كتبت : أمل إبراهيم : سعد التعدي علي الأراضي الزراعية مشكلة مزمنة, فقد تكون سببا مباشرا أو غير مباشر في مشكلة نقص بعض المحاصيل الزراعية, وهو مايحول الأمر برمته الي قضية أمن قومي تستحق التناول المتعمق لكافة أبعادها, وهو مايوضحه المسئولون بهيئة التخطيط العمراني ووزارة الزراعة في السطور التالية: د. مصطفي مدبولي رئيس هيئة التخطيط العمراني يؤكد بداية ان ظاهرة التعديات علي الأراضي الزراعية قائمة منذ عشرات السنين, وسوف تستمر لفترات ممتدة في المستقبل, ولن يتم التحكم فيها بنسبة100% علي أي حال من الأحوال, فواقع الأمر يؤكد هذه الرؤية بشكل واضح.. ومايدعم أو يوضح أسبابها هو وجود سياسات من قبل أسهمت في تفتيت ملكية الأرض الزراعية, بحيث ترسخت مفاهيم لدي المواطنين بأن قيمة عائد الأرض عند تحويلها الي عقارات أعلي بكثير مما يحصل عليه منها كأرض زراعية, ولعل مايؤكد ذلك أن المواطنين أنفسهم هم القائمون بالتعدي علي الأراضي وليسوا عصابات اجرامية مثلا. ولكيلا تبدو الصورة قاتمة يضيف فإنه بالقطع تم خلال الفترةالماضية إبطاء معدلات البناء بنسبة كبيرة منذ نحو عام أو عامين بفضل تطبيق قانون البناء والأحوزة العمرانية وحزم المحافظين في اتخاذ اجراءات رادعة حيال التعديات. وعلي الجانب الآخر اذا كنا نعتبر أن قضية توافر الغذاء والمحاصيل الزراعية قضية أمن قومي فلابد ان نتيقن من أن التعديات علي الأراضي الزراعية ليس لها تأثير مباشر علي هذه القضية. فالأمر يتعلق بوجود رؤية محددة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجية في مرحلة معنية.. لذلك فلابد من توافر سياسة زراعية وتوفير موارد مائية واضحة المعالم لتأمين الغذاء دون علاقة بالتعديات علي الأراضي علي الإطلاق التي تؤكد انها لم تتزايد في الفترة الأخيرة كما يتراءي للبعض. استخدامات مقننة في وزارة الزراعة لم تختلف الرؤية إذ يؤكد د. صلاح يوسف رئيس قطاع الخدمات الزراعية والمتابعة بالوزارة أن هناك نسبة كبيرة من التراجع في معدلات البناء علي الأراضي الزراعية.. فلابد أولا من ان نوضح الفارق فيما بين استخدام جزء من الأراضي الزراعية كأغراض منافع عامة, فهذا هو الشكل المقنن لإقامة المباني بتراخيص وفقا لقوانين وتشريعات تحكمها, ويتم ذلك بالتنسيق فيما بين المحافظات ووزارة الزراعة وهذه الاستخدامات المقننة تحتل مساحة محدودة ولاتؤثر علي الانتاج الزراعي بأي حال. وهناك فارق فيما بينها وبين التعديات علي الأراضي الزراعية يتابع حيث يقوم المواطنون بالبناء علي الأراضي الزراعية بدون وجه حق وبطرق غير قانونية ولاننكر وجودها بالقطع فهي قائمة ولكنها في تراجع نظرا للجهود المبذولة من قبل المحافظين في التصدي لها, وكذلك أجهزة وزارة الزراعة في المحافظات وتطبيق نظام الأحوزة العمرانية المحددة لكل قرية, وتم حساب الكثافة السكانية علي الفدان حتي2027 وحساب مساحات الأراضي المحتمل زيادتها حتي هذا التاريخ, ومن المعروف أنه تقوم بهذه المهمة اللجنة36 المشكلة من ممثلين من وزارة الزراعة وهيئة التخطيط العمراني وتخضع لإشراف وزارة الإسكان. وهنا يؤكد المهندس وهمان أبوالنصر رئيس الادارة المركزية لحماية الأراضي بوزارة الزراعة أن الاجراءات القانونية تسهم في التصدي, وان كنا نأمل في المزيد من تشديد العقوبات علي المخالفين للتصدي الحاسم لهذه الظاهرة.. ففي واقع الحال ان هناك اجراء اداريا يتم اتخاذه بتحرير محضر اثبات حالة في ذات الوقت ويتم ارساله الي الجهات المختصة لاستصدار قرار الإزالة اللازم.. وكذلك هناك اجراء قضائي في حالة معاودة المخالفة مرة أخري, حيث تتحول الي قضية يحكم فيها القضاء. ولابد أن نشير هنا يضيف الي انه في حالة الاجراء الاداري فانه بعد تحرير محضر التعدي والإزالة وطبقا للقانون تتم اعادة الأرض الي حالتها الزراعية علي نفقة المخالف, وفي حالة رفضه تقوم الجمعية التعاونية التي تقع في دائرتها الأرض التي تم التعدي عليها باعادتها الي حالتها الزراعية علي نفقته الخاصة.. ولاتخاذ اجراءات صارمة تجاه التعدي علي الأراضي الزراعية منذ بدايتها التي تبدأ بعمليات تبوير الأرض حدد القانون رقم116 لسنة1983 وبالتحديد المادة55 منه, عقوبة التبوير بالحبس والغرامة التي لاتقل عن500 جنيه ولاتزيد علي1000 جنيه عن الفدان الواحد أو جزء منه, واذا كان المخالف مستأجرا دون المالك فيجب أن يتضمن الحكم الصادر بالعقوبة انهاء عقد الايجار ورد الأرض للمالك. وان كان الاجراء القضائي يتم عمله بعد عامين من تبوير الأرض يضيف لذلك تم تغليظ الع قوبة وفقا للقانون رقم2 لسنة1985 إذ شدد الاجراء القانوني بحيث يتم بعد عام واحد فقط, كما جعل التبوير من الجرائم المستمرة بمعني أن يتم رفع قضية علي المخالف اذا لم يقم بزراعة الأرض, فلا يصح أن تترك بورا. وكذلك فانه بالنسبة لاقامة المباني كما يضيف المهندس وهمان أبوالنصر وطبقا للمادة152 من القانون116 لسنة1983 يحظر إقامة مبان علي أراض زراعية واتخاذ أية اجراءات تقسيم ويعاقب المخالف بالحبس والغرامة التي لاتقل عن10 آلاف جنيه ولاتزيد علي50 ألف جنيه, ويجب ان يتضمن الحكم الصادر الأمر بالإزالة علي نفقة المخالف. ولمزيد من تغليظ العقوبات يتابع صدر القانون119 لسنة2008 وبالتحديد المادتان60 و61 منه وتنص كل منهما علي إزالة المباني علي نفقة المخالف دون الانتظار لحكم قضائي, أي أن تتم الإزالة الفورية بمعرفة الوحدات المحلية. ومن كل ذلك يتضح يوضح أن الجهود مازالت تتواصل لحل المشكلة, وان كانت هناك مشكلات ومعوقات في هذا الصدد تتمثل في سلوكيات المواطنين الرافضة لإتمام عمليات الإزالة والمقاومة لها بكل الطرق حتي ولو باستخدام المواطنين أنفسهم كدروع بشرية وكذلك التأخر الواضح في إعداد حملات الازالة من أكثر من جهة, ما أدي الي استفحال حجم المخالفات في كثير من الأحيان بحيث نجد الأراضي الزراعية قد تحولت الي منازل أو الي مشروعات انتاج حيواني أو مزارع.و هنا يعود د. صلاح يوسف رئيس قطاع الخدمات الزراعية والمتابعة بوزارة الزراعية الي الحديث, مضيفا أنه علي الرغم من خطورة قضية التعديات علي الأراضي الزراعية التي لاخلاف عليها, فاننا لابد أن ندرك ان الزيادة في الانتاج الزراعي لاترتبط فقط بالمساحات ولكن بادخال أصناف جديدة ذات انتاجية أعلي فالسياسة الغذائية تتعلق بالانتاجية والمساحة وتقليل الفاقد.. وبالنسبة للمساحة فإنه تم خلال السنوات الماضية استصلاح أراض وإضافة أراض حديثة بمساحات واسعة, ويكفي أن نشير الي ان حجم الأراضي كان6 ملايين فدان حتي الثمانينيات بينما وصل الأن الي8.8 مليون فدان برغم وجود مشكلة التعديات علي الأراضي الزراعية. وان كنا يضيف لاننكر هنا أن قيمة الأراضي القديمة كأرض خصبة ذات قيمة عالية أفضل من الأراضي الجديدة التي ترتفع فيها تكاليفالانتاج بنسبة عالية, وكذلك فإنه حتي ان لم تكن جهود التصدي لهذه الاعتداءات ملموسة بشكل كاف فيكفي ان نشير الي انه لو تركنا عمليات التبوير مستمرة( وهي شكل من أشكال التعدي) قائمة بمعدلاتها لكان هناك تأثير سلبي ملموس علي المنتج الزراعي بصفة عامة.