فنحن ننتج اجود انواع القطن, وأكثرها متانة, وفخامة, والعالم كله يشهد بأن مصر لها تاريخ طويل في انتاج القطن طويل التيلة, وفائق الطول.. ولكن, مع تغيير نمط الاستهلاك العالمي. لم يعد للمنتجات المصنعة من القطن المصري مكان إلا لفئة محدودة من المستهلكين لاتتجاوز3% علي مستوي العالم يسميهم المصنعون بالصفوة فضلا عن تراجع معدلات استخدامه في المصانع المحلية, وكذلك انخفاض معدلات تصديره للخارج.. وفي المقابل نحن مازلنا نكابر, ونترك الباب مفتوحا امام القطن المستورد متوسط, وقصير التيلة, بينما يخرج المنتج المصري من المنافسة! ولعل ذلك يفسر ما جاء في تقرير الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء مؤخرا, اذ كشف عن تراجع اجمالي الكميات المستهلكة بالمغازل المحلية إلي134 الف قنطار متري خلال الفترة من مارس2009 مقابل622 الف قنطار متري خلال نفس الفترة من الموسم السابق, بنسبة انخفاض قدرها78.5 بنسبة قدره ا86.6% من اجمالي القطن المستهلك خلال هذه الفترة, بينما زاد اجمالي المستهلك من الاقطان المستوردة بالمغازل المحلية بنسبة743.5% ليبلغ447 الف قنطار متري خلال الفترة من مارس حتي مايو2009 مقابل53 الف قنطار متري لنفس الفترة من الموسم السابق, كما تراجعت معدلات التصدير بنسبة88.7%, والمؤكد ان هناك خللا.. وهذا الخلل يدعو بطبيعة الحال للبحث عن حل! لا احد يختلف علي قيمة وجودة القطن المصري.. هكذا بادرني محمد المرشدي رئيس غرفة الصناعات النسيجية, لكن حدث تغيير في نمط الاستهلاك العالمي, ودخلت موضة الملابس الكاجوال وبالتالي لم يعد القطن المصري, وهو طويل ومتوسط التيلة مناسبا لهذه الانماط الجديدة في الصناعة, حيث اتجهت نسبة كبيرة من المصانع في العالم لاستخدام القطن قصير ومتوسط التيلة وهو متوافر في دول العالم المختلفة, وتعتمد عليه المصانع بشكل كبير, لرخص اسعاره, مما يحقق ميزة تنافسية سعرية للمنتجات التي يتم تصنيعها منه, بينما ترتفع اسعار المنتجات المصنعة من القطن المصري, ولايستطيع ان يشتريها إلا فئة محدودة جدا من المستهلكين علي مستوي العالم, حيث يباع القميص أو تي شرت بسعر200 دولار أمريكي أو مايعادلها بالعملات الأخري ويسألني من يستطيع أن يشتري قميصا بهذا السعر إلا إذا كان من الميسورين لاسيما أن سعر القميص من القطن متوسط التيلة لايتجاوز5 دولارات وليس كل المستهلكين يبحثون عن الخامة عالية الجودة, فالجينز يتم تصنيعه من اردأ الخامات. ازمة تصنيع لاننا نواجه ازمة بسبب عدم ملاءمة القطن المصري للصناعة, ولاننا نضطر ايضا إلي الاستيراد من الخارج, تحدثنا مع وزارة الزراعة, ومعهد بحوث القطن لاستنباط سلالات جديدة من القطن, ولكي يتم زراعة القطن متوسط وقصير التيلة في مصر, كما فعلت دول كثيرة مثل الهند, وباكستان وجنوب شرق اسيا, واليونان, وسوريا, ولانني اريد ان انافس المنتجات المماثلة في الاسواق الخارجية, فانه لابديل عن استيراد القطن متوسط وقصير التيلة من الخارج. علي ذلك والكلام مازال للمرشدي لابد من اعادة النظر في الخريطة الزراعية المصرية التيلة احتياجات المصانع المصرية من القطن المتوسط وقصير التيلة الذي تستخدمه كل دول العالم بلا استثناء... لكن يبدو ان ذلك الحل قد لايكون ممكنا.. لاسيما بعد ان ذكر لنا معهد بحوث القطن في احد اللقاءات ان استنباط اصناف جديدة من القطن يحتاج إلي15 عاما لاندري لماذا؟ اهدار المال العام في نفس الإطار, يتحدث محمد القليوبي رئيس جمعية مستثمري المحلة الكبري والرئيس السابق لغرفة الصناعات النسيجية جازما بأن استخدام القطن المصري طويل التيلة, وفائق الطول في التصنيع بشكل عام يمثل إهدار للمال العام, فالمطلب العالمي علي القطن متوسط وقصير التيلة كبير جدا, ولذلك لم تعد هناك فرصة للتصنيع من القطن المصري الذي لاننكر جودته المرتفعة لكنه ايضا مرتفع السعر, ولايحقق الميزة التنافسية السعرية للمنتجات المصنعة عند تصديرها للخارج. ويبادر القليوبي بسؤال: هل تعلم ان3% فقط من سكان العالم هم الذين يقبلون علي المنتجات المصنعة من القطن المصري فهو قوي التحمل, ويمتص الالوان بسرعة عند الصباغة, كما يتسم بالمتانة, ولان أسعار المنتجات المصنعة من هذا النوع من القطن مرتفعة, فإنه لايقبل عليها إلا الاثرياء.. والقطن المستورد هو البديل الوحيد المتاح امام المصانع المصرية وإلا سوف تغلق ابوابها خلال فترة قصيرة. اصناف جديدة يتفق معه محسن الجيلاني رئيس الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس فنحو97% من المنتجات النسيجية تصنع عالميا من قطن متوسط وقصير التيلة, ولايتم انتاجها في مصر, بينما تعتمد3% من المنتجات علي القطن المصري طويل التيلة الذي يستخدم في تصنيع المنتجات ال راقية, صحيح ان نسبة استخدام القطن المصري قد تقل أو تزيد حسب اسعاره في الداخل, ولو ان هناك ازمة, والحكومة دعمت القطن, ووجدناه رخيصا فسوف نستخدمه فهو بكل تأكيد افضل من القطن متوسط التيلة, لكننا نتفق علي ان ما ننتجه في القطاع العام, وما ينتجه العالم لا يحتاج إلي القطن المصري إلا بنسبة لاتتجاوز3% لذلك يبقي الحل لدي وزارة الزراعة التي يجب ان تتجه لزراعة اصناف متواضعة تناظر الاصناف العالمية المستخدمة في الصناعة حاليا, والتي تقبل عليها المصانع المصرية, وتستوردها من الخارج, مع مضاعفة الانتاج حتي تتحقق الجدوي الاقتصادية من زراعتها. ملعب الزراعة لأن المنتجين يلقون بالكرة في ملعب وزارة الزراعة, ومعهد بحوث القطن الذي يجب ان يقوم باستنباط اصناف من القطن متوسط وقصير التيلة لتلبية احتياجات المصانع المصرية حملنا الملف إلي الدكتور محمد عبدالمجيد عبدالعزيز مدير المعهد والذي أكد ان القطن المصري يلقي اقبالا عالميا, حيث تم تصديره إلي أكثر من30 دولة كما انه يتمتع بسمعة ممتازة عالميا, فهو قطن فائق الجودة والنعومة. والمشكلة الاساسية في زراعة القطن المصري, هي ان نسبة من الربح لابد ان تعود علي الفلاح, فالحكومة دعمت الموردين ب220 جنيها لكل قنطار قطن في الوجه البحري من نوعية جيزة86 و88 مقابل180 جنيها لاقطان جيزة80 وجيزة90 في الوجه القبلي, لكن الدعم لم يذهب للفلاح لذلك من الضروري ضبط منظومة الدعم, وغلق باب الاستيراد. قلت: لماذا لايتم زراعة القطن متوسط وقصير التيلة لتلبية احتياجات المصانع المصرية بدلا من استيراده من الخارج؟ مدير معهد بحوث القطن: هناك تجارب لانتاج القطن قصير التلبة في مصر حاليا, وللعلم, فقد اثبتت كل التجارب السابقة ان زراعة القطن الأمريكي قصير التيلة غير مجدية اقتصاديا, ففي الثمانينيات تمت زراعة500 فدان في النوبارية وجاء الانتاج ضعيفا, ومتأخرا في النضج, والأمر كذلك في400 فدان تمت زراعتها في سوهاج, ولابد ان نعلم ان مصر متميزة في النوعية, وليس في الكمية, وفي المقابل لابد ان نعترف بان التكنولوجيا في المصانع المصرية مازالت قاصرة! لمن لايعرف فقد اهتمت وزارة الزراعة كما يقول مدير معهد بحوث القطن بزراعة القطن الأمريكي قصير التيلة الابلاند منذ الحرب العالمية الثانية لتوفير مادة رخيصة للمصانع المحلية, حيث جرت زراعته في كوم امبو والفيوم خلال الفترة من1947 م 1959 م.