هذا الوقت من العام هو الفترة المناسبة لرفع سعر توريد القمح, إذا كنا حقا جادين في زيادة الانتاج المحلي وتقليل الاستيراد لماذا الآن؟ لأن القمح في مصر من المحاصيل الشتوية ويدخل موسم زراعته ابتداء من شهر سبتمبر. وخلال سبتمبر وأكتوبر تتم زراعة أكثر من80% من المساحات المستهدف زراعتها قمحا. فإذا قررنا الآن, زيادة سعر توريد القمح إلي380 جنيها للأردب مثلا فإن هذا سيتيح الفرصة للمزارعين لأن يقارنوا بين عائد المحاصيل المختلفة, وإذا الفلاح وجد أن العائد من زراعة القمح أصبح أفضل مقارنة بغيره من المحاصيل كالفول أو البرسيم, فإنه في هذه الحالة سيقرر زيادة المساحات المخصصة للقمح. وإذا اهتمت الدولة في نفس الوقت بتوفير التقاوي التي ترتفع بإنتاجية الفدان إلي نحو20 أو25 أردبا للفدان, فإن هذا يزيد الاغراء قوة ويصبح للاندفاع لزراعة القمح قوة يصعب الوقوف ضدها مثل حالة الأرز. أما إذا انتظرنا إلي أن ينتهي شهر سبتمبر أو ينتصف شهر أكتوبر لكي نقرر ما نري في زيادة سعر توريد القمح فسيكون القرار غير ذي جدوي لأنه يكون قد صدر بعد أن انتهي موسم الزراعة. 2 من العوامل المهمة في زراعة القمح واقتصادياته, أنه من المحاصيل غير المجهدة لا للتربة, ولا للفلاح إذ أن مجرد التجهيز العادي للأرض من حرث وتسميد الخ يكفي. ثم إنه ليس من المحاصيل المعروفة بشراهتها للمياه كالأرز والذرة والقصب. وهو أيضا منذ زراعته وحتي حصاده بعد نحو8 أشهر لا يحتاج إلي أي نوع من أعمال عزق التربة. الشرط الوحيد لضمان أكثر من50% من المحصول يتمثل في التوقيت السليم للزراعة. فإذا أضفنا إلي ذلك عمليات التسميد العادية, والري يكون من المضمون الحصول علي الانتاجية المقدرة. ولكن يبقي أنه من الضروري جدا استخدام التقاوي الموثقة الصادرة من وزارة الزراعة التي تحمل الصفات الوراثية للإنتاج المرتفع, ولمقاومة الصدأ. كل هذه الظروف, في ظل جعل سعر التوريد380 جنيها للإردب, يضمن زيادة المساحات المحلية المخصصة لزراعة القمح. نحن لا نتحدث عن الاكتفاء الذاتي من القمح فمثل هذا الأمر غير مطروح لأسباب تتعلق بضرورة زراعة البرسيم والقطن والفول والشعير فضلا عن المحاصيل المختلفة. فليس من المنطقي إنتاج ما يكفي من القمح علي حساب النقص الحاد في محاصيل أخري جوهرية. الحديث يدور هنا عن زيادة المساحة بحيث تنتج ما يكفي75% من الاستهلاك المحلي. وهذا هدف يمكن تحقيقه بسهولة دون نقص في محاصيل أخري جوهرية وهو ما يوفر قدرا لا بأس به من الدولارات كانت ستستخدم في الاستيراد. 3 العيب الجوهري في الاقتصاد أنك يجب أن تعرف ماذا تريد في الوقت المناسب حتي تصل إلي هدفك. فإذا تأخرت في هذه المعرفة تكون بذلك قد أضعت فرصة ذهبية. لذلك علينا ألا ننسي أن هذه الزيادة العالمية في أسعار القمح يمكن أن نستفيد منها بزراعة القمح في الصحراء الغربية بطرق الري بالرش. وارتفاع السعر العالمي والمحلي يستطيع أن يغطي تكاليف الكثير من عمليات الاصلاح يكفي أنه ستكون هناك أسواق مؤهلة ومستعدة لاستقبال هذه الكميات الزائدة غير المحسوب حسابها حتي ولا في السوق المحلية. هل نقول إن التوسع الحقيقي لزراعة القطن المصري تواكب مع الحرب الأهلية الأمريكية وتوقف تصدير القطن الأمريكي للأسواق والمصانع البريطانية فجاءت زيادة الانتاج المصري لتحل محل النقص في القطن الأمريكي في السوق البريطانية مع الاستفادة من الزيادة الصاروخية في الأسعار في ذلك الزمان؟ هل نفعلها في هذه الأيام ونتوسع في زراعة القمح بخطي مدروسة لنغطي احتياجاتنا بأقصي قدر ممكن وليستفيد الفلاح من السعر المجزي لتتحسن مستويات معيشته ويجد ما يقابل الجهد المضني الذي يبذله علي مدي العام؟ المزيد من مقالات حازم عبدالرحمن