عاجل.. حسين لبيب يتحدث عن حق رعاية إمام عاشور ومفاوضات ضم حجازي    نتيجة الصف الثالث الاعدادي برقم الجلوس في محافظة الغربية (الموعد الرسمي)    منزل جمال عبد الناصر، منارة ثقافية بحي باكوس في الإسكندرية    تراجع سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الخميس 23 مايو 2023    هل ترتفع أسعار الشقق بعد بيع قطع أراض لجهات أجنبية، الحكومة تجيب (فيديو)    تفاصيل المجلس الوطنى لتطوير التعليم فى حلقة جديدة من "معلومة ع السريع".. فيديو    تموين سوهاج: ارتفاع توريد القمح إلى الشون والصوامع ل 96 ألف طن    فوز ناصر تركي وحسام الشاعر بعضوية اتحاد الغرف السياحية عن الشركات    الطيران الحربي الإسرائيلي يشن غارات على شرق مدينة رفح الفلسطينية    ضياء رشوان للجزيرة: التلويح بالانسحاب من مفاوضات غزة لا يعني التخلي عن القضية    أستاذ علوم سياسية: تقرير «cnn» محاولة فاشلة لتوريط مصر    مراسم تتويج أتالانتا بلقب الدوري الأوروبي لأول مرة فى تاريخه.. فيديو    إعلام عبري: إسرائيل تدرس إغلاق سفارتها بأيرلندا بسبب اعترافها بدولة فلسطينية    22 فنانًا من 11 دولة يلتقون على ضفاف النيل بالأقصر.. فيديو وصور    حسين لبيب: الإعلام الأهلاوي قوي وأرفض الانتقام من الزمالك    تأكيدًا لانفراد «المصري اليوم».. الزمالك يبلغ لاعبه بالرحيل    ماذا حدث؟.. شوبير يشن هجومًا حادًا على اتحاد الكرة لهذا السبب    وزير الرياضة: أتمنى مواجهة الأهلي ل الزمالك في السوبر الإفريقي    تريزيجيه: أنا تحت أمر الأهلي.. وعقدي مع طرابزون مستمر لعامين    أحمد سليمان: تم تمديد عقد جوميز..وسنفعل بند شراء محمد شحاته    مصطفى شلبي يتسبب في أزمة بين إنبي وبترول أسيوط.. ما السبب؟    بقانون يخصخص مستشفيات ويتجاهل الكادر .. مراقبون: الانقلاب يتجه لتصفية القطاع الصحي الحكومي    الأرصاد تحذر من موجة شديدة الحرارة اليوم الخميس    ناجية من حادث معدية أبو غالب تكشف تفاصيل الواقعة    حظك اليوم وتوقعات برجك 23 مايو 2024.. تحذيرات ل «الثور والجدي»    محلل سياسي فلسطيني: إسرائيل لن تفلح في إضعاف الدور المصري بحملاتها    محمد الغباري ل"الشاهد": اليهود زاحموا العرب في أرضهم    بسبب التجاعيد.. هيفاء وهبي تتصدر التريند بعد صورها في "كان" (صور)    نجوى كرم تتحضر لوقوف تاريخي في رومانيا للمرة الأولى في مسيرتها الفنية    احذر التعرض للحرارة الشديدة ليلا.. تهدد صحة قلبك    «الصحة» تكشف عن 7 خطوات تساعدك في الوقاية من الإمساك.. اتبعها    أستاذ طب نفسي: لو عندك اضطراب في النوم لا تشرب حاجة بني    الولايات المتحدة.. إنفلونزا الطيور تصيب الأبقار وتحذيرات من "عواقب وخيمة" إذا انتقلت للبشر    هيئة الدواء: نراعي البعد الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين عند رفع أسعار الأدوية    محافظ بورسعيد يعتمد الشهادة الإعدادية بنسبة نجاح85.1٪    ضبط 53 شيكارة دقيق بلدي مدعم بماكينة طحين بدسوق    طالب يشرع في قتل زميله بالسكين بالقليوبية    انتشال 3 جثث جديدة لفتيات ضمن واقعة غرق ميكروباص من أعلى معدية أبو غالب    البابا تواضروس يستقبل مسؤول دائرة بالڤاتيكان    البطريرك مار إغناطيوس يوسف الثالث يونان يلتقي الكهنة والراهبات من الكنيسة السريانية    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن فى مستهل التعاملات الصباحية الاربعاء 23 مايو 2024    عمرو سليمان: الأسرة كان لها تأثير عميق في تكويني الشخصي    محمد الغباري: العقيدة الإسرائيلية مبنية على إقامة دولة من العريش إلى الفرات    حظك اليوم| برج العقرب الخميس 23 مايو.. «أجواء إيجابية تحيط بك»    رسميا.. انطلاق فيلم "تاني تانى" فى دور العرض اليوم    حسن شاكوش التريند الرابع على اليوتيوب    باحث في الشؤون الإسرائيلية: بيان «CNN» ليس جديدًا وهدفهم الضغط على مصر    بمناسبة الاحتفال بالذكرى 248 لاستقلال أمريكا.. السفيرة «هيرو » تؤكد أن مصر شريك لا غني عنه لتحقيق الاستقرار    "وطنية للبيع".. خبير اقتصادي: الشركة تمتلك 275 محطة وقيمتها ضخمة    إبراهيم عيسى يعلق على صورة زوجة محمد صلاح: "عامل نفق في عقل التيار الإسلامي"    رغم فارق السنّ.. «آلاء» والحاجة «تهاني» جمعتهما الصداقة و«الموت غرقًا» (فيديو)    "جوزي بيحب واحدة متجوزة".. رسالة من سيدة ورد حاسم من أمين الفتوى    هل يجوز بيع جلد الأضحية؟.. الإفتاء توضح    الوفد: حريصون على توعية العمال بدور الدولة في الحفاظ على حقوقهم    لينك نتيجة الصف السادس الابتدائي 2024 الترم الثاني    أمين الفتوى يوضح أفضل أعمال العشر الأوائل من ذي الحجة: هذا اليوم صيامه حرام    أدعية الحر.. رددها حتى نهاية الموجة الحارة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 22-5-2024 في المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرأة المصرية‏..‏ بين قاسم أمين وفتحي نجيب
نشر في الأهرام اليومي يوم 11 - 08 - 2010

قرابة مائة عام تفصل بين رجلين مصريين يشكلان عتبتين فارقتين في نضال المرأة المصرية نحو الذود عن حقوقها العادلة‏,‏ ومطالبها المشروعة‏,‏ واعطائها فرصا متساوية مع الرجل في حركة المجتمع‏:‏ الأول هو قاسم أمين الذي كان قاضيا وكاتبا واديبا ومصلحا اجتماعيا وزعيما للحركة النسائية حتي اوائل القرن الماضي‏,‏ حيث وافته المنية في شهر ابريل عام‏1908,‏ والآخر هو فتحي نجيب الذي كان كذلك قاضيا ومفكرا وكاتبا وساعيا لاصلاح الاوضاع الاجتماعية للمرأة حتي اوائل هذا القرن‏,‏ إذ باغته الموت في شهر اغسطس عام‏2003,‏ أي منذ سبع سنوات خلت‏.‏
وكلا الرجلين امتاز باستقلال الفكر‏,‏ ونصاعة الرأي‏,‏ وصفاء الذهن‏,‏ وسعة الخيال‏,‏ وقوة الإرادة‏,‏ وقطعية الحجة‏,‏ وكان كل منهما مولعا بعلوم القانون والاجتماع والفلسفة والتاريخ‏,‏ ولا أجاوز الحقيقة في شيء أن كل منهما كان يكمل الآخر‏,‏ مثال ذلك أنه ولئن كانت القيمة الكبري للكتاب الأشهر لقاسم أمين تحرير المرأة هو ما طالب به من تعليم للمرأة حتي سن الابتدائي او تعديل بعض قوانين الزواج‏,‏ بحيث يتم تقييد حق الرجل في تطليق زوجته وتشريد الأسرة‏,‏ إلا أن ذروة سنام ذلك الكتاب تتبدي جليا في تحليله الجريء والجديد لطبيعة العلاقة بين المرأة والرجل‏,‏ وذلك في تبيان ما كانت تعانيه تلك العلاقة من استقرار مزيف‏!‏
هذا ما نبه إليه قاسم أمين‏,‏ وهو ذاته ما فطن إليه فتحي نجيب من ذلك الاستقرار المزيف للعلاقة الزوجية‏,‏ فولي جهوده الدؤوبة إبان عمله مساعدا لوزير العدل لشئون التشريع شطر استحداث حق المرأة في طلب الخلع وإنهاء حياة زوجية تتسم بهذا الاستقرار المزيف‏,‏ فصدر القانون رقم‏(1)‏ لسنة‏2000‏ بتنظيم بعض اوضاع واجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية‏,‏ وقد قضت المادة‏(20)‏ منه بأن‏:‏ للزوجين أن يتراضيا فيما بينهما علي الخلع‏,‏ فإن لم يتراضيا عليه وأقامت الزوجة دعواها بطلبه وافتدت نفسها وخالعت زوجها بالتنازل عن جميع حقوقها المالية والشرعية وردت عليه الصداق الذي اعطاه لها‏,‏ حكمت المحكمة بتطليقها عليه‏.‏
وفي أحد لقاءاتي مع المرحوم المستشار الدكتور فتحي نجيب قص لي واقعة تعود أحداثها إأواخر السبعينيات وقد كان وقتها رحمه الله قاضيا بمحكمة دمنهور للاحوال الشخصية عندما جاءته سيدة من احدي قري دمنهور تشكو إليه زوجها‏,‏ وحاصل شكايتها أن هذا الزوج لاينفق لا عليها ولا علي أبنائه‏,‏ وأنها لاتملك حتي نفقات العودة إلي قريتها‏!!‏
واحتار الرجل القاضي الذي يحكم بنصوص القانون القائم لأمر تلك المرأة الضعيفة المغلوبة علي أمرها‏,‏ ووقف عاجزا عن القضاء لها إذ لامناص لها من العودة لمنزلها والرضا بهذا الهوان وذاك الاستقرار المزيف‏,‏ وما كان منه إلا أن أعطاها مالا من جيبه الخاص يعينها علي العودة لمسكن الزوجية‏,‏ والبقاء فيه ذليلة مهانة‏!!‏ وظلت تلك الواقعة تؤرق مضجعه‏,‏ حتي حانت فرصة تخويل المرأة حق إنهاء العلاقة الزوجية متي استحالت تلك العلاقة عن الاستمرار كما ارتضاها طرفاها‏,‏ ومن بعد أصدر كتابه إبان رئاسته لمحكمة النقض ولمجلس القضاء الاعلي عام‏2001‏ شارحا ومفسرا ومنفذا ومحللا احكام هذا القانون‏,‏ وشاركه في تأليفه الزميل المستشار محمود غنيم نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا الآن‏.‏
ولئن كانت دعوة قاسم أمين منذ نيف ومائة عام لتحرير المرأة قد قوبلت بهجوم شرس ورفض حاسم‏,‏ وكانت سببا في اخفاقات واحباطات جمة اخمدت جذوتها في حينها‏,‏ فقد وجد فتحي نجيب البيئة القانونية والفكرية والثقافية الملائمة لترجمة افكاره ورؤاه بما تتواكب مع ما تصبو المرأة الي تحقيقه‏,‏ فكان عضوا في اول تشكيل للمجلس القومي للمرأة عام‏2000,‏ وذلك المجلس الذي أنشئ بقرار جمهوري تكون له الشخصية الاعتبارية ويتبع السيد رئيس الجمهورية وترأسه السيدة الفاضلة سوزان مبارك والذي يعد البوتقة الفعالة التي تنصهر فيها آمال المرأة وطموحاتها المشروعة في تمكينها اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وقانونيا وبرلمانيا فهو يختص بوضع مشروع لخطة قومية للنهوض بالمرأة وحل مشكلاتها واقتراح السياسة العامة للمجتمع ومؤسساته الدستورية في مجال تنمية شئون المرأة‏,‏ وابداء الرأي في مشروعات القوانين المتعلقة بالمرأة والتوصية باقتراح مشروعات للقوانين والقرارات التي تلزم للنهوض بأوضاع المرأة وغيرها‏,‏ وتشهد محاضر جلسات هذا المجلس ان اراء فتحي نجيب كانت علي مستوي احكامه في عمق التحليل وبعد الرؤية الي حد الاجماع علي مواقفه العملية الداعمة للمرأة‏,‏ وليس ادل علي ذلك من تعيين المستشارة تهاني الجبالي كأول قاضية مصرية تجلس علي منصة المحكمة الدستورية العليا وقت ان كان رحمه الله رئيسا لتلك المحكمة‏.‏ ومن عجائب القدر ان كلا من قاسم امين وفتحي نجيب لم ير بعيني رأسه حصاد ما غرسه وثمار ما زرعه فقد غافل الموت الاول ولم يتجاوز عمره خمسا واربعين عاما والآخر وهو في الخامسة والستين‏,‏ وانما كانت دعوة كليهما لتحرير المرأة ومنحها حقوقها الدستورية والقانونية بمثابة الوقود الدافق الذي ألهب حماسة المرأة المصرية فطفقت تحقق كيانها ومكانتها في المجتمع المصري‏,‏ فقد تبرعت الاميرة فاطمة بنت الخديو اسماعيل بأرض كانت تملكها لاقامة مبني للجامعة الاهلية‏(‏ القاهرة الآن‏),‏ كما حرصت المرأة المصرية علي المشاركة في المؤتمرات السياسية داخل مصر وخارجها‏,‏ حيث حضرت السيدة انشراح شوقي مؤتمر بروكسل عام‏1910,‏ وشاركت هدي شعراوي في المؤتمر النسائي الدولي بروما سنة‏1923,‏ وفي عام‏1928‏ التحقت المرأة بالجامعة المصرية‏,‏ وبعد قيام ثورة‏23‏ يوليو عام‏1952‏ ترسخ مفهوم مشاركة المرأة في كل مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية‏.‏ ويموت الرجل فيبكيه الاهل ويندبه النساء‏,‏ ولكن قاسم امين وفتحي نجيب ابكيا عظماء الرجال وأقدرهم علي التجلد والاحتمال‏,‏ فكلاهما كان حالة استثنائية في حياة الوطن‏..‏ الأول قرأت عنه مليا والآخر تتلمذت علي يديه علميا وقضائيا وانسانيا‏,‏ رحمة الله علي كل منهما واسكنهما فسيح جناته‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.