قبل ان تنفض الدورة الخامسة والاخيرة لمجلس الشعب ناقش المجلس استجوابا مثيرا قدمه النائب المستقل الدكتور أحمد أبو بركه لرئيس مجلس الوزراء ووزير المالية عن فشل الحكومة في ادارة الدين العام. والحقيقة ان المستجوب كان موفقا في عرض استجوابه, وان الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية وجه الشكر لمقدم الاستجواب بعد ان وضح ان الدين العام لا ينظر اليه كرقم مجرد ولكنه ينسب الي اجمالي الدخل. وعبر الدكتور أحمد أبو بركه في تعقيبه علي رد وزير المالية علي الاستجواب عن تقديره للوزير الذي أقر بحقيقة عدم امان نسبة الدين ولم ينكر ذلك لإن الاقرار بالمشكلة هو بداية السبيل الناجح لحلها. وقد شرح المستجوب استجوابه مركزا حديثه حول عدد من النقاط بقوله انه كان يأمل في حضور الدكتور رئيس مجلس الوزراء لأن الاستجواب يتعلق بالسياسات الكلية للحكومة. وقال الدكتور ابو بركه ان مصر فقدت القدرة علي استغلال قرارها الاقتصادي في سبعينيات القرن الماضي منذ ان قبلت وصفه السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي عرفت بتوافق واشنطن في عام1991. وان مصر ورثت عبر أجيالها المختلفة ديونا اثقلت كاهلها حتي أصبح اكثر من نصف الشعب المصري يعيش تحت خط الفقر وفق التقارير والمؤشرات الدولية المعتمدة. وقال المستجوب في نقاط.. الحديث عن معدلات التضخم المرتفعة والتي بلغت18% وفق بيانات الجهاز المركزي للمحاسبات مع ادني مستوي للاستثمارات في العالم حتي بلغت مديونية كل طفل13 ألف جنيه نتيجة سوء ادارة الحكومة للموارد المتاحة. والتأكيد علي ان الحكومة تتبني منهج التهوين من ظاهرة الدين العام وخطورته وتدعي ان الدين له اصول تقابله وانه وفق بيانات البنك المركزي والجهاز المركزي وبنك الاستثمار القومي ولجنة الخطة والموازنة بلغ الدين العام765,5 مليار جنيه عام2006 وصل الي465,5 مليار جنيه عام2009 أي بنسبة73,7% من الناتج المحلي الاجمالي نصيب الدين الحكومي بلغ54% من الناتج المحلي عام2006. مديونيات الهيئات الاقتصادية بلغت52,3 مليار جنيه أي5% من الناتج المحلي. رصيد مديونية بنك الاستثمار القومي وصلت نسبته الي14,5% وهي اعلي نسبة في العالم. التأكيد علي ان نسبة الدين المحلي تفوق الحدود الآمنة والتي حددتها اتفاقية ما سترخيت بنسبة60%. الحديث عن الاقتراض المحلي الذي لجأت إليه الحكومة إذ بلغ عام2007/2006 نحو62,25 مليار جنيه وارتفع الي19,9 عام2008/2007 ومقترح ان يصل الي187,5 مليار عام2011/2010 والاستفسار عما اذا كان الناتج المحلي قد تضاعف هو الآخر بمثل هذه النسب أم لا ؟ التعرض لمؤشر ميزان التشغيل في الموازنة العامة والذي تتخذه الحكومة كمؤشر اقتصادي والقول بأن نسبة العجز به كانت3,4% عام2009/2008 وصلت الي6,5% عام2011/2010. تناولت مؤشرات فوائد الدين والاشارة الي انها كانت71 مليار جنيه عام2010/2009 وصلت الي90,6 مليار علي2011/2010. الحديث عن تطور قيمة العجز النقدي والذي كانت نسبته للناتج المحلي الاجمالي5,6% عام2007/2006 وصلت الي8,3% عام2011/2010 وهذا يؤكد تطور الدين المحلي بشقيه الداخلي والخارجي. تأكيد ان خدمة الدين العام وفوائده تمتص الجزء الأكبر من موارد الدولة حتي تتساوي في قيمتها مع بند الأجور. الاشارة الي العلاقة العكسية بين حجم الدين العام وبين تنمية المناخ الاستثماري حيث يدفع الاول الي تراجع الاستثمار الخاص فيؤدي ارتفاع معدل الاقتراض الحكومي الي تحجيم سوق الائتمان من جراء توسع الحكومة في اصدار السندات واذون الخزانة. والالماح الي ما صدر في بيان البنك المركزي في ديسمبر الماضي من أن حجم السندات تخطي40% من حجم الدين الداخلي. وفي رد الدكتور يوسف بطرس غالي علي مقدم الاستجواب أوضح أن الدين العام لاينظر اليه كرقم مجرد ولكنه ينسب الي اجمالي الدخل. مشيرا الي أن وزارة المالية تتبع نهج التبويب الدولي للدين العام أما البنك المركزي فيتبع نهج التبويب المصرفي للدين العام. وذكر أن الدين الحكومي الداخلي كانت نسبته83% من اجمالي الناتج المحلي عام2005/2004 وباضافة الدين الخارجي ترتفع نسبة الدين العام الي118% وهي بالفعل غير آمنة. وازاء ذلك اتخذت الحكومة عدة اجراءات لتخفيض عجز الموازنة وتخفيض الانفاق فكان إصدار قانون جديد للضرائب ولضريبة الدمغة والضرائب علي الجمارك والضرائب العقارية فضلا عن عدة تعديلات في تبويب الموازنة العامة للدولة. وفي عام2010/2009 اصبح الدين العام60,8% وهي بالفعل نسبة غير آمنة ولكن هذا مؤشر هل تسير مصر في الطريق الصحيح ام لا؟ ووعد سيادته بأنه بحلول عام2015 ستكون هناك سياسات ستصل بعجز الموازنة الي3% ويصل إجمالي الدين الي45-50%. وذكر وزير المالية انه لايمكن مقارنة الدين المصري بغيره من الدول العربية حيث إن ثلثي العالم العربي منتج للبترول ولديه فائض في الموازنة. واستعرض الوزير عدة نسب للدين العام في دول اوروبية حيث كانت نسبة الدين للناتج المحلي67% في فرنسا عام2008 وصلت74% عام2009 ثم80% عام2010 ومتوقع ان تصل الي89% العام القادم. ونسب المانيا كانت67% ثم79% ثم86% ثم91% عن نفس الفترة. وأبدي وزير المالية اتفاقه مع المستجوب حول عدم امان نسبة الدين الحالي ولكنه أكد أن الحكومة تسعي وبخطوات جادة وواسعة نحو تقليل هذه النسبة وتسعي ايضا لتحقيق فوائض في الموازنة حتي لاتضطر للاقتراض واصدار سندات واذون حكومية تزاحم بها القطاع الخاص الذي يعد وبلاشك محوله التشغيل الاقتصادي القومي.