لا يخفي علي أحد منا في الداخل أو الخارج أننا نخوض في هذه الأيام في مجال الكلمة معارك طاحنة وأنه مفروض علينا محاولة السباحة في وسط أمواج عالية. والملاحظ أن الغالبية منا تحاول جاهدة أن تقترب من الحقيقة لتحدد علي هدي معالم الطريق وتدفع المسيرة لمحاولة اللحاق بالعالم المتقدم. والمقولة ليست يسيرة فالكلمة تحتاج أولا إلي الصدق كل الصدق وهذا الصدق يحتاج إلي مقدرة التعبير ثم التقدم بحذر شديد بين الأشواك ولا يخفي علي أي واحد منا متوسط الادراك اننا أصبحنا علي جميع المستويات نعاني معاناة شديدة في كثير من جوانب الحياة حتي في الاطار العام للدول النامية وأن الشارع عندنا للأسف أصبح مظهرا من مظاهر التخلف وأن الفضائيات فضحتنا في كل مكان حتي طمع الغرباء فينا وخيل إليهم خيب الله ظنهم أنهم يستطيعون التصرف في أمورنا. وذلك فكل من يحاول التطرق إلي الموضوع منا يجب عليه أن يحيط احاطة كاملة بدقائق الوضع الراهن ويدرس بدقة كيف صرنا إليه وما فعلناه علي مدي عقدين من الزمان, وكيف استثمرنا الامكانيات المتاحة لنا بشريا وماديا ومعنويا وكيف أدي كل منا رسالته في موقعه صغيرا كان أو كبيرا, وهل تهاون البعض أو أخطأ وهل كان هذا التهاون والخطأ عن قصد أو عن غير قصد وماذا كسب من ذلك وأن يعرض ذلك كله علي أعين الناس جميع الناس حتي يكون المحسن قدوة ويكون المسئ عبرة ويدرك الجميع أن الصالح العام واجب مقدس جدا وأن الفردية والأنانية والمكاسب الشخصية كلها هراء في هراء أمام ذلك الصالح العام الذي يجمعنا في الوطن الذي يحمينا ونحميه ونصرخ في آذان الجميع بصيحات الولاء والانتماء له وأن الجماعة هي صاحبة اليد العليا علي أساس من العلم بكل خافية. ومن أشواك المسيرة التي تحتاج إلي كثير جدا من أعمال العقل والفكر والروية والتدبر والاستنجاد بالله تلك الأشواك التي تحف بالكلمة والتفنن في ادارتها خاصة من أصحاب الكلمة في المجال الثقافي. وقد دارت كلمات كثيرة أخيرا في المجال الثقافي خاصة أثناء الاحتفال بتقديم جوائز الدولة حتي يخيل للمتلقين أنها كانت مثالية مع أن المتأمل في الأمر يدرك أن الموضوع مغاير تماما حتي في معني الجوائز وهدفها والغاية منها فهذه الجوائز تمنحها الدولة أساسا لتشجيع الإبداع والإغراء بالتفوق, كل في مجاله ولكن يعلن المسئول ويتحدي بأن جائزة مبارك أعطيت لمن يستحقها من العظماء ناسيا أو متناسيا أنها ليست للعظمة ولكنها للنبوغ في مجال معين لاغراء الموهوبين بالتفوق فيه وقد أعطيت هذه الجائزة في السنوات الماضية في مجال الأدب لأكثر من ثلاثين أو أربعين أستاذا كبيرا علي أعيننا ورأسنا ولكن ليس بينهم شاعر واحد متخصص في الشعر العربي الفصيح مع أن دستورنا ينص علي اننا دولة عربية ولغتنا القومية هي اللغة العربية الفصحي. وهذا الموضوع دقيق جدا ومهم جدا وله من الاعتبارات من يحتاج إلي الكثير من التدقيق وهو لا يلهي عن الموضوع الأول وهو إذا كنا حقيقة نريد البناء علي أساس سليم ونتفادي السلبيات الثقافية التي يكرر كبار المسئولين عن الثقافة المعاصرين ذكرها ليل نهار يجب أولا أن نسأل العاملين علي الأساس الذي رسمه الله للبشرية كلها منذ الأزل في كل زمان ومكان وخلق من أجله الجنة والنار وجعل ذلك ميزانا للمسيرة الحياتية وسبيلا إلي صلاحها وتعليما للناس قادة وشعوبا والله المستعان. المزيد من مقالات محمد التهامى