حاتم صدقي ك شف العقدان الأخيران عن مخاطر كبيرة طالت حقوق الطفل, خاصة في العالم عامة ودول العالم الثالث بصفة خاصة, مما أصبح يشكل عبئا جديدا علي كاهل طب وأطباء الأطفال, ويتطلب ذلك إعادة النظر في مفاهيم كثيرة. وفي محاضرة شاملة بالمؤتمر العالمي لأعصاب الأطفال تناول الدكتور حسين كامل بهاء الدين وزير التعليم الأسبق ورئيس الجمعية المصرية لطب الأطفال هذه المخاطر مؤكدا أن هناك عوامل كثيرة تؤثر علي نمو الأطفال وتنمية قدراتهم العقلية وأن الاستثمار في الطفولة المبكرة هو أكثر أنواع الاستثمار تحقيقا للعائد. وتأتي الرضاعة الطبيعية كما أثبتت الأبحاث في مقدمة العوامل المؤثرة علي قدرات الطفل العقلية, حيث يحتوي لبن الأم علي مواد كيميائية تساهم في انتاج البروتينات المكونة للغمد النخاعي الذي يساعد علي سرعة مرور الاشارات العصبية في المخ, كما أثبتت الأبحاث, علي حد قوله, أن ممارسة الرياضة البدنية تساعد في بناء القدرة العقلية للطفل, وأن النوم الجيد لمدة لا تقل عن ثمان ساعات يمثل ضرورة مهمة وحيوية لتطوير قوة العقل, وأن حب وحنان الوالدين وإهتمامهم وعنايتهم بالطفل نفسيا واجتماعيا, وسماع الموسيقي أثناء الحمل وبعد مولد الطفل تساهم في بناء قوة المعرفة لدية. ويوضح الدكتور بهاء الدين أن التعليم بشكله النمطي المعروف يجب أن يبدأ منذ اللحظة الأولي في عمر الطفل فور ولادته, وليس بداية من العام الرابع أو السادس كما هو حادث الأن. ولذلك فالتحديات التي تواجهنا في القرن الحادي والعشرين أكبر مما نتصور, لأن هناك ثورة معرفية وإنتاجا كثيف المعرفة, حيث تحول النتاج من كمي إلي كيفي ونوعي, وحلت الأفكار والبرامج محل العدد والألات, وثبت أن قوة المعرفة هي أكثر أنواع الاستثمار تحقيقا للعائد علي الإطلاق, ومن هنا أصبح سكان العالم الثالث يواجهون تهديدا خطيرا يتمثل في الفجوة المعرفية الكبيرة التي يمكن أن تهمش دور جزء كبير من أطفال العالم, وقد ثبت أن تحول الانتاج في أي دولة من انتاج كمي إلي انتاج كثيف المعرفة يمكن أن يغير وجه الحياة علي أرضها, بل ويضعها في مصاف الدول مرتفعة الدخل, ومن الممكن باستغلال الثورة المعرفية أن تنتقل أي دولة إلي مصاف الدول المتقدمة خلال فترة لا تزيد عن عشر سنوات فقط إذا ما بدأت من الأن في الاستثمار الصحيح في الطفولة. وقد كانت هذه النقلة تحتاج بالثورة الصناعية إلي قرن كامل. وأشار إلي أن مفهوم الاستثمار في الطفولة المبكرة لم يبدأ في العالم إلا عام2003 فقط, ولذلك لا بد أن تكون لدينا خطة علمية شاملة ومدروسة للتعليم المبكر لأطفالنا وبناء قوة المعرفة لديهم بداية من العام الأول من أعمارهم, حيث تكون استجابتهم للتعلم وتلقي المعرفة في الأعوام الأولي أكبر وأسرع كثيرا منها في مراحل العمر التالية. وقد أكدت نتائج الدراسات والأبحاث أن الفترة المثلي لتكوين الذكاء العاطفي لدي الطفل تبدأ فيما بين الشهر السادس إلي الثامن عشر, وهي فترة الرضاعة الطبيعية, مما يعني أن الرضاعة الطبيعية تمثل حجر الأساس في تكوين الذكاء العاطفي عند الطفل. أما تعلم اللغات فيجب أن يتم خلال السنوات السبعة الأولي من عمر الطفل, لأن نافذة تعلم اللغات تغلق بعد ذلك ويكون الأمر بالغ الصعوبة حينئذ, كذلك يجب أن يتم تعليم الموسيقي قبل العاشرة, كذلك أوضح الدكتور حسين أن برامج الألعاب الإليكترونية المبنية علي العنف تأخر النمو العقلي للطفل وتصيبة بمرض فقد المناعة ضد العنف, كما أن إهمال الوالدين للطفل وإساءة معاملته تشكل أهم أسباب السلوك العدواني عند الأطفال.
