زواج المصالح عمره قصير.. خاصة ان كان زواجا سياسيا قائما علي استغلال ثروات الشريك( المخالف) ثم التخلص منه في اقرب فرصة لدرء شره, ثم البكاء علي ثروته التي زالت بزواله! سيلفيو بيرلسكوني رئيس الوزراء الإيطالي أقام حفل زفاف شرعي كبيرا لتزويج حزبه السياسي( فورتسا إيطاليا) مع خليفه السياسي( حزب التحالف الوطني) وريث حزب( موسوليني) الديكتاتور الفاشيستي الذي جر بلاده إلي الحروب مع صديقه( اللدود) أدولف هتلر. وتوقع بيرلسكوني بسبب عدم المامه بالدستور الايطالي وتعوده علي سياسة من ليس معي فهو ضدي! ان تمرر قوانين حكومته الائتلافية اليمينية التي تجمع حلفين متناقضين ايديولوجيا وسياسيا.. وايضا مزاجيا دون مراجعة أو اعتراض, فيما لو عقد هذا الزواج السياسي مع رئيس مجلس النواب جانفرانكوفيني زعيم حزب التحالف الوطني, في تكتل يمثل يمين الوسط تحت اسم بيت الحرية مع استمرار تحالفه الاستراتيجي مع رابطة الشمال اللمباردية الانفصالية المتطرفة والمعروفة بتوجهاتها السياسية الرامية لانفصال الشمال الصناعي الغني عن الجنوب الزراعي الفقير! بينما يدرك فيني السياسي المحنك أبعاد مسئولياته البرلمانية التي يتقدمها الحيادية الكاملة في التعامل مع جميع الاحزاب السياسية الممثلة تحت قبة البرلمان, والتي فسرها بيرلسكوني, بانها خيانة سياسية!! تحول دون السيطرة الفعلية الحياة النيابية, ومن ثم قد تتيح قدرا من العدالة لاحزاب المعارضة التي يصورها دائما رئيس الوزراء الايطالي بانها لاتعمل لمصلحة الشعب الايطالي.. ويتهمها بالتحريض علي الكوارث الطبيعية من زلازل وبراكين, وايضا جميع الازمات والمشاكل الدولية التي يعانيها العالم.. قبل ان يعانيها الشعب الايطالي! وامام هذه الخيانة المفترضة من قبل زعيم تجمع يمين الوسط قرر تأديب رئيس مجلس النواب, باعلان الطلاق السياسي وحشد اعوانه الذين اتخذوا قرار طرد فيني من جنة تكتل يمين الوسط دون الانتباه إلي ان حزب التحالف الوطني قبل زفافه علي حزب فورتسا ايطاليا كان قد حقق فوزا كبيرا في الانتخابات السياسية مثله مثل بيرلسكوني عام2008, وانه بفضل التحالف السياسي مع فيني ورابطة الشمال تمكن بيرلسكوني من الحصول علي الاغلبية البرلمانية, ومن ثم تكليفه من قبل الرئيس الايطالي جورجو نابوليتانو بتشكيل الحكومة اليمينية الراهنة والمهددة الآن بعد الطلاق السياسي مع التحالف الوطني بالسقوط العاجل لغياب الاغلبية البرلمانية التي يفرضها الدستور الايطالي للحكم, والتي كان بيرلسكوني يتمتع بها خلال تحالفه مع حزب التحالف الوطني. وكانت المفاجأة غير السارة لبيرلسكوني ان الطلاق السياسي قد اخل بميزان الاغلبية البرلمانية, وانه اصبح لايتمتع بشرعية الاستمرار في الحكم ومن ثم علي رئيس الدولة الاختيار بين قبول استقالة بيرلسكوني وتشكيل حكومة تكنوقراطية موسعة, تضم العناصر السياسية الوطنية بين تيارات اليمين واليسار لاعفاء البلاد من زلزال سياسي في مرحلة تاريخية حرجة اقتصاديا ولدي ايطاليا الان التزامات مالية داخلية ودولية مستحقة خلال شهر اكتوبر المقبل.. وبين جر البلاد إلي انتخابات سياسية مبكرة لن تفضي في ظل الاجواء السياسية الراهنة في ايطاليا إلي حد ادني من الاستقرار السياسي في ايطاليا. ومن ثم بدا في الافق الخيار الأول, وهو تشكيل حكومة تكنوقراطية وصفها رئيس الدولة نابوليتانو ردا علي تكتل يمين الوسط الرافض لها بانها حكومة تكنوقراطية غير منتخبة وسياسية في نفس الوقت.. تتولي مهام تسيير احوال البلاد حتي انتهاء الدورة التشريعية الراهنة واجراء الانتخابات في موعدها المقرر العام المقبل. وفورا هدد اومبرتو بوسي وزير الاصلاحات الدستورية وزعيم رابطة الشمال الشريك الرئيسي في الائتلاف الايطالي الحاكم, بتسيير مظاهرات مليونية, احتجاجا علي فكرة حكومة تكنوقراط بديلة عن تلك التي يرأسها سيلفيو بيرلسكوني, بينما تتصارع تداعيات الاحداث في سلسلة المواقف المتصلة بالازمة الناشئة عن انسحاب مجموعة من النواب والشيوخ التابعين لرئيس البرلمان جانفرانكو فيني من حزب شعب الحرية الذي يقوده بيرلسكوني مطلع الشهر الحالي, كنتيجة مباشرة للصراع بين بيرلسكوني وفيني, مما يعرض الائتلاف الحكومي الحالي إلي خطر الانهيار لافتقاده الاغلبية في اي لحظة, وقال بوسي في تصريحات علي موقع صحيفة رابطة الشمال في حالة تشكيل حكومة تكنوقراط سيقوم بيرلسكوني بقيادة الجماهير إلي الميدان وهي حاشدة بينما ستنضم إليه رابطة الشمال في مقاطعات بييمونتي ولومبارديا وفينيتو واضاف انهم بالملايين وهم ساخطون!! ويأتي هذا الموقف بعد نحو اسبوع من مطالبة بوسي بالعودة إلي صناديق الاقتراع مبديا رفضه فرضية تشكيل حكومة تكنوقراطية, مشددا علي ضرورة وجود حكومة يختارها الشعب.. في اشارة دعائية إلي قوة حزبه لاخافة خصومه. كانت الخلافات بين بيرلسكوني وفيني قد تفجرت منذ اشهر حول جملة من المسائل السياسية المتعلقة باولويات برنامج الحزب الحاكم وعلاقته مع رابطة الشمال بضغوطه تجاه الفيدرالية الضريبية وسط تخوفات من عدم امكانية تحمل اقتصاد الجنوب الفقير عبء تطبيقها في الوقت الراهن, وكانت ابرز وقائع التصادم ذلك الشجار العلني خلال مؤتمر الحزب في شهر ابريل الماضي والذي شهده الايطاليون علي الهواء مباشرة تليفزيونيا يتمركز حول شعور الحليفين الاستراتيجيين بيرلسكوني وبوسي بالخطر الشديد من احتمال لجوء الرئيس الايطالي لخيار تشكيل حكومة تكنوقراطية علي عدة محاور تعكس هشاشة الديمقراطية التي يتشدق بها السياسيون في ايطاليا سواء من قبل امبرتو بوسي الذي خرج عن عباءة اللياقة السياسية واعلن صراحة بان من سوف يتجرأ علي المساس بمصالح حزبه السياسي الداعي إلي انفصال الشمال علي الاقل اقتصاديا عن الجنوب والوسط فوسف يعاقب ايا من كان وان كان رئيس الدولة شخصيا او اي مؤسسة دستورية اخري.. وهدد بما يوحي باعلان هذا الانفصال بصورة اجبارية منفردة من قبل رابطة الشمال فيما لو تتأتي الموافقة بصورة قانونية أو تشريعية! بينما يخشي بيرلسكوني من تلك الحكومة المؤقتة. ان تتيح بالوقت وحتي اجراء الانتخابات السياسية في موعدها العام المقبل, الفرصة الذهبية للحليف المطرود فيني ومريديه السياسيين في توسيع قاعدته السياسية الشعبية في جميع انحاء ايطاليا خاصة ان فيني سياسي محنك ليس مثل بيرلسكوني ويعرف جيدا ان وجبة الانتقام السياسي تقدم باردة.. وان السرعة في ذلك من الشيطان.. اي ليس من الحكمة. الاكيد في كل ذلك.. هو ان تصريحات بيرلسكوني وحليفه الاستراتيجي بوسي من الآن فصاعدا سوف تكشف عن هشاشة الديمقراطية المتخفية في عباءة الديكتاتورية المتأصلة لدي تكتل يمين الوسط الذي سوف يكشف عن انيابه للدفاع عن مصالحه ربما بوسائل قد تبدو ديمقراطية لكن علي الطريقة الايطالية المماثلة لبدايات موسوليني.. قبل الحرب الأخيرة.