ورد ذكر مصر في القرآن الكريم, إما باللفظ الصريح, وإما بالتلميح, أما باللفظ الصريح فخمس مرات وأما بالتلميح فثلاث وثلاثون مرة, وهو أمر لم يكن لأي دولة في القرآن الكريم. وأغلب الآيات الكريمة التي ورد ذكرها فيها تشع بالخير والبركة لهذا البلد الأمين.أما ذكرها باللفظ الصريح فقد ورد في قوله تعال( اهبطوا مصر فإن لكم ما سألتم) الآية61 من سورة البقرة, وفي قوله تعالي علي لسان فرعون:(قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الانهار تجري من تحتي أفلا تبصرون) الآية52 من سورة الزخرف.وذلك ان من بركات نهر النيل أن نشأت عليه حضارة شامخة, لأن الحضارات تنشأ دائما علي ضفاف الانهار ولا يزال إلي الآن لها طلع نضيد يحير الألباب, ألباب العلماء. .. وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه:( الآية21 من سورة يوسف) حتي ليقال إن المصريين هم أكرم الناس علي ظهر الأرض. وقوله تعالي: ادخلوا مصر إن شاء الله أمنين) الآية سورة يوسف: وهذه الآية يزدان بها ميناء القاهرة الجوي أمام كل غاد ورائح, وقوله تعالي لموسي عليه السلام:(وأوحينا إلي موسي وأخيه أن تبوأ لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبله وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين) الآية87 من سورة يونس. أما بالتلميح فهي في مواطن كثيرة متفرقة كما أسلفنا, ومن ذلك قوله تعالي: والطور وكتاب مسطور( الآيتان1 2 من سورة الطور) وقوله تعالي: وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين الآية20 من سورة المؤمنون. وقوله تعالي::والتين والزيتون وطور سنين) الآية2 من سورة التين). علي أن من أبرز الآيات التي تعرض مصر بأنها منتدي مبارك تشع خيرا وبركة قوله تعالي في مرتين عن مصر بأنها مقام كريم, أي كثير العطاء وذلك في سورتي الشعراء والدخان, وهو تعبير تؤلف فيه المؤلفات التي تملأ مكتبات ومكتبات, ومن ذلك ما تتميز به مصر من أنه يجتمع لها في آن واحد مصيف ومشتي, مصيف في الصيف ومشتي في الشتاء, وهو ما لا يتيسر إلا لمصر يقول القرآن الكريم:فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم الآية85 من سورة الشعراء. وقد تكرر ذلك أيضا في سورة الدخان في قوله تعالي:كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم( الآية26 من سورة الدخان) كما جاء في شخصية مصر للدكتور جمال حمدان أنها تتميز بالوسطية والاعتدال في كل شيء, وهكذا حتي يصل تعداد هذه الآيات إلي ثلاث وثلاثين. وأخيرا.. فإن الله سبحانه وتعالي قد تجلي في مصر, وفيها كلم الله موسي تكليما, وفي ذلك يقول علماء الجيولوجيا إن الجبال الموجودة حول الطور كلها متصدعة من خشية الله دون غيره من جبال سيناء. وفي كتاب فضائل مصر للكندي ما يؤكد أن المسيح عليه السلام وأمه مريم ابنة عمران قد لجأوا إلي مصر وأنهما كانا بالبهنسا في مدينة بمحافظة المنيا وانتقلا منها إلي القدس, وذلك في قوله تعاليوأويناهما إلي ربوة ذات قرار ومعين( وهذه الربوة هي مصر) ويري المؤرخون كما جاء في مؤلف الدكتور عبدالصبور شاهين أن أول من دعا لمصر هو آدم عليه السلام, وقد دعا لها بالخصب والبركة والخير, وقد تمثلت له الدنيا شرقها وغربها وسهلها وجبلها وأنهارها وبحارها وعامرها وخرابها, فلما رأي مصر رآها أرضا سهلة ذات نهر جار مادته من الجنة تنحدر فيه البركة, فدعا آدم للنيل بالبركة ولمصر بالرحمة والبر والتقوي, وبارك علي نيلها وجبلها سبع مرات وقال: نهرك عسلا كثر الله رزقك, ودر ضرعك ونبتك وعظمت بركتك, ومازال فيك يا مصر خير ما لم تتجبري ولا تتكبري أو تخوني. وأخيرا.. جاء دور نوح عليه السلام الذي دعا لمصر أيضا, فقال لابنه بيصر ابن حامد والذي سميت مصر علي اسمه: اللهم إنه أجاب دعوتي فبارك فيه وفي ذريته وأسكنه الأرض الطيبة التي هي أم البلاد. بعد هذا العرض المار للآيات الكريمة أفلا يكون من حق كل من سكن ديار مصر أن يتيه فخرا ومجدا بتلك الحضارة النادرة, وهؤلاء هم رسل الله بدورهم شرفوا مصر وشرفت بهم سجلوا تاريخا ناصعا مرصودا. وهذا موسي عليه السلام كان مصريا وكان أسمر اللون وكان كل من يلقاه يحبه, وفي ذلك يقول تعاليوألقيت عليك محبة مني ومن قبل يوسف عليه السلام, من الله عليه فأمضي حياته كلها في مصر, فكانت له مقاما طيبا وأتي قومة جميعا من بلاد الشام للإقامة في مصر, وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين فقد أحسن بهم إذا جاء بهم من البدو. وهذا سيد المرسلين وخاتم النبيين قد زوجته السماء بماريه القبطية امرأة من مصر, والتي أتت من علي بعد آلاف الكيلومترات وأنجب منها ولده إبراهيم والذي كان يشبه رسول الله بملامحه, ولذلك حزن الرسول عليه حزنا شديدا عند فراقه, وكانت له مصر نسبا وصهرا, وليعلم العرب أن المصريين هم أخوال العرب لأنهم من ولد إسماعيل عليه السلام والذي كانت أمه مصرية وهي هاجر عليها السلام, والذي نبع ماء زمزم من تحت أقدام ابنها, أفلا تكون مصر جديرة بهذه الحفاوة في قرآننا الكريم وأحق بها وأهلها, وهنيئا لكم يا شعب مصر, وحينئذ فلسان حالكم يجب أن يكون: وجب الشكر علينا ما دعا لله داع. فهل أثني الله علي بلد في أقطار الأرض مثل الثناء الذي حظيت به مصر في القرآن الكريم.