الخطوات وشروط القبول.. مصاريف الجامعات الأهلية 2025    جاكلين عازر تهنئ أوائل الثانوية الأزهرية من أبناء المحافظة    القومي للمرأة يهنئ اللواء منال عاطف على تجديد الثقة مساعدا لوزير الداخلية    رئيس جامعة المنوفية يترأس اجتماع لجنة المنشآت الجامعية    وزير الصحة يعتمد حركة مديري ووكلاء المديريات بالمحافظات    تراجع أسعار الذهب عالميا بسبب انحسار المخاطر الجيوسياسية وتحسن بيانات الاقتصاد الأمريكي    توجيهات حاسمة من السيسي ل كامل الوزير بحضور مدبولي    غدا.. انطلاق المؤتمر الدولي لتسوية القضية الفلسطينية بنيويورك    «العربية لحقوق الإنسان» تدين القرصنة البحرية الإسرائيلية ضد السفينة حنظلة    هاني سعيد: بيراميدز يختتم معسكره الأوروبي بمواجهة بطل الدوري الإيراني    الأهلي يغادر تونس بعد انتهاء معسكره في طبرقة (صور)    جواو فيليكس يقترب من مغامرة جديدة في السعودية    محافظ أسيوط يتفقد موقع انهيار منزل ويوجه بدعم الأسر المتضررة فوراً    ضبط المتهم بقتل شاب بسبب الخلاف على أولوية المرور في الغربية    سائق يتحرش بسيدة أثناء سيرها بشوارع العاصمة.. والأمن يتدخل    الأرصاد تحذر من أجواء شديدة الحرارة حتي الثلاثاء .. والقاهرة فى الظل 41 درجة    الإعدام شنقا للحام قتل شخصا بعدة طعنات بالقليوبية    يوحنا وليم :لا يشغلنى كسر التابوهات    تامر حسني يكشف كواليس آخر لحظة في ألبوم «لينا ميعاد»    ريم أحمد: «الأمومة غيرتني وابنتي في صدارة أولوياتي»| خاص    الناطق باسم أونروا: لا يمكن توزيع المساعدات فى قطاع غزة دون الوكالة    أجندة فعاليات «قصور الثقافة» الأسبوعية.. انطلاق «صيف بلدنا» و3 عروض بالمهرجان القومي للمسرح    الأمن يكشف غموض خطف طفل من القاهرة وظهوره فى الصعيد    تموين سوهاج: توريد 184 ألف طن قمح للصوامع والشون منذ بدء الموسم    محافظ أسوان يكلف معاونه ومسئولي الوحدات المحلية بمتابعة تجهيز 190 لجنة انتخابية    وزيرة التخطيط ونظيرتها بجنوب أفريقيا تؤكدان أهمية التوسع بمشروعات البنية التحتية بالقارة السمراء    منتخب مصر يواجه أنجولا في بطولة أفريقيا لسيدات كرة السلة    تحذير دولي صارخ.. صحيفة إسبانية: الجوع يفتك بسكان غزة وسط شح الغذاء والماء    إطلاق حملة توعوية من المركز القومي للبحوث للتعريف بالأمراض الوراثية    طلاب «المنح الدولية» مهددون بالطرد    رغبة يوسف تصطدم بتحفّظ ريبيرو.. تطورات مفاوضات الأهلي مع كوكا (تفاصيل)    البقاء أم الرحيل.. شوبير يكشف مطالب عبد المجيد من أجل الإستمرار مع الزمالك    الأحزاب فى اختبار الشعبية بالشارع    في ذكري وفاة رشدي أباظة .. دخوله التمثيل كان بسبب صداقته لأحمد رمزي وعمر الشريف    المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: القطاع يحتاج إلى 600 شاحنة إغاثية يوميا    وزارة الصحة توجة نصائح هامة للمواطنين بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة    ضبط 118709 مخالفات مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    وزير الثقافة: نقل الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم إلى معهد ناصر    استشهاد 10 فلسطينيين وإصابة آخرين جراء قصف خيام واستهداف منتظري المساعدات بغزة    اليوم.. قرعة الدوري «الاستثنائي» بمشاركة 21 فريقا بنظام المجموعتين    سويلم: إزالة 87 ألف تعد على النيل منذ 2015 ومواصلة مكافحة ورد النيل    شعبة الذهب والمعادن تستعد لصياغة استراتيجية لإحياء صناعة الفضة فى مصر    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة ببداية جلسة الأحد    إصابة 6 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بالطريق الأوسطى    "الصحة": حملة 100 يوم صحة قدّمت 15.6 مليون خدمة طبية مجانية خلال 11 يوما    «الإفتاء» توضح الدعاء الذي يُقال عند الحر الشديد    محافظ سوهاج يناقش الموقف التنفيذي لإنشاء وتطوير 11 مستشفى    بدعم من شيطان العرب .."حميدتي" يشكل حكومة موازية ومجلسا رئاسيا غربي السودان    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية»| الأحد 27 يوليو    إيتمار بن غفير: لم تتم دعوتي للنقاش بشأن إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة    إصابة 11 شخصا في حادثة طعن بولاية ميشيجان الأمريكية    ما حكم شراء السيارة بالتقسيط عن طريق البنك؟    بعد فتوى الحشيش.. سعاد صالح: أتعرض لحرب قذرة.. والشجرة المثمرة تُقذف بالحجارة    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    سعيد شيمي يكشف أسرار صداقته مع محمد خان: "التفاهم بينا كان في منتهى السهولة    خالد الجندي: من يُحلل الحشيش فقد غاب عنه الرشد العقلي والمخ الصحيح    "سنلتقي مجددًًا".. وسام أبوعلي يوجه رسالة مفاجئة لجمهور الأهلي    الأمم المتحدة: العام الماضي وفاة 39 ألف طفل في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجديد الأخلاق‏:‏
ثورة المونديال علي ثورة يوليو
نشر في الأهرام اليومي يوم 26 - 07 - 2010

الدماء هي عنوان معظم الثورات والانقلابات‏,‏ فيها يتحول القتل إلي رياضة مجيدة من أجل التغيير‏,‏ بعد أن يصل الوضع القائم إلي طريق مسدود أمام طموحات الجماهير في سبيل الحرية والعدل والكرامة‏.‏ وفي الشهر الحالي تحتفل فرنسا بثورتها الكبري التي راح فيها‏4‏ آلاف شخص تحت المقصلة في‏18‏ شهرا‏,‏ علي يد‏(‏ فوكيه تونفيل‏)‏ المدعي العام والذي راح هو نفسه تحت المقصلة نفسها‏,‏ بعد الانقلاب عليه لفشله في تحقيق أهداف الثورة في المساواة والحرية والإخاء وكانت آخر كلماته‏,‏ التي تدين عنف الثورة التي بدأها وعبثية القتل‏:‏ أيها البلهاء أبهذا سيرخص ثمن خبزكم غدا؟‏!‏
في نفس الشهر تحتفل مصر بثورة يوليو‏,‏ التي لاينكر عليها أحد أنها ثورة بيضاء‏,‏ لم يلطخها الدم‏,‏ ولم يحسمها الرصاص والقتل والسحل في الشوارع كما حدث في بعض الأحيان‏,‏ ولكنها كانت الثورة الضرورة التي أجمعت عليها القوي الوطنية‏,‏ وإن لم تشارك فيها مباشرة‏,‏ ولكن انسداد أفق الإصلاح الاجتماعي علي كل الأصعدة في النسق السياسي والاقتصادي والثقافي السائد جعلها حتمية‏,‏ وفي محاولتي الخاصة في البحث عن الروح الاجتماعية العامة التي استقبلت بها الثورة‏,‏ فيتندر الجيل السابق لي في العائلة أن الجد العزيز‏,‏ وكان وكيلا لوزارة الخارجية وشخصية مرموقة اجتماعيا‏,‏ عندما سمع بالخبر قام وتوضأ وصلي ركعتين شكرا لله‏,‏ بعد أن تخلص البلد من نظام فاسد لا أمل في إصلاحه‏,‏ وجاءت‏(‏ الحركة‏)‏ بأمل جديد لأفق أرحب‏,‏ ولكن بعد سنوات قليلة قامت‏(‏ الحركة‏)‏ بعد تسميتها بالثورة بتأميم الأسهم والسندات التي جمعها من تعبه وشقاه طوال العمر في خدمة بلده‏!‏ وأستطيع أن أفهم عذاب الجد الغالي ولكنه بلاشك لايقارن بعذاب تونفيل‏!‏
أما الوالد الأعز والأغلي‏,‏ والذي تعلمت فيه ومنه الحوار والجدل‏,‏ فلم ير في الثورة إلا كارثة وطنية‏,‏ قضت علي الطبقة الوسطي والنخب المثقفة الداعية والحاملة للقيم والأخلاق الخلوقة‏,‏ ففي البداية هدمت الطبقة الوسطي من أسفل عندما فتحت الأبواب علي مصاريعها للرعاع والدهماء‏,‏ وهم بمستوي تربوي وأخلاقي متواضع لاتستطيع الطبقة الوسطي مجاراته‏,‏ ثم بعد ذلك جاءت بالانفتاح واقتصاد السوق‏,‏ ومكنت باسمه طبقة طفيلية تمكنت من الثراء السريع وفق آليات الانفتاح العشوائي بالسمسرة وتجارة العملة‏,‏ فهدمت الطبقة الوسطي من أعلي‏!‏ وكلما مرت الأيام والسنون تعاني الطبقة الوسطي بكل شرائحها السفلي والعليا أكثر وأكثر ولله الأمر من قبل ومن بعد‏!‏ وسياسيا كان يري صعوبة المقارنة مابين نظام سياسي تعددي تحكمه الانتخابات وبين حكم الفرد الاستبدادي‏,‏ والذي عطل قوي العقل المصري المختلفة لصالح رؤية واحدة مهما كانت نبيلة‏,‏ أما اقتصاديا‏..‏ فإن رائد التنمية في مصر‏(‏ طلعت حرب‏)‏ قام بحركة كبيرة اقتصاديا بمشروعات بنك مصر‏,‏ كان يمكن تنميتها دون تأميمها والقضاء عليها بالبيروقراطية‏,‏ والقضاء علي الإقطاع فتت الأرض الزراعية فضعف إنتاجها‏,‏ وبالنسبة للسد العالي فهو مشروع كبير‏,‏ لكنه حجز الطمي عن التربة الزراعية فأضعفها‏,‏ وأيضا قضي علي أنواع من السردين اللذيذ‏!‏ أما فخر الثورة الكبير بمجانية التعليم‏,‏ فهي لم تأتي بجديد فكان هذا متاحا قبل الثورة بتقديم طلب‏,‏ فمن يرغب في إتمام تعليمه فما عليه إلا أن يقدم شهادة فقر‏!‏ أما معاندة القوي الكبري‏,‏ ومعاداة الأشقاء العرب بنعتهم بالرجعية فكانتا الطريق السريع إلي هزيمة يونيو‏67,‏ ولم نعبرها إلابسياسة تعرف موازين القوي وأحكامها‏.‏ والحقيقة في رأيي أن ثورة يوليو لم تدع أنها سقطت من السماء علي أرض جدباء أو ساحة خواء‏,‏ ولكنها ثمرة كفاح شعب أراد فريق من أبنائه أن يغير الواقع بإيجابية فقاموا بالحركة رغم مافيها من مخاطر لايتحملها ولايغامر أمامها إلا الأبطال الأسطوريين‏,‏ ومن سماها‏(‏ ثورة‏)‏ قامة رفيعة بحجم‏(‏ طه حسين‏)‏ الذي قدر حجم التحولات الاجتماعية الجذرية التي فجرتها الثورة‏,‏ فتخطت بدايتها كحركة محدودة إلي ثورة جبارة‏,‏ غيرت النسق القديم‏,‏ الذي لم يعد قادرا علي تلبية طموحات الشعب في نزع أثمال التخلف والتبعية إلي النهوض لمواكبة العصر‏,‏ وهو مايحتاج إلي تحولات جذرية لامجرد أفعال خيرية ومشروعات جيدة أو موائد رحمن طيبة وهي أمور لايقوم عليها مشروع نهضة‏,‏ يعمل علي بناء الكيان الوطني وفق رؤية فكرية تحددها الظروف الواقعية الاجتماعية‏,‏ فتدخل عليها تعديلات منهجية يتعافي بها الواقع‏,‏ للقفز إلي الأمام‏,‏ وهذه الرؤية الإنسانية بها السلبي والإيجابي والتحولات الكبري لابد أن تأخذ في مجراها الشديد بعض الضحايا‏,‏ ولكن يبقي مجدها الكبير في المحافظة علي مصالح الشعب‏,‏ والانحياز للغالبية‏,‏ بترشيد حركة المجتمع في العدل الاجتماعي ونهضة علمية وتعليمية غير مسبوقة‏,‏ وتحدي تكنولوجي صعب‏,‏ واحتياجات وتنمية بشرية أصعب‏!‏
أي حديث عن حرية إنسان لايتحكم في قوت يومه لغو وكذب‏,‏ فالقيمة التي تجعلني أفخر أن هذه الثورة قامت في بلادي‏,‏ أنها جعلت للحرية معني مطبقا علي الواقع المباشر‏,‏ وخلقت حلما مصريا بأن الفرد يستطيع أن يكتسب مكانة اجتماعية‏,‏ ويتقدم معيشيا بناء علي جهده وعمله فقط‏,‏ وتراجعت أهمية الأصل والفصل في الثقافة العامة‏,‏ فهو حلم ولا الحلم الأمريكي‏,‏ مع الفارق‏,‏ ففي مصر كانت الأرض مليئة بالمشاكل والطلبات‏,‏ وفقيرة في الموارد والإمكانات‏,‏ بينما العكس تماما ماحدث في أمريكا حيث فائض الأرض والثروة التي تستدعي البشر للهجرة إليها لتعميرها‏!‏
بناء الكيان الوطني والقومي‏,‏ وفتح آفاق التعاون بينه وبين الآخرين أفريقيا وآسيويا وإسلاميا وأيضا دوليا ركيزة الثورة في محاولة توفيق مصالح الداخل مع الخارج‏,‏ دون عنف أو إرهاب ولكن بالمقاومة الإنسانية الطبيعية‏,‏ لتوفير العيش بكرامة وحرية حقيقية وهو الإنجاز الأكبر الذي يعود إليه الشعب كلما حاول المنقلبون علي الثورة وطموحاتها سلبهم إياه فكما شرح زعيم الثورة ومفجرها وعقلها وقلبها النابض‏(‏ جمال عبدالناصر‏)‏ في خطابه للرئيس‏(‏ جون كيندي‏):‏ أن الدفاع الحقيقي عن الشعوب هو في الجبهات الداخلية المستقرة والاستقلال الحر والتطوير الوطني‏,‏ وأن الصدمة الكبري في العلاقات العربية الأمريكية هي غلبة الاعتبارات السياسية المحلية الأمريكية علي العدل والمصلحة العربية‏.‏
لم تكن الثورة تعاند القوي الكبري‏,‏ ولكن تدافع عن حقها في الاستقلال الحر‏,‏لوضع نظم داخلية تتجاوب مع متطلبات الغالبية من الشعب‏,‏ وهو ما لم يسمحوا به فاستدرجوه لحرب غير متكافئة في حين أن‏(‏ صدام حسين‏)‏ سايرهم خطوة بخطوة‏,‏ ولكنهم دمروه لأنه صاحب أجندة قومية خاصة‏!‏ وكذلك كان شاه إيران رجلهم المطيع‏,‏ إلا أنه عندما ثار عليه الشعب ركلوه بعيدا‏,‏ بينما الدول التي تأتمر بأوامرهم لم تحقق إنجاز يذكر علي صعيد التنمية البشرية أو السياسية أو الاقتصادية‏.‏ وبالطبع فإن للحديث بقية‏.‏

المزيد من مقالات وفاء محمود


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.