تشير دلائل كثيرة الي أن قضية بناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربيةالمحتلة تمثل تهديدا مباشرا للمفاوضات المباشرة التي انطلقت بين الفلسطينيين والإسرائيليين في2 سبتمبر الحالي, وما يعزز هذا التهديد أن الجانب الإسرائيلي أبدي اصرارا واضحا علي عدم تجميد بناء المستوطنات بعد انتهاء مهلة التجميد في26 سبتمبر الحالي. ومما لا جدال فيه أن هذا الموقف الإسرائيلي يمثل تعنتا شديدا, ويعد بمثابة القاء لغم قابل للانفجار في مسار المفاوضات المباشرة, خاصة أن الجانب الفلسطيني لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يستمر في المفاوضات, بينما تواصل إسرائيل بناء المستوطنات في الضفة, واستكمال مخطط تهويد القدسالشرقية. ولأن الأمر كذلك, فأن وسائل اعلام أمريكية بدت متشائمة في تعليقاتها حول المفاوضات, بل ان صحيفة يو. اس. توداي الأمريكية توقعت أن تنتهي المباحثات إذا استمرت إسرائيل في بناء المستوطنات. وفي ذات الوقت فأن وزراء بالحكومة الائتلافية برئاسة بنيامين نيتانياهو في مقدمتهم وزير الخارجية الإسرائيلي افيجدور ليبرمان يعربون عن عدم موافقتهم علي المفاوضات أصلا, وليس أدل علي ذلك من أن ليبرمان رفض الاشتراك في افتتاح المفاوضات بواشنطن, ووجه نداء الي نيتانياهو يطالبه فيه بالامتناع عن التفاوض مع الفلسطينيين حول قضايا الحل النهائي مثل القدس والحدود واللاجئين. وموقف وزير خارجية إسرائيل ليس جديدا.. كما انه ليس جديدا كذلك اعلان وزير البني التحتية الإسرائيلي عوزي لانداو أن نيتانياهو لا يتمتع بصلاحيات للخروج عن البرنامج السياسي للحكومة الائتلافية. ومعني ذلك ان نيتانياهو غير قادر علي اتخاذ قرارات في المفاوضات دون الرجوع الي الائتلاف الحاكم, وإذا كان معروفا مسبقا موقف عدد لا بأس به من وزراء الائتلاف من المفاوضات, فأن إسرائيل بهذا التباين الشديد في مواقف وزراء الائتلاف الحاكم واحزابه من المرجح أن تعود بفكرة المفاوضات الي المربع رقم واحد. وطالما لجأت إسرائيل الي ذلك وتراجعت عن اتخاذ أي قرار في مفاوضات سابقة مع الفلسطينيين بدعوي أن مثل هذا القرار أو ذاك قد يؤدي حتما الي انفراط الائتلاف الحاكم وانهياره.. ولاتزال لعبة المراوغة الإسرائيلية قائمة.. خاصة أن الإسرائيليين يجيدون اعادة انتاجها. ومن المؤكد أن26 سبتمبر الحالي سوف يكون اختبارا حاسما وسريعا لنوايا إسرائيل من المفاوضات.. والسؤال هو هل تمد إسرائيل تجميد بناء المستوطنات..؟ ان اجابة إسرائيل عن هذا السؤال مهمة للغاية لتحديد مسار المفاوضات وربما مصيرها.