مالذي جعل خريج كلية الطب في الخمسينيات يحصل علي درجة الدكتوراة من بريطانيا دون أن يضطر لأن يعادل شهادته, وما الذي يجعل دولة الإمارات الآن. وغيرها كثير تطلب معادلة شهادة البكالوريوس أولا قبل أن تسمح للطبيب المصري( خريج هذه الأيام) بممارسة مهنة الطب علي أرضها؟! المثال الأول يعني أن الاعتراف بدراسة الطبيب المصري كان عالميا والمثال الثاني يؤكد أن مستوي دراستنا في كليات الطلب ينحدر وينحدر.. فلماذا لانتوقف قليلا لمراجعة أنفسنا لعل الانحدار يتوقف ويبدأ الصعود من جديد؟! يقول الأستاذ الدكتور حسن معبد رئيس أقسام الجراحة بمعهد الأورام السابق: هناك أكثر من مشكلة في التعليم الطبي من أهمها أنه من السبعينيات وحتي الآن لم يحدث تطور مع التحاق أعداد ضخمة بالكليات وبالنسبة للخريجين لابد أن يكون هناك مايسمي بالتعليم الطبي المستمر فلا تنقطع صلة الطبيب بالمناهج بمجرد تخرجه بل لابد من متابعة أحدث مناهج البحث وحضور المؤتمرات العلمية الخارجية واعداد أماكن لتدريب الخريجين بالمستشفيات في كل التخصصات الطبية, ولكننا للأسف نفتقد الي الأساتذة الذين ليساعدوننا علي خلق صف ثاني من الأطباء المؤهلين. ويؤكد الدكتور حسن ضرورة تحسين مستوي الأساتذة وأعضاء هيئات التدريس سواء ماديا وتعليميا والعمل علي تشجيع البحث العلمي بكافة أنشطته. وباندهاش يقول: هل من المعقول أن تشارك المنتخبات القومية في الرياضة في دورات واحتكاكات ومعسكرات ومباريات دولية لرفع مستواهم ولايهتم الأطباء بحضور مؤتمرات ودورات لمواكبة أحدث طرق العلاج في العالم! ولو تحدثنا عن النظام الطبي في مصر نجد أنه لارابط بين الجهات الطبية المتعددة مثل التأمين الصحي والمستشفيات العلاجية والمؤسسات العلاجية والمستشفيات التعليمية, بالاضافة الي المستشفيات التي تتبع النقابات والهيئات المختلفة ولو افترضنا وجود بروتوكول علمي لعلاج مرضي لا نستطيع تطبيقه علي كافة الهيئات. أما بالنسبة لطالب الطب يكفي أن أقول إن هناك كلية لدروس الطب الخصوصية تقع أمام قصر العيني مباشرة وأن هناك طلبة يدرسون في هذه المؤسسة الخاصة وهم من طلبة طب القاهرة والأكثر من ذلك هناك مرضي مقيمون بالمستشفي يتفقون مع الطالب علي تشخيص الحالة لأنه مريض بمرض مزمن ويعلم حالته بالتفصيل الي درجة أنه يبلغ الطالب بحالته بحيث يقوم الطالب أثناء الكشف العملي أمام الأستاذ بشرح الحالة بل والأكثر من ذلك يكتب له العلاج بعد الاتفاق مع المريض الذي يعلم حالته مقابل أجر معين. ويؤكد الدكتور معبد ان خريج كلية الطب في الخمسينيات والستينيات كان يستطيع الحصول علي درجة الماجيستير وللدكتوراة من بريطانيا وهو مايسمي بزمالة الكلية البريطانية الملكية دون أي امتحان معادلة ووصلت الأمور الأن إلي أن دولة كالإمارات العربية تقوم بأداء امتحان معادلة للطبيب المصري قبل السماح له بممارسة مهنة الطب في الإمارات!!! سألنا الدكتور محمد إسماعيل رمزي عن ملاحظاته وهو الحاصل علي درجة الدكتوراة في طب وجراحة العيون من اسبانيا ويعمل مدرسا بمعهد بحوث أمراض العيون قال: حينما ذهبت إلي مدريد ثم أليكانتي وهي مدينة صغيرة تضم مركزا من أكبر مراكز العيون في أوروبا وجدت أن المناهج التي تدرس في الجامعة المصرية تفوق مثيلتها في اسبانيا. لكن الأستاذ الإسباني لايكتفي بالعمل بالكلية ومستشفياتها وانما يكلف بالعمل بالمستشفيات الحكومية التعليمية بل يبحث هو عن تلك المراكز والتي بحاجة الي تخصصه ليعمل بها من أجل اعداد كوادر طبية من حديثي التخرج ومعظم أطباء العيون الأسبان ليس لديهم عيادات خاصة والمريض الذي بحاجة لكشف وإجراء جراحة يتجه للمستشفي الخاص بنوع العملية والتي في حاجة اليها, وذلك لأن الدولة لاتمنح التراخيص الي كل من يطلبها وانما التراخيص تمنح لحاجة الإقليم اليها. ويتذكر الدكتور رمزي أن فترة دراسته بمعهد العيونبالقاهرة فيقول: كانت أكبر المشاكل هي تكدس المدرج وقاعات المحاضرات بحيث تحول دون الاستفادة الكاملة من المحاضر خصوصا في المواد الدقيقة فنحن لسنا كلية نظرية وهذا يفتح الباب الخلفي المسمي بالمجموعات الخاصة لاستكمال ماقد غاب عنهم في المحاضرات, أما عن الامكانيات البحثية فلاترتقي الي مستوي التطور الموجود في العالم الآن مما يجعل كل قادر يتوجه الي الخارج. بحثا عن العلاج وقد يصادفه طبيب في الخارج ويندهش لماذا أتي اليهم في حين أن مصر تضم أساتذة علي مستوي عالي من الكفاءة وهناك عمليات مسجلة بأسمائهم في الموسوعات الطبية العالمية ويقومون بتدريسها في بلادهم.