حذرت اكثر من مرة من خطورة الانتشار المتزايد لمرض السكر في ربوع مصر, وما يتبع ذلك من مضاعفات خطيرة وخسائر لاتقتصر علي المريض بل تتعداه الي اسرته ومجتمعة, وما يعنيه ذلك من أعباء علي ميزانية الاسرة والدولة. وفي هذا السياق فانني أود تأكيد ما اتفقت عليه كل المحافل الطبية العالمية من ان الركيزة الاساسية لعلاج هذا المرض والوقاية, هي محاولة تغيير نمط الحياة الذي يشمل بدوره الإقلاع عن التدخين ومزاولة رياضة المشي خمسة ايام اسبوعيا علي الاقل مع تنظيم الغذاء بما يؤدي الي بعض الفقد في الوزن مهما كان بسيطا, فذلك كله من شأنه تجنيب المريض واهله الكثير من العواقب الوخيمة. وحيث اننا في مصر نعاني بشدة من نقص واضح في الثقافة الطبية بوجه عام, والثقافة الغذائية علي وجه الخصوص فانني اتوجه بالنداء الي المجلس الاعلي للجامعات لإعادة النظر في مشروع كنت قد تقدمت به بناء علي اقتراح احد اساتذة الامراض الباطنة بقصر العيني, د. امين رشيدي وذلك اثناء قيامي بمهمة وكيل الكلية لشئون التعليم والطلاب وهو يتضمن اقتراحا بإنشاء معهد عال للتغذية الطبية يلتحق به من يرغب من خريجي الكليات العملية طب, علاج طبيعي, زراعة, علوم لمدة اربع سنوات يتخرج بعدها اخصائيا في التغذية الطبية وهو التخصص غير الموجود في مصر مع الاسف الشديد, في الوقت الذي نحتاج فيه بشدة الي هذا التخصص من اجل رعاية مرضي السكر, والكبد, والكلي, والأورام, وضغط الدم, وغيرها من الامراض المزمنة والتي لايكتمل علاجها إلا بالتغذية السليمة التي تناسب كل مريض علي حدة. وللاسف الشديد فان كل ما نمتلكه من خبرة ومعلومات في هذا المجال يأتي معظمه من الخبرات والدراسات الاجنبية مع الاختلاف الكبير في العادات الغذائية بيننا وبينهم. وما دفعني لإعادة محاولة احياء هذا المشروع هو ما سمعته وشاهدته في الفترة السابقة في اجهزة الإعلام المصرية والفضائيات الخاصة من معلومات مشوهة, ونصائح تفتقد الاساس العلمي وانظمة غذائية تم وضعها في المجتمعات الغربية بما يناسب عاداتهم وتقاليدهم والاخطر من ذلك ان نسبة كبيرة ممن يقدمون هذه البرامج ليست لديهم الصلاحية الطبية التي تؤهلهم لهذا الامر.. ولكن يبدو ان المكاسب المادية الكبيرة التي يحصلون عليها تغريهم بالمزيد من نشر الاوهام والخزعبلات.. ويبقي المريض المصري هو الضحية في كل الاحوال.. اتمني ان يري هذا التخصص النور بأسرع ما يمكن حتي يكتمل الاداء الطبي لمرضي هذه الامراض المزمنة والخطيرة, والتي لابد في علاجها من وجود متخصص في التغذية الطبية يكون علي اتصال مستمر ودائم بالمريض حتي نضمن له حدا أدني من الرعاية الصحية السليمة والمتكاملة. كما اهيب بنقابة الاطباء اتخاذ موقف حاسم وحازم امام هذه الفوضي الطبية في مختلف وسائل الاعلام تحت مسمي انقاص الوزن او محاربة السمنة حتي يعود للممارسة الطبية احترامها وللمريض المصري عافيته وامانه. د. صلاح الغزالي حرب