوجه البحث العلمي وأنه ضرورة حتمية وليس ترفا لاستكمال الشكل أو المنظرة والكف عن إثارة هذه القضية بلا ناتج ولا فائدة فقد سئمنا الحديث عنها بلا مردود ولافعل حقيقي وكأننا لا نخاطب أناس يسمعون فالمشاكل معروفة والحلول أيضا معروفة وتبقي الإرادة اللازمة لتحقيق الأهداف المرجوة.. هذه هي بعض الأفكار والرؤي التي أراها ضرورية لدفع البحث العلمي إلي الأمام وهي تحتاج في المقام الأول إلي الثقة بأننا قادرون علي التطوير فعلا لا قولا تخصيص ميزانيات مالية أكبر بكثير من الميزانية الحالية التي لاتسمن ولاتغني من جوع حتي نحقق بحثا علميا راقيا وتحسينا لجامعاتنا ومصانعنا إلي ماهو أفضل.