عمالة الأطفال خطر علي صحتهم الجسدية والنفسية وحياتهم الاجتماعية أيضا.. فهم يفقدون بها طفولتهم مبكرا, ويحرمهم العمل من حقهم في التعليم واللعب والاستمتاع بهذه السن الصغيرة. لكن كيف نحول هذه العمالة من الخطر الي الأمان؟ الاجابة تضمنتها دراسة اعدها المشروع الذي تقيمه جميعة الرعاية المتكاملة ويهدف لحماية الأطفال المعرضين للخطر, وذلك بالتعاون مع برنامج تنمية المشاركة التابع للوكالة الكندية للتنمية. هدي النحاس مدير المشروعات والمتابعة بجمعية الرعاية المتكاملة أوضحت ان المشروع شارك فيه عدد من الوزارات بهدف وضع تصنيف لعمالة الأطفال وفق ظروف العمل في المنطقة التي أجريت بها الدراسة وهي الدويقة بحي منشأة ناصر, وتوصلت الدراسة الي عدة توصيات ومقترحات لتحسين ظروف هؤلاء الأطفال وتوعية المجتمع بالآثار الصحية والنفسية والتربوية والاجتماعية لهذه الظاهرة. وقال د. اسامة متولي مدير الاتفاقيات والمشرف علي الدراسة التي أجريت علي200 طفل انها رصدت أهم الخصائص الشخصية والأسرية للأطفال العاملين بهذه المنطقة وأسباب نزولهم للعمل بالاضافة الي زيارتهم في أماكن العمل للتعرف علي طبيعة وظروف العمل الذي يقومون به وتحديد مدي رضاهم عنها وذلك لتحديد الآثار الايجابية والسلبية. ومن أهم المؤشرات التي رصدتها ان62% منهم ذكور و38% إناث وأن59% عمرهم أقل من18 سنة ونسبة16% تسربوا من التعليم و56% منهم أسرهم يزيد عدد أفرادها علي7 أفراد و82% مستوي دخل اسرهم الاقتصادي منخفض للغاية. الفقر هو السبب. وتصل نسبة عمالة الأطفال بسبب الفقر في منطقة منشأة ناصر إلي81% ويعيش معظمهم في ظروف معيشية سيئة فاتجهوا للعمل لمساعدة أسرهم والبعض الآخر اجبرهم اولياء أمورهم علي الخروج للعمل بهدف تنشئة الطفل علي الاعتماد علي نفسه في المستقبل كل هؤلاء تخلوا عن اللهو واللعب فنسوا أنهم أطفال يجب ان يعيشوا طفولتهم. مخاطر جسدية وأشارت الدراسة كما يقول دكتور اسامة متولي إلي أن48% من الأطفال يعملون في مصانع للملابس ولعب الأطفال ومنتجات البلاستيك ويعملون طوال أيام الأسبوع نحو12 ساعة كل يوم ولاتتجاوز مدة الراحة لهم سوي نصف ساعة في اليوم الواحد, مما يجعل66% منهم يشعرون بالإرهاق في أثناء العمل و23.5%يتعرضون إلي مخاطر جسدية من الماكينات والآلات والطريق والمواصلات واستخدام ادوات اللحام والمواد الكيماوية وتحدث لهم كسور بالذراع والقدم بسبب ثقل وزن هذه الآلات. اساءة المعاملة. الدراسة كشفت عن أن85% من هؤلاء الأطفال يتعرضون للعقاب في أثناء العمل من قبل صاحب العمل ويكون هذا العقاب أما خصما من الأجر أو بالضرب أو السب أو التعنيف. وتضيف هدي النحاس أن الظروف الاقتصادية العالمية التي تمر بها جميع دول العالم وأيضا الدول العربية منذ التسعينات أجبرت كثيرا من العائلات الفقيرة علي قبول عمل أطفالهم لزيادة دخل الأسرة إلا أن إحصاءات الدراسة بينت أن97% من هؤلاء الأطفال يحبون العمل وذلك رغبة في الحصول علي الأجر ومساعدة الأهل, والبعض الآخر حب في تعلم حرفة أو صنعه00 و5% منهم يحب تحقيق الذات, وأشارت الدراسة الي أن الأطفال يرغبون في الاستمرار في العمل وراضون عن عملهم بالرغم من المخاطر والظروف الصعبة التي يعملون فيها. وأضاف د. أسامة متولي أن لعمالة الأطفال آثارا إيجابية منها تقديم المساعدة الاقتصادية للأسرة بجانب تنمية القدرة علي تحمل المسئولية والاعتماد علي النفس وتعويض الفشل الدراسي وشغل وقت الفراغ بطريقة مفيدة وتعلم حرفة من الصغر. أما الآثار السلبية فتمثلت في صعوبة الجمع بين الدراسة والعمل وطول مدة العمل اليومية وتعرض هؤلاء الأطفال للعقاب في اثناء العمل والاستغلال المستمر لهذه الفئة من الأطفال وحرمانهم من الترفية واللهو والتمتع بالحياة الأسرية الصحيحة والاضرار الصحية التي يتعرضون إليها. وقد خرجت الدراسة بعدة توصيات متعلقة بالتشريع للحد من هذه الظاهرة أهمها العمل علي تطبيق قانون الطفل الجديد بكل جدية وتشديد الرقابة علي المخالفين من أصحاب الأعمال. ورفع وعي الأسر بأهمية تعليم أبنائهم حيث يمكن ان يتم ذلك من خلال وسائل الإعلام المختلفة مثل التليفزيون وعدم التهاون في تطبيق قانون التعليم الالزامي, واستيعاب جميع الأطفال في سن الالزام وتحسين مستوي اداء العملية التعليمية بجانب العمل علي توفير فرص تعليم وتدريب مهني للأطفال العاملين الذين لم يلتحقوا بالمدرسة والذين تسربوا من التعليم لتمكينهم من تعليم حرفة تساعدهم في الحصول علي دخل مناسب وبطريقة فنية صحيحة. وطالبت بضرورة تكثيف جهود محو أمية الآباء ومد مظلة التأمين علي الأطفال العاملين ضد اصابات العمل والمخاطر المهنية التي يتعرضون لها. أما بخصوص الاحصائيات فقد أضاف د. أسامة متولي أنه يجب بضرورة توفير بيانات دقيقة عن عمالة الأطفال واتاحتها أمام الباحثين حيث تبين في اثناء الدراسة وجود أطفال يبحثون عن عمل وهذا يشير إلي وجود مايسمي بطالة الأطفال وهذه الظاهرة بحاجة إلي دراسة لما قد يكون لها من زيادة حجم عمالة الأطفال ورفع معدل البطالة عند الكبار. وطالبت جمعية الرعاية المتكاملة في هذه الدراسة بضرورة ان نترك الأطفال لكي يعيشوا طفولتهم بعيدا عن القلق والمخاطر وأعباء العمل التي لم يستعدوا بعد لتحملها والتي يمكن أن تترك تأثيرها النفس والجسدي علي مستقبلهم.