ما تم إنجازه وتنفيذه من اتفاق سلام جنوب السودان أكبر بكثير مما تبقي محل خلاف من بنود, والتوصل إلي الاتفاق ذاته كان أصعب بكثير من الجهد المنتظر والمطلوب لحل بقية الخلافات. لذلك يجب أن يعمل حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان بجدية ونية خالصة للاتفاق حول البنود المختلف عليها قبل إجراء الاستفتاء علي تقرير مصير الجنوب والاستفتاء علي تبعية منطقة أبيي الغنية بالبترول للشمال أو الجنوب في يناير المقبل. إذا أخذنا هذه الحقيقة في اعتبارنا فلن يستعصي شيء علي الحل.. فمن كان يتصور أن تتم الموافقة في اتفاقية نيفاشا للسلام عام2005 علي حق تقرير المصير للجنوب؟ ومع ذلك تم إقرار هذا المبدأ لإرضاء الجنوبيين وترك الحرية لهم للبقاء دون إكراه مع الشمال ضمن السودان الموحد أو الانفصال في دولة مستقلة, وذلك لإنهاء حرب أهلية دامت21 عاما أدت إلي هلاك مليوني إنسان وتشريد نصف سكان الجنوب, وحرمان الإقليم من مشروعات التنمية. لذلك لابد من دخول المفاوضات من الطرفين بنية خالصة والتوقف عن الحملات الإعلامية والاتهامات المتبادلة وطرح الاعتبارات الانتخابية والقبلية جانبا, وعدم استغلال البنود الرمادية في الاتفاق لتفسيرها علي الهوي, واللجوء إلي الجهات الضامنة للاتفاقية والوسطاء للمساعدة في تفسير البنود وحل نقاط الخلاف, وعدم تهييج قبيلتي المسيرية والدينكا نقول نقول في ابيي ضد تنفيذ الاتفاقية بل السعي لمحاولة الجمع بين شيوخهما لحل الخلافات وإنهاء التوتر, ولعل مفاوضات القاهرة بين حزب المؤتمر والحركة الشعبية تكون فرصة جيدة لتذليل الخلافات واستكمال تنفيذ الاتفاقية بهدوء وسلام.