هل الملا عمر زعيم حركة طالبان مازال علي قيد الحياة؟ سؤال يتردد بقوة الآن رغم مرور9 سنوات علي آخر ظهور للملا عمر ظل خلالها أنصاره يرددون أنه موجود ويدير الحركة. فهل حقا قتل الملا عمر وتحاول مجموعة قيادية من المحيطين به تحويله إلي أسطورة مستمرة بالإيحاء لأنصاره أنه مازال يقودهم حتي لا تتفكك طالبان وتنهار. أم أنه محتجز في أحد سجون مخابرات باكستان التي تسرب تعليمات مزورة باسمه حتي تحدث حالة من الإنقسام والتفكك والفوضي داخل حركة طالبان. ويتفق كثيرون من المراقبين للأوضاع في أفغانستان علي أن الشعور بالولاء المطلق للملا عمر بين أنصاره هو الذي يحافظ علي بقاء حركة طالبان وحمايتها من الإنقسام. وقد نقلت مجلة النيوزويك الأمريكية في تحقيق مطول لها من أفغانستان عن أعضاء في حركة طالبان قولهم أنهم لم يسمعوا شيئا عن زعيمهم الملا عمر منذ عام2001 وذلك عندما فر من مدينة قندهار التي كان يتخذها مقرا لقيادته راكبا دراجة بخارية يقودها شقيق زوجته هربا من القصف الأمريكي العنيف للمدينة. في نفس الوقت قال أحد أتباعه أنه شاهد شريط فيديو يظهر الملا عمر من علي مسافة بعيدة وهو يطلق الرصاص من بندقيته الكلاشينكوف لكن لا أحد من أنصاره يذكر عدد المرات التي ظهر فيها الملا عمر طوال السنوات التسع الماضية ليظل ما يحيط بمصيره شائعات متضاربة بعضها يؤكد وجوده والبعض الأخر يؤكد وفاته. وأدي هذا إلي إثارة أسئلة كثيرة في أفغانستان مثل أين يعيش الملا عمر وهل هو الذي يقود حركة طالبان وإذا كان قد مات فمن الذي يقود الحركة الآن. أسئلة كثيرة بدون أي أحد إجابة قاطعة. وترجع مكانة الملا عمر الكبيرة بين أنصاره لدرجة أنهم يصفونه بأمير المؤمنين لايمانهم الشديد بأنه يعمل علي إقامة الإمارة الإسلامية في أفغانستان. ويقول أحد كبار ضباط المخابرات في حركة طالبان والذي طلب عدم ذكر إسمه لأسباب أمنية أننا جميعا نقاتل من أجله وبدون قيادته الملهمة فإن الحركة يمكن أن تنقسم إلي فرق متنازعة. ويشير التحقيق الذي أجرته النيوزويك إلي أن الغالبية العظمي من قاعدة الأعضاء المقاتلين في الحركة مقتنعين أن الملا عمر مازال علي قيد الحياة ومازال يقود الحركة وجزء أساسي من هذا الإقتناع سببه أن قادة الحركة أنفسهم حريصون علي بقاء أسطورته حية واذا ما تهور أحد وأدعي موت الملا عمر فانه حتما سيتهم بأنه جاسوس أو فاقد للايمان. كثيرون خارج الحركة وبين المراقبين الغربيين يتساءلون عن شخصية الملا عمر ومن هو وقد نقل عن الصحفي الباكستاني والخبير في شئون طالبان رحيم الله يوسف زاي والذي كان قد أجري عشرة حوارات من قبل مع الملا عمر قبل إختفائه قوله أن الملا لا يتمتع بأي كاريزما وأن ثقافته محدودة وينظر إلي كل شيء علي أنه إما أبيض أو أسود وليس هناك وسط بينهما. وحتي عندما كانت السلطة في يده فإن ظهوره العلني كان نادرا ولم يغادر كابول إلا مرة واحدة حين ذهب إلي مسقط رأسه قندهار لكن أنصاره يحلو لهم أن يضفوا عليه الكثير من الصفات البطولية مما يجعلهم يبجلونه ويمجدونه. ولأحد مساعديه وجهة نظر غريبة فهو يري أن إختفاء الملا عمر فيه فائدة كبيرة لأننا إذا كنا لا نعرف أين هو فإن هذا يعني أن أعداءنا أيضا لا يعرفون أين يوجد أميرنا ومن بين مظاهر إستغلال إختفاء الملا عمر بين أنصاره أن سكرتيره الشخصي جول أغا أدعي أن معه خطابا موقعا من الملا عمر بتعيينه النائب الجديد له بعد إعتقال نائبه الملا عبد الغني برادار في مطلع عام2010 لكن كثيرين من قادة الحركة يشككون في صحة هذا الخطاب وفي صلاحية جول أغا للمنصب. ومن بين البيانات الصادرة المنسوبة للملا عمر بيان يدعو فيه أنصاره لتجنب قتل المدنيين ويعتقد أنه بيان مزور تقف وراءه المخابرات الأمريكية للحد من الخسائر البشرية بين المدنيين. وهناك خطاب آخر يدعو حركة طالبان للتوقف عن مهاجمة الأهداف العسكرية الباكستانية. ويعتقد عدد من أعضاء طالبان أن هذا الخطاب كتبته المخابرات الباكستانية وأنها تحتجز الملا عمر سجينا لديها. وإذا كان صحيحا أن مخابرات أجنبية تقف وراء هذه التعليمات التي تأتي أحيانا متضاربة فإن معني ذلك أن قوات التحالف الغربي في أفغانستان تشن حملة نفسية للتأثير علي حركة طالبان وأعضائها حتي أن المتعاطفين مع الحركة في أفغانستان بدأوا هم أيضا يشككون في أن الملا عمر مازال علي قيد الحياة. وسواء كان الملا عمر علي قيد الحياة أم لا فان الهدف الأسمي أمام أنصاره أن يؤكدوا بقاءه علي قيد الحياة حتي لا تنهار الحركة وتتفكك وتنقسم إلي أجنحة وجماعات كل منها يبحث عن الزعامة والنفوذ.