بعد ساعات يهل علينا عيد الفطر المبارك الذي شرعه الله سبحانه وتعالي بعد صيام شهر رمضان وسماه يوم الجائزة حيث استوعب المسلمون من الصيام دروسا في الاستقامة والهداية, وتربي النشء فيه علي العمل والجد والمثابرة والعزيمة والصبر لمواجهة أعباء الحياة والتغلب عليها. وقد استعدت آلاف الساحات بجميع المحافظات لاستقبال الملايين لأداء صلاة العيد يتقدمهم عدد كبير من كبار الدعاة والأئمة والعلماء لإلقاء خطبة العيد. كما استعدت المتنزهات والحدائق العامة والملاهي ودور السينما وغيرها لاستقبال روادها ابتهاجا بالعيد, وبدأت السكك الحديدية في تشغيل عدد من القطارات الإضافية لتيسير نقل المواطنين بين المحافظات خلال أيام العيد, وشددت الأجهزة المعنية الرقابة علي الأسواق لضمان توافر السلع الضرورية ومواجهة أي محاولات للتلاعب بالأسعار, وشكلت القطاعات الخدمية غرفا للمتابعة لضمان استمرار الخدمات للمواطنين في جميع المرافق. إن العيد مناسبة لكي نحقق التكافل والتعاون بين الناس, وأن يعطف القوي علي الضعيف والغني علي الفقير, وأن يترك الناس ما بهم من شحناء أو بغضاء, وأن يعود ذوو الأرحام الي صلات المودة والقربي, وأن يحافظ كل إنسان علي عرض أخيه, وعلي ماله ويجب أن يزداد العطاء بين الناس قبل يوم العيد ليكف السائل عن سؤاله, وحتي يصبح العيد دائما مظهرا من مظاهر السرور والفرح علي الجميع, فقراء وأغنياء, يفرح فيه الجميع بلقاء بعضهم البعض, ويخرجون الي صلاة العيد في مظهر أخوي يهللون ويكبرون ويعترفون بنعم الله عليهم. إننا نأمل أن تتخذ أمتنا من هذا العيد منطلقا كريما لإعلاء ما هبط من سلوك, وإذكاء ما خبا من عزائم. وإيقاظ ما غفا من مشاعر, وتحرير إرادتها من كل قيد, وإن تجعل من العيد مناسبة لوحدة صفها, وجمع كلمتها, وتحقيق خيريتها علي ظهر الأرض كما أراد لها الله حيث قال: كنتم خير أمة أخرجت للناس.