وكيل «حقوق النواب» يطالب بسرعة تطبيق «الإجراءات الجنائية»: هناك محبوسون ينتظرون الفرج    تزامنًا مع قرب فتح باب الترشح لانتخابات النواب.. 14 عضوًا ب«الشيوخ» يتقدمون باستقالاتهم    "الإصلاح والنهضة": صراع النواب أكثر شراسة.. ونسعى لزيادة المشاركة إلى 90%    لهجومه على مصر بمجلس الأمن، خبير مياه يلقن وزير خارجية إثيوبيا درسًا قاسيًا ويكشف كذبه    تنسيق لإنشاء نقطة شرطة مرافق ثابتة بسوق السيل في أسوان لمنع المخالفات والإشغالات    بقيمة 500 مليار دولار.. ثروة إيلون ماسك تضاعفت مرتين ونصف خلال خمس سنوات    النقل: خط "الرورو" له دور بارز فى تصدير الحاصلات الزراعية لإيطاليا وأوروبا والعكس    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وحدات "ديارنا" بمدينة أكتوبر الجديدة    السيولة المحلية بالقطاع المصرفي ترتفع إلى 13.4 تريليون جنيه بنهاية أغسطس    للحد من تسريب المعلومات.. وزارة الحرب الأمريكية تعتزم تنفيذ إجراء غير مسبوق (تفاصيل)    بعد القضاء على وحداتهم القتالية بالكامل.. القوات الروسية تأسر جنودا أوكرانيين    750 ألف وظيفة مهددة... أمريكا تواجه أسوأ إغلاق حكومي منذ عقود    قطر تستنكر فشل مجلس الأمن فى اعتماد قرار بشأن المعاناة الإنسانية فى غزة    الصحافة الإنجليزية تكشف موقف عمر مرموش من معسكر منتخب مصر    هالاند وجوارديولا ضمن قائمة الأفضل بالدوري الإنجليزي عن شهر سبتمبر    لقاء البرونزية.. موعد مباراة الأهلي وماجديبورج الألماني في بطولة العالم لكرة اليد للأندية 2025    برناردو سيلفا: من المحبط أن نخرج من ملعب موناكو بنقطة واحدة فقط    المصري يختتم استعداداته لمواجهة البنك الأهلي والكوكي يقود من المدرجات    وست هام يثير جدلا عنصريا بعد تغريدة عن سانتو!    شقيق عمرو زكى يكشف تفاصيل حالته الصحية وحقيقة تعرضه لأزمة قلبية    «الداخلية» تضبط شخصًا هدد جيرانه بأسطوانة بوتاجاز في الجيزة    تصالح طرفى واقعة تشاجر سيدتين بسبب الدجل بالشرقية    شيخ الأزهر يستقبل «محاربة السرطان والإعاقة» الطالبة آية مهني الأولى على الإعدادية مكفوفين بسوهاج ويكرمها    محافظ البحيرة تفتتح معرض دمنهور الثامن للكتاب    «غرقان في أحلامه» احذر هذه الصفات قبل الزواج من برج الحوت    لدعم ترشيح «العناني» مديرًا ل«اليونسكو».. وزير الخارجية يتوجه إلى باريس    بين شوارع المدن المغربية وهاشتاجات التواصل.. جيل زد يرفع صوته: الصحة والتعليم قبل المونديال    حب وكوميديا وحنين للماضي.. لماذا يُعتبر فيلم فيها إيه يعني مناسب لأفراد الأسرة؟    أسرة عبد الناصر ل"اليوم السابع": سنواصل نشر خطابات الزعيم لإظهار الحقائق    بدء صرف جميع أدوية مرضى السكري لشهرين كاملين بمستشفيات الرعاية الصحية بالأقصر    رئيس وزراء بريطانيا يقطع زيارته للدنمارك ويعود لبريطانيا لمتابعة هجوم مانشستر    الكشف على 103 حالة من كبار السن وصرف العلاج بالمجان ضمن مبادرة "لمسة وفاء"    تموين القليوبية يضبط 10 أطنان سكر ومواد غذائية غير مطابقة ويحرر 12 محضرًا مخالفات    الصحة بغزة: الوصول إلى مجمع الشفاء الطبي أصبح خطيرا جدًا    رئيس مجلس النواب: ذكرى أكتوبر ملحمة خالدة وروحها تتجدد في معركة البناء والتنمية    ياسين منصور وعبدالحفيظ ونجل العامري وجوه جديدة.. الخطيب يكشف عن قائمته في انتخابات الأهلي    حمادة عبد البارى يعود لمنصب رئاسة الجهاز الإدارى لفريق يد الزمالك    الحكومة تُحذر المتعدين على أراضى طرح النهر من غمرها بالمياه    الجريدة الرسمية تنشر 6 قرارات جديدة لوزارة الداخلية (التفاصيل)    جاء من الهند إلى المدينة.. معلومات لا تعرفها عن شيخ القراء بالمسجد النبوى    "نرعاك فى مصر" تفوز بالجائزة البلاتينية للرعاية المتمركزة حول المريض    استقالة 14 عضوا من مجلس الشيوخ لعزمهم الترشح في البرلمان    " تعليم الإسكندرية" تحقق فى مشاجرة بين أولياء أمور بمدرسة شوكت للغات    حقيقة انتشار فيروس HFMD في المدراس.. وزارة الصحة تكشف التفاصيل    إنقاذ حياة طفلين رضيعين ابتلعا لب وسودانى بمستشفى الأطفال التخصصى ببنها    تحذيرات مهمة من هيئة الدواء: 10 أدوية ومستلزمات مغشوشة (تعرف عليها)    الرقابة المالية تصدر ضوابط إنشاء المنصات الرقمية لوثائق صناديق الملكية الخاصة    الداخلية تكتب فصلًا جديدًا فى معركة حماية الوطن سقوط إمبراطوريات السموم بالقاهرة والجيزة والبحيرة والإسكندرية    وزير الخارجية يلتقي وزير الخارجية والتعاون الدولي السوداني    الجريدة الرسمية تنشر قرارًا جديدًا للرئيس السيسي (التفاصيل)    جامعة بنها تطلق قافلة طبية لرعاية كبار السن بشبرا الخيمة    هل الممارسة الممنوعة شرعا مع الزوجة تبطل عقد الزواج.. دار الإفتاء تجيب    انهيار سلم منزل وإصابة سيدتين فى أخميم سوهاج    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 2 أكتوبر 2025 فى المنيا    «الداخلية»: القبض على مدرس بتهمة التعدي بالضرب على أحد الطلبة خلال العام الماضي    دعاء صلاة الفجر ركن روحي هام في حياة المسلم    حماية العقل بين التكريم الإلهي والتقوى الحقيقية    «التضامن الاجتماعي» بالوادي الجديد: توزيع مستلزمات مدرسية على طلاب قرى الأربعين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د‏.‏وجدي زيد‏:‏أمريكا تحاول الاستفادة من فكرة المشترك الثقافي

وسط تفاقمات ظاهرة الإسلاموفوبيا في الغرب عامة‏,‏ والتطرف ضد الإسلام خاصة في أمريكا‏,‏ من رفض بناء مسجد في نيويورك‏,‏ إلي تهديد قس بحرق المصحف في ذكري‏11‏ سبتمبر الذي يصادف اليوم‏. تطل علينا أصوات عاقلة‏,‏ تحاول إيقاف هذا العنف الذي يهدد الحضارة الإنسانية برمتها‏.‏ يبحثون عن المشترك الثقافي والديني بين الحضارات والمجتمعات في أنحاء العالم‏,‏ لتعظيم التفاهم والتقارب‏,‏ وإطفاء الخلافات‏,‏ وإيقاف الحروب‏,‏ وتهدئة الخواطر‏,‏ والعمل علي إنقاذ الإنسان من شروره‏.‏
عقدوا مؤتمرا دوليا أول في القاهرة عام‏2006‏ حضره نخبة من المفكرين الغربيين الذين يؤمنون بالتواصل‏,‏ ويجهزون للمؤتمر الثاني في العام المقبل‏,‏ ليبلوروا مفاهيم المشترك الثقافي لعلها تكون منطلقا لجهد دولي نشط يحقق التصالح بين الحضارات والديانات بديلا عن التناحر والتطرف الذي يكبد الجميع خسائر فادحة‏.‏
أحد هذه الأصوات الدكتور وجدي زيد أستاذ الأدب الإنجليزي بآداب القاهرة‏!‏
الذي أدركته حرفة الأدب مع بواكير الوعي‏,‏ فكتب القصة‏,‏ والمقالة‏,‏ لكن المسرح ارتهنه لحسابه في النهاية فأغرم به ودرسه في أمريكا وتعاطاه بحب‏,‏ فامتلك أفقا مفتوحا علي الآخر‏,‏ ووعيا بالدور المنوط بالمثقف‏.‏
وهو ما أفاده حين التحق بالسفارة المصرية في واشنطن مستشارا ثقافيا‏,‏ وتفاعل مع الشعب الأمريكي‏,‏ وقدم أكثر من عمل علي مسارح نيويورك‏,‏ وحاضر عن صورة العرب والإسلام في جامعات أمريكية متفرقة‏,‏ فأتاحت له المناقشات مع النخبة والجمهور العادي التعرف علي الذهنية الأمريكية المختلفة بدرجة ملحوظة عن الإدارة السياسية التي راكمت انطباعات سيئة كثيرة لدي شعوب العالم‏.‏
وبعدها أسس المكتب الثقافي بسفارتنا في تركيا‏,‏ وعمل هناك لسنوات‏,‏ سعي خلالها للإلمام بأبعاد الثقافة التركية‏,‏ وانعكاساتها علي المنطقة‏,‏ واستيعاب الدور البارز الذي تلعبه هذه الدولة المحورية الآن‏.‏
وهداه تفكيره إلي طريقة اتصال مختلفة بالمجتمع الأمريكي والغرب عامة‏,‏ هي المشترك الثقافي الذي قد يتيح فرصا أفضل لكافة الأطراف لتقديم نفسها للآخر والتعبير عن حضارتها بشكل صحيح‏,‏ فدعا إلي مؤتمر حول المشترك الثقافي شارك فيه نخبة من المفكرين المسلمين والغربيين‏,‏ بغية إزاحة أسباب الخلافات‏,‏ والفهم الخاطئ‏,‏ وسوء الطوايا‏,‏ وتفعيل المشترك في الديانات السماوية الثلاث الكبري‏,‏ والديانات الأرضية‏,‏ والاستعانة بالمتشابهات في الإبداعات والعادات والتقاليد الإنسانية‏,‏ لعلها تؤدي إلي عالم آمن وهادئ‏,‏ خال من عنف الصراعات‏,‏ ومتخفف من آثام الحروب‏.‏
كثير من الناس لا يعرفون شيئا عن طبيعة عمل ومهمة المستشار الثقافي في السفارات فما هي من واقع خبرتك ؟
عمل المستشار الثقافي يشمل شيئين أساسيين‏,‏ تقديم ثقافة شعبه وحضارته للمجتمع الذي يعمل فيه‏,‏ ونقل ما يفيد من هذا المجتمع إلي بلده‏,‏ ومهم جدا في المجتمعات المتقدمة أن يطور ويعمق العلاقات العلمية بين بلده والبلد المضيف‏,‏ ولتحقيق هذين البعدين عليه أن يأخذ بالوسائل والبرامج التي تقدم حضارته وفكرها إلي الآخر علي أكمل وجه‏,‏ ونظريا هناك تحديد لمهام المستشار الثقافي تعطي له قبل السفر‏,‏ وللملحق الثقافي أيضا‏.‏
هذا كلام عام‏..‏ كيف ترجمته أنت عمليا خلال وجودك في سفارتنا بأمريكا ؟
قدمت المسرح العربي علي مسارح أمريكية متفرقة‏,‏ وحاضرت عن صورة العرب والإسلام في الأدب الإنجليزي بمكتبة الكونجرس عقب أحداث‏11‏ سبتمبر مباشرة‏,‏ وكررت هذه المحاضرات في نورث كارولينا و مولوكي سكانسز وجورجيا أتلانتا‏,‏ واستقدمت بعض رموز الثقافة المصرية لالتقاء المفكرين الأمريكيين ومحاورتهم حول القضايا التي تهم الجانبين في الثقافة والتعليم‏,‏ منهم الدكتور ميلاد حنا‏,‏ والدكتور أحمد كمال أبو المجد‏,‏ وكنت أجوب المدارس الثانوية الأمريكية لتقديم صورة الحضارة المصرية وفضلها علي الحضارة الإنسانية والعقل الغربي‏,‏ وقدمت مسرحيتين عن الثلاث ديانات الرئيسية والتلاقي الطبيعي بينها‏,‏ إحداهما مسرحية الحكيم ناثان للكاتب الألماني ليسينج‏,‏ والثانية من تأليفي وهي الفرعون الأخير والمسرحيتان تدعوان إلي التلاقي والتآلف بين أتباع الديانات‏,‏ ولك أن تتخيل مشهدا تختلط فيه التراتيل اليهودية والكنسية بالأذان الناطق بالعربية في مسرحية بالإنجليزية تقدم للمشاهد الأمريكي بعد الحادي عشر من سبتمبر مباشرة‏.‏
هل هذا ضمن مفهوم المشترك الثقافي الذي تدعو إليه ؟
نعم‏..‏ كانت هذه بداية اكتشافي هذا المفهوم الذي أسميته بعد ذلك سنة‏2005‏ المشترك الثقافي وطرحت فكرته علي مجموعة من مفكري مصر بجامعة القاهرة‏,‏ وبدأنا برنامجا تطبيقيا لهذه الفكرة الطموح في لقاءات مباشرة بين الحضارة والثقافة العربية وغيرها من الثقافات في الصين والهند واليابان واسبانيا وألمانيا‏,‏ وختمنا ذلك بأول مؤتمر دولي عن المشترك الثقافي وكان في ديسمبر‏2006‏ والحمد لله كان ناجحا باعتراف الجميع‏.‏
ما تعريف المشترك الثقافي؟
المشترك الثقافي هو كل المعاني والقيم والأحكام البناءة التي تتفاعل بين الثقافات المختلفة‏,‏ ويمكن أن تصبح معبرا ونقاط تواصل بين الحضارات‏.‏
هل ثمة التباس بين المشترك الثقافي والمشترك الديني؟
المشترك الديني جزء من المشترك الثقافي‏,‏ وهو الذي سوف يقام حوله المؤتمر الدولي القادم بإذن الله‏,‏ وسوف نناقش كيف يكون المشترك بين الأديان أساسا للرؤية الكبري التي تحدد منظومة عالمية للأخلاق‏,‏ وكيف تكون هذه المنظومة مدخلا لعلاقات أفضل بين شعوب العالم في السياسة والفكر والاقتصاد والتكنولوجيا والبيئة‏.‏
ما هي المنظومة العالمية للأخلاق؟
أجمع أتباع الديانات الثلاث وأيضا أتباع الديانات غير السماوية علي أن أحد الأسباب الرئيسية للأزمات السياسية والاقتصادية والبيئية التي تراكمت في عالم اليوم وازدادت حدتها هو غياب الرؤية الكبري التي تستشرف المستقبل وتقلل من تراكم المشكلات المعقدة‏,‏ وتعمق الإحساس بالخير العام للإنسان أينما كان‏,‏ وهذه الرؤية تأخذ في الحسبان كل الأبعاد التي يمكن التعامل معها عند وضع معايير عالمية للأخلاق‏,‏ والمعايير العالمية للأخلاق هي الأحكام والمعاني والقيم التي يتفق عليها المتدينون وغير المتدينين والتي تمثل المشترك بين الأديان‏.‏
ما مدي تفاعل الغرب مع مفهوم المشترك الثقافي ؟
الحقيقة أن التفاعل الغربي مع أفكارنا هذه ظاهر علي مستوي النخبة‏,‏ وأقيمت مؤتمرات عن المشترك الإنساني‏,‏ وألقيت محاضرات عن قوانين الشريعة الإسلامية والقانون الروماني في إيطاليا وألقاها د‏.‏ جعفر عبد السلام أمين رابطة الجامعات الإسلامية التي تدعم فكرة المشترك وهي إحدي الجهات الراعية للمؤتمر الثاني القادم‏,‏ وكذلك البرلمان الأوروبي في بروكسل وجه لنا دعوة لاستضافة المؤتمر العام المقبل‏2011,‏ وهناك مؤتمرات في فبراير القادم عن المشترك بين الأديان في الهند‏,‏ وفي كوريا الجنوبية عن المشترك الإنساني‏,‏ وليس سرا أن أقول أن الرئيس الأمريكي أوباما قبل مجيئه إلي جامعة القاهرة طلب معدو خطابه التعرف علي المشترك الثقافي الذي أعدته نخبة من مفكري مصر والعالم في مؤتمر‏2006,‏ ويستطيع أي أحد أن يدرك أن المشترك كان الفكرة الحاكمة في خطابه بجامعة القاهرة‏,‏ أكثر من ذلك أنه برهن في خطابه الذي ألقاه بداية رمضان الفائت حول الصيام كقيمة وعبادة مشتركة بين الديانات‏,‏ وهذا يعني أن الإدارة الأمريكية الجديدة تحاول أن تسمع وتستجيب وتستفيد من فكرة المشترك الثقافي‏.‏
وماذا لو تعارضت هذه الفكرة كغيرها مع مصالح الغرب ؟
أستطيع القول إن العقل الأمريكي بعد‏11‏ سبتمبر وتخطيه صدمة الفعل ورد الفعل بدأ في الاستماع إلي الأصوات العاقلة‏,‏ وهذا سيأخذ وقتا‏,‏ ومطلوب منا المثابرة والتواصل مع الأصوات العاقلة الموجودة بالفعل في المجتمع الأمريكي‏,‏ وهناك أصوات عاقلة أيضا في الإدارة الأمريكية وعلي رأسها الرئيس أوباما ولا أظنه هو ولا الإدارة سيسمحان بحرق القرآن الكريم في ذكري‏11‏ سبتمبر حسب الموعد الذي أعلنه المتشددون‏,‏ وهنا أحب أن أتوقف أمام فكرة أن الحرية ليست مطلقة في أي مكان في العالم ولا في أمريكا ذاتها‏,‏ وأنا عاصرت واقعة حدثت هناك لفنانة أمريكية أغلق مسرحها لأنها وضعت العلم الأمريكي في مدخل المسرح علي الأرض‏,‏ وهاجمت المؤسسة الأمريكية‏,‏ فأغلقوا مسرحها خلال ربع ساعة‏,‏ لذا أقول للإدارة الأمريكية إنها يجب ألا تسمح لغير الواعين والمأجورين وأصحاب المصالح أن يهدموا الخطوات البناءة البسيطة التي بدأت بالفعل بين العالم الإسلامي وأمريكا‏.‏
هل نحن بحاجة لاسترضاء واستعطاف الغرب علينا إلي هذا الحد‏,‏ مع كل إمعانه في الصدود‏,‏ ورفضنا لدرجة استشراء ما يعرف لديه الآن الإسلاموفوبيا؟
أمامنا طريقان‏,‏ إما الصدام والدخول في ورطة الفعل ورد الفعل‏,‏ وهذه نعيشها منذ مئات السنين‏,‏ وجميعنا‏..‏ نحن وهم نعرف نتائجها‏,‏ والطريق الثاني هو محاولة الخروج من هذه الدائرة الملعونة‏,‏ ومن يبدأ بهذا أظن أنه الأقوي‏,‏ وكما أن هناك مفكرين غربيين طرحوا فكرة حتمية الصراع‏,‏ هناك مفكرون من مصر وأنحاء العالم يفتحون أفقا بناء للخروج بالحضارة الإنسانية بعيدا عن هذا الصدام‏,‏ وهذا ليس استعطافا ولا استرضاء بل يصدر عن موقف واضح وإدراك أكثر رحابة واستيعابا لحركة التاريخ‏,‏ بل أكاد أجزم أن المشترك الثقافي يريده أغلب الناس في الثقافات المختلفة‏,‏ بعيدا عن المستفيدين من الحروب والصدامات‏.‏
من المستفيدون من الحروب والصدامات؟
أصحاب مصانع السلاح‏,‏ وتجاره‏,‏ وأصحاب الطموح السياسي في مؤسسات ودول بعينها‏..‏
ماذا تقصد بعينها هذه ؟
إسرائيل بالطبع‏,‏ فثقافتها ارتبطت منذ البداية بالصراع‏,‏ فهم يتوهمون أن استمرار وجودهم مرهون بالصراع‏,‏ وأي تشارك مع الآخر يؤدي إلي ذوبانهم في حضارة الآخر‏,‏ فجعلوا الصراع شرطا لوجودهم في العصور القديمة والآن‏,‏ وهذا منحي خطير يمكن أن يؤدي لتدمير العالم والحضارة الإنسانية‏.‏
هل المشترك الثقافي هذا نقيض لصراع الحضارات‏,‏ أم أنه خط مواز لا يتقاطع معه ؟
هو نقيض لصراع الحضارات‏,‏ ومخرج آمن للبشرية‏,‏ وطريق سري لو طرقناه بموضوعية وجدية فسنحقق ما عجزت عنه كل الحوارات التي حدثت‏.‏
تقولون في أوراقكم‏:‏ لا سلام بين الأمم بلا سلام بين الديانات‏,‏ و لا سلام بين الأديان بلا حوار بين الأديان‏,‏ و لا حوار بين الأديان بلا معايير عالمية للأخلاق‏,‏ أليست هذه طوباوية مفارقة للواقع العالمي وتعقيدات المصالح والسياسة الدولية علي الأرض؟
أولا نحن لسنا من أطلق هذه المقولات‏,‏ بل أتباع الديانات السماوية والأرضية‏,‏ وبعض المفكرين عبروا عن هذه القناعات في بيان ألقوه بالأمم المتحدة‏,‏ ومؤتمرنا القادم حول المشترك الديني يأتي كمحاولة من المفكرين وأتباع الديانات السماوية والأرضية لتحديد إطار الرؤية الكبري‏,‏ ومعاييرها الأخلاقية‏,‏ ليردوا علي الاتهام الموجه للأديان‏,‏ وهذه ليست طوباوية‏,‏ لكنها خطوة حقيقية وجادة لتخفيف حدة الأزمات التي تتراكم في جنبات العالم بلا توقف‏,‏ وإلا فما البديل‏.‏
الصراع القائم في العالم من حولنا ونحن في القلب منه‏,‏ هل هو صراع حضارات أم تعارض مصالح‏..‏ بشكل محدد ؟
الاثنان معا‏,‏ ولكن كما أن هناك أصحاب مصالح وأشرارا في العالم‏,‏ هناك الخير وأصحاب القيم الذين يجب عليهم السعي نحو ما يبقي علي الحياة الإنسانية ويجعلها أفضل‏.‏
هل تمتلكون رؤي واضحة لمواجهة تعدي الغرب علي الإسلام ورموزه متمثلا في التهديد بحرق القرآن اليوم‏,‏ وسابقا الرسوم المسيئة للرسول‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏),‏ ومنع بناء المآذن والمساجد‏,‏ وحظر الحجاب‏,‏ وتعقب المسلمين في خصوصياتهم وحرياتهم الشخصية ؟
نحن مسئولون في البداية عن تشويه صورتنا في الغرب وهذه حقيقة‏,‏ ولم نفعل شيئا حقيقيا للآن يمكن أن يغير هذه الصورة الشائهة‏,‏ والغرب أيضا مسئول عما وصلت إليه الأمور من تعقيدات بين العالم الإسلامي وبينه‏,‏ والمطلوب الآن أن يسعي الطرفان للتفاهم العادل الموضوعي الذي يحترم الآخر ويقر بحقوقه واستقلاليته‏,‏ أما بخصوص عدم السماح ببناء مسجد أو مآذن فيجب ألا تسمح حكومات الدول الغربية بمثل هذه التصرفات‏,‏ لكن كما أسلفت ليست هناك حرية مطلقة في الغرب‏,‏ وهم يعرفون هذا في مجتمعاتهم‏,‏ والبناء الإيجابي يدفع الحضارة الإنسانية بالاتجاه الصحيح‏.‏
موضوع مسرحيتك الفرعون الأخير عن أخناتون أول الموحدين ألا يعد قفزة في الهواء بعيدا عن واقع أليم ملئ بالمصائب؟
الفن حلم‏,‏ قد يكون واقعا يوما ما‏.‏
كأنك تدعو للحلم وليس لحلول واقعية للأزمات الإنسانية ؟
لولا الحلم ما تقدمت البشرية خطوة منذ آدم عليه السلام‏.‏
ما زلت بحاجة لتوضيح أكثر عن موقف أصحاب فكرة المشترك الثقافي من تعقيدات الواقع الدولي الحالي وكيفية حللها ؟
أنا فقط طرحت فكرة المشترك‏,‏ لكنه بحكم طبيعته كمشترك يشترك فيه الجميع تحديدا وتنفيذا‏,‏ وفي المؤتمر الأول لم نقدم أحلاما‏,‏ بل قدمنا أبحاثا وثيقة الصلة بالواقع فيها حلول للمشكلات الاقتصادية والسياسية وغيرها‏,‏ وينبغي علي المسئولين في إدارة المجتمعات الإنسانية تنفيذها‏.‏
ما المشكلات الدولية التي طرحتم لها حلولا في الأبحاث التي قدمت بالمؤتمر ؟
أحد محاور المؤتمر القادم هو العدل والعولمة‏,‏ والمبادئ الاقتصادية التي أرستها الأديان السماوية‏,‏ وهي عدم الاستغلال‏(‏ العدالة التوزيعية والتعويضية‏),‏ أي تعويض دول العالم الأول للدول الفقيرة عن نهب ثرواتها‏,‏ وهناك أيضا المشترك وحماية البيئة علي ضوء المستجدات الدولية‏,‏ والعولمة التي زادت من قوة القوي وأجهزت علي الضعيف‏,‏ وهناك محاور أخري من شأنها أن تخفف حدة التوترات العالمية المتراكمة مثل المبادئ الموجهة للثقافة في مختلف الحضارات‏,‏ وكذلك الديانات الوضعية ورعايتها للأخلاق‏,‏ وهذه المحاور تحدد بواقعية شديدة وتلامس بشكل مباشر الضغوط الواقعة علي المجتمعات الإنسانية الآن وتحولها إلي بؤر للتناحر والصراع المدمر‏,‏ ويأتي المشترك الثقافي كخطوة ومحاولة لتحقيق التواصل العادل بين الشعوب‏.‏
في دردشة سابقة علي هذا الحوار لمحت في كلامك أن ثمة فارقا لديك بين الشعب الأمريكي والإدارة الأمريكية‏,‏ فهل هذا صحيح‏,‏ وهل يعني أن محاولات التقارب التي تبذلونها لتصحيح التصورات الخاطئة ممكنة مع الغرب ؟
ربما يتعجب البعض عندما أقول إنني عبر تجربتي المباشرة هناك وجدت الشعب الأمريكي في مجموعه متحضرا وقابلا للآخر‏,‏ فحين عرضت أولي مسرحياتي أحلام الشتاء في نيويورك تحدثت فيها عن نهاية الحضارة الغربية‏,‏ وعبرت عن ذلك بموت صبي صغير علي الأسفلت بين بيته والكنيسة‏,‏ وفوجئت بسماحة الشعب الأمريكي في تلقي العمل كله‏,‏ وكل ما فعلوه هو النقاش والحوار معي بإخلاص وتفهم‏,‏ وأكثر من هذا ألقيت محاضرة بعد‏11‏ سبتمبر مباشرة عن الإسلام والعرب في مكتبة الكونجرس‏,‏ وولايات أمريكية متفرقة‏,‏ وتكررت الدعوات من مختلف الأماكن‏,‏ لأن المجتمع الأمريكي بتقديري يريد أن يعرف الحقيقة الآن‏,‏ وهذه فرصتنا التي يجب ألا نضيعها‏,‏ فنحن نملك موقفا ورسالة نبيلة ومفيدة للبشرية لكننا للأسف لا نملك لغة الخطاب الواعية‏,‏ وإذا امتلكناها وكنا صادقين وحريصين علي اختيار من يقدر علي توصيلها سيساعدنا الله سبحانه وتعالي علي النجاح في الوصول بها إلي المواطن الغربي أينما كان‏.‏
وماذا عن الفارق بين الإدارة والشعب الأمريكي ؟
الفارق كان موجودا من قبل وبشكل حاد خاصة أيام بوش الابن‏,‏ غير أنني أعتقد أن الرئيس أوباما يريد أن يفهم ويستوعب ما حدث في المجتمع الأمريكي‏,‏ وأوباما جاء استجابة لمجتمع أراد بعد صدمة‏11‏ سبتمبر أن يفهم لماذا يكرهه العالم‏,‏ ويجب ألا نخذل هذا المجتمع فنحن كمسلمين أيضا نحتاج لهذا التواصل‏.‏
عادة ما تخرج مثل هذه الأفكار من العالم الثالث باتجاه واحد صوب الغرب‏,‏ دون مبادرات من ناحيتهم بالمقابل‏,‏ ألا يبدو فيها نوع من الاستجداء أو الاستخذاء؟
هذه الفكرة تشكلت بحضور ومساهمة باحثين غربيين ساهموا في المؤتمر الدولي الأول‏,‏ وسيشاركون هم وغيرهم في المؤتمر الثاني‏,‏ ومثل هذه المبادرات الفكرية ليست استجداء ولا استخذاء‏;‏ لأنك لو عشت في المجتمع الأمريكي فترة كافية ستري أنها أرض بريئة وجاهزة لكل الأفكار‏,‏ وكان غيرنا أسرع منا في بذر أفكاره هناك‏,‏ وعلينا أن نعوض ما فاتنا ولا نترك لهم الساحة خالية‏,‏ فبدءا من الحرب العالمية الأولي اتجه أغنياء اليهود إلي أمريكا وسيطروا علي الإعلام والوسائل الثقافية والوسائط المختلفة مما أسهم في صناعة توجهات معينة داخل المجتمع الأمريكي‏,‏ ولم يكن لنا وجود‏,‏ وحتي وجودنا الآن لا يخضع لأية إستراتيجية لا في الحاضر ولا المستقبل وإذا أردنا التواجد علينا أولا أن نتغير‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.