وزير الزراعة: نستهدف 12 مليار دولار صادرات زراعية هذا العام.. وإضافة 3 ملايين فدان خلال 3 سنوات    الماريجوانا على رأس المضبوطات.. جمارك مطار القاهرة تحبط محاولات تهريب بضائع وأسلحة بيضاء ومخدرات    مخاطر الخلط بين أبحاث علوم الفضاء وفقه أحكام الفضاء    رئيس «مدينة مصر»: نسبة إلغاء التعاقدات فى معدلاتها الطبيعية ولا تتجاوز 6%    5 شهداء جنوب شرقى مدينة دير البلح    وزير الخارجية خلال جولة مع رئيس الوزراء الفلسطيني في معبر رفح: لا لمخططات التهجير    أوتشا: نحو 86% من مساحة غزة تخضع لأوامر إخلاء أو مناطق عسكرية    نطور في المطور بمناهجنا    إصابة عامل إثر حريق داخل مطعم فى منطقة التجمع    رسميًا بعد الزيادة الجديدة.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 19 أغسطس 2025    "الجبهة الوطنية بالفيوم" ينظم حوارًا مجتمعيًا حول تعديلات قانون ذوي الإعاقة    تحت عنوان «حسن الخُلق».. أوقاف قنا تُعقد 131 قافلة دعوية لنشر الفكر المستنير    رسميًا.. 24 توجيهًا عاجلًا من التعليم لضبط المدارس قبل انطلاق العام الدراسي الجديد 20252026    زيلينسكي: سيتم البت في مسألة الأراضي بين روسيا وأوكرانيا    ترامب: أوروبا ستقدم الضمانات الأمنية لأوكرانيا    لو فعلها ترامب!!    رئيس وزراء اليابان شيجيرو إيشيبا يكتب ل«المصرى اليوم» .. المشاركة معًا في خلق مستقبل أكثر إشراقًا لإفريقيا: عصر جديد من الشراكة فى مؤتمر «تيكاد 9»    مقلب.. نجم ريال مدريد يثير قلق الجماهير قبل مواجهة أوساسونا    السوبر السعودي: خورخي خيسوس «عقدة» الاتحاد في الإقصائيات    الزمالك يطمئن جماهيره على الحالة الصحية ل«فيريرا»    فرصة لطلاب المرحلة الثالثة.. تعرف الجامعات والمعاهد في معرض أخبار اليوم التعليمي    عيار 21 الآن بعد الانخفاض.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 19 أغسطس 2025 بأسواق الصاغة    ارتفاع درجات الحرارة تصل 43.. الأرصاد تكشف حالة الطقس خلال الساعات المقبلة    مستند.. التعليم تُقدم شرحًا تفصيليًا للمواد الدراسية بشهادة البكالوريا المصرية    وقت مناسب لترتيب الأولويات.. حظ برج الدلو اليوم 19 أغسطس    ما صحة إدعاءات دولة إسرائيل «من النيل إلى الفرات» في التوراة؟ (أستاذ تاريخ يوضح)    إيمي طلعت زكريا: أحمد فهمي سدد ديون بابا للضرائب ونجم شهير صدمنا برده عندما لجأنا إليه (فيديو)    عشبة رخيصة قد توفّر عليك مصاريف علاج 5 أمراض.. سلاح طبيعي ضد التهاب المفاصل والسرطان    قد يسبب تسارع ضربات القلب.. 6 فئات ممنوعة من تناول الشاي الأخضر    إنزال الكابل البحري «كورال بريدج» في العقبة بعد نجاح إنزاله في طابا    محافظ سوهاج يُقرر خفض تنسيق القبول بالثانوي العام إلى 233 درجة    حقيقة إصابة أشرف داري في مران الأهلي وموقف ياسين مرعي من مباراة غزل المحلة    مفاجأة حول عرض لانس الفرنسي لضم ديانج من الأهلي    أحدث صيحات موضة الأظافر لعام 2025    60.8 مليار جنيه إجمالي قيمة التداول بالبورصة خلال جلسة الإثنين    رئيس وزراء السودان يوجه نداء إلى الأمم المتحدة بشأن مدينة الفاشر ويطالبها بالتدخل فورا    رئيس نادي طنطا يؤكد حرص النادي على تنظيم حضور الجماهير ويثمن دور الجهات المختصة    تأكيدًا لمصراوي.. نقل موظفين بحي الهرم في الجيزة على خلفية مخالفات بناء    هشام نصر: وزارة الإسكان قررت سحب أرض فرع الزمالك في 6 أكتوبر    محافظ الدقهلية يفتتح حمام سباحة التعليم بالجلاء بتكلفة 4.5 مليون جنيه.. صور    شام الذهبي في جلسة تصوير رومانسية مع زوجها: مفيش كلام يتقال    حدث بالفن | مطرب مهرجانات يزيل "التاتو" وإصابة فنانة وتعليق نجل تيمور تيمور على وفاة والده    "رشاقة وفورمة الساحل".. 25 صورة لنجوم ونجمات الفن بعد خسارة الوزن    أحمد السبكي: "مش عارف رافعين عليا قضية ليه بسبب فيلم الملحد!"    موعد مباراة بيراميدز والمصري في الدوري الممتاز والقناة الناقلة    تواجه اتهامًا باستغلال الأطفال ومحرر ضدها 300 قضية.. 16 معلومة عن لعبة «روبلوكس»    محاولة تهريب عملات ومخدرات.. مباحث مطار القاهرة تحقق ضربات أمنية ناجحة    مصرع طالب إعدادي غرقا في نهر النيل بقرية في الصف    العمراوى حكما لمباراة سيراميكا وإنبى.. وعبد الرازق للجونة والمحلة فى الدورى    إطلاق حملة لرفع وعي السائقين بخطورة تعاطي المخدرات    «لو العصير وقع علي فستان فرحك».. حيل ذكية لإنقاذ الموقف بسرعة دون الشعور بحرج    ما علاج الفتور في العبادة؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى: تركة المتوفاة تُوزع شرعًا حتى لو رفضت ذلك في حياتها    هل يجوز قضاء الصيام عن الميت؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس «جهار» يبحث اعتماد المنشآت الصحية بالإسكندرية استعدادآ ل«التأمين الشامل»    هل المولد النبوي الشريف عطلة رسمية في السعودية؟    البحوث الفلكية : غرة شهر ربيع الأول 1447ه فلكياً الأحد 24 أغسطس    يعالج الكبد الدهني في هذه الحالة فقط- "FDA" توافق على دواء جديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلمة الرئيس حسنى مبارك بمناسبة الاحتفال بعيد العمال
نشر في اليوم السابع يوم 29 - 04 - 2009


- الأخوة والأبناء عمال مصر..
- السيدات والسادة..
يسعدنى أن أتحدث إليكم فى عيد العمال.. نحتفل بمن تقوم على أكتافهم صروحنا الصناعية الشامخة.. ويسهمون بكد سواعدهم فى نهضة الوطن. نشد على أيدى عمال مصر وعاملاتها.. ونؤكد تقديرنا لعطائهم واجتهادهم.. من أجل بلدنا واقتصادنا وشعبنا.
لقد تواصل عطاء عمال مصر عبر أجيال متعاقبة، وسلم كل جيل راية الوطن لمن يليه.. هناك من أجيالنا من قاوم الاحتلال البريطانى.. هناك من عاش سنوات الثورة بإنجازاتها ومعاركها.. هناك من خاض حرب أكتوبر واستعاد سيناء لسيادة الوطن.. وهناك جيل - يمثله عمال وشباب مصر اليوم - يتعامل مع معطيات وتطلعات وتحديات وأولويات جديدة.. ويواجه ظروفا مغايرة فى الداخل المصرى.. وفى منطقتنا والعالم من حولنا.
لقد ولد هذا الجيل فى ثمانينيات القرن الماضى.. كنا قد استعدنا سيناء بالحرب والسلام.. كنا نخوض مواجهة شرسة مع قوى الإرهاب والتطرف.. كانت علاقاتنا مقطوعة مع الدول العربية.. كان تعداد سكاننا آنذاك (43) مليون مصرى ومصرية.. وكانت لدينا بنية أساسية متهالكة.. واقتصاد استنزفته الحروب.. يعانى من ضعف هياكله وموارده وأعباء الديون الخارجية.
شهد الداخل المصرى تحولات ضخمة عبر سنوات هذا الجيل.. تضافرت قوى الشعب لمحاصرة الإرهاب.. حافظنا على سلام تحميه القوة.. استعدنا علاقاتنا العربية وزدناها رسوخا.. خفضنا مديونية مصر الخارجية إلى النصف.. أقمنا بنية أساسية متطورة آخذة فى الاتساع.. نجحنا فى تحقيق إنجازات عديدة بشتى قطاعات الإنتاج والخدمات.. وبات لدينا اقتصاد أقوى.. قادر على مواجهة التحديات والأزمات.. وعلى استيعاب زيادة سكانية ضخمة.. تقترب بشعبنا اليوم من الثمانين مليون نسمة.
وشهد عمر هذا الجيل تحولات مماثلة فى محيطنا الإقليمى والدولى.. عاشت منطقتنا حرب الخليج الثانية ثم الحرب على العراق.. وشهدت ولا تزال العديد من الأزمات وبؤر التوتر.. والعديد من مظاهر الانقسام والاقتتال وسفك الدماء. كما شهد العالم خلال ذات الفترة تحولات جذرية.. تفككت دول وظهرت دول أخرى.. تحول النظام الدولى لنظام القطب الواحد.. تراجعت النظريات الاشتراكية.. صارت (العولمة) بفرصها وتحدياتها هى سمة القرن الجديد والألفية الجديدة.. باتت طفرة المعلومات والتكنولوجيا هى لغة العصر وأدواته وأصبحت القدرة على المنافسة داخل الدول وفى هذا العالم الواسع.. هى التحدى الأكبر.
إن وعى عمالنا وشبابنا بكل هذه الحقائق هو ضرورة لاغنى عنها.. كى ندرك أين كنا؟ وكيف أصبحنا؟ وإلى أين نتجه؟ ولكى نعى معطيات مجتمعنا وأوضاع منطقتنا وعالمنا.. ونمضى فى طريقنا إلى الأمام. أبنائى عمال مصر وعاملاتها.. إننا نحتفل بعيد العمال هذا العام.. وسط أزمة مالية واقتصادية عالمية خانقة.. تحمل أوقات صعبة لنا وللعالم بدوله المتقدمة والنامية، أزمة حادة بدأت العام الماضى وتتواصل تداعياتها إلى اليوم.. أصبحت بمسبباتها وانعكاساتها وسبل مواجهتها.. محل انشغال العالم.
دول اهتزت.. واقتصادات تزعزعت.. بنوك كبيرة وشركات ضخمة وصناعات شهيرة.. أفلست.. وأخرى أصبحت على شفا الإفلاس.. الملايين من العمال فقدوا وظائفهم بالولايات المتحدة وأوروبا واليابان ودول أخرى عديدة.. وآخرون بات يتهددهم شبح البطالة.. عائلات خسرت منازلها بانهيار سوق الرهن العقارى.. وأخرى فقدت مدخراتها واستثماراتها، مع تراجع الثقة بأسواق المال والائتمان.
إعصار يجتاح اقتصاد العالم.. دخل به فى مرحلة ركود هى الأخطر منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.. وألقى بتداعياته على معدلات الاستثمار والنمو ومستويات العمل والتشغيل. سوف يشهد العام الحالى تحقيق الدول الكبرى معدلات نمو سالبة.. تتراوح ما بين (-1%) و(5ر3%).. وارتفاع معدلات البطالة لتتراوح مابين (10%) و(15%).
وفضلا عن ذلك.. فإن عددا من الدول الرئيسية بمجموعة الثمانى الصناعية، بما فى ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، سيشهد زيادة عجز الموازنة لما يتجاوز (12%) من الناتج القومى الإجمالى.
إننا فى مواجهة أزمة عالمية حادة.. تعيد للأذهان (الكساد العالمى الكبير) فى ثلاثينيات القرن الماضى.. وما صاحبه من آلام ومعاناة للعالم، بما فى ذلك هنا فى مصر.. حين ساد الاضطراب سوق الصرف وأوساط المال والتجارة، وانهارت بورصة عقود القطن بالإسكندرية، وتعرض شعب مصر بعماله وفلاحيه وموظفيه.. لمحنة عصيبة وأوقات صعبة.
لقد بدأت الأزمة العالمية الراهنة فى الدول المتقدمة، وسرعان ما انتقلت للأسواق المالية الدولية. بدأت نتيجة لتمادى المؤسسات المالية بتلك الدول فى الإقراض دون حساب للمخاطر، وتقاعس الأجهزة الرقابية الدولية عن الاضطلاع بدورها فى كشف ممارسات هذه المؤسسات، وإرغامها على التحوط فى استثماراتها وحماية أموال مودعيها.
إننا نعتز بما حققناه من سياسات الإصلاح الاقتصادى، وما نفذناه من السياسات المالية والنقدية خلال السنوات الخمس الماضية.. الأمر الذى ساعدنا على مواجهة هذه الأزمة المالية العاتية. لكن المشكلة الحقيقية أن الأزمة المالية تحولت لأزمة اقتصادية طاحنة.. لم يعد أحد بمنأى عن مخاطرها.. فى عالم مفتوح لا يتعرف بالحواجز والحدود. عالم يقوم على الاعتماد المتبادل وحرية انتقال رؤوس الأموال.. ويشهد انفتاحا غير مسبوق لأسواق المال والتجارة.. ودورا متزايدا للشركات متعددة الجنسيات.
إننا - كغيرنا – لا نملك الانعزال عن هذا العالم.. وكما أننا نسعى جاهدين للاستفادة من تقنياته لمصانعنا، واستثماراته لمشروعاتنا، وأسواقه لصادراتنا.. لابد أن نكون مستعدين للتعامل مع أزماته.. وما يطرحه من تحديات وصعاب. إننى أتابع - يوما بيوم - تقارير عديدة.. حول انخفاض صادراتنا من السلع والخدمات، وانخفاض الاستثمار المحلى والأجنبى، وتراجع إيرادات السياحة وقناة السويس، وتراجع الضرائب وتحويلات المصريين العاملين بالخارج.
سينال كل ذلك - مرحليا - من قدرة اقتصادنا على إتاحة فرص العمل المستهدفة.. لكننى أسارع فأؤكد لكم.. أن عمال مصر هم المحدد الأساسى لسياساتنا الاقتصادية فى إدارة هذه الأزمة.. وأن الحفاظ على مستويات العمالة وإتاحة فرص العمل.. هو شاغلى الأول فى احتواء تداعياتها.
إن هذه الأزمة تمثل تحديا جديدا علينا أن نواجهه بعزم وثقة.. كما واجهنا من قبل تحديات عديدة فى الداخل والخارج، إننا نواجه هذا التحدى باقتصاد عززت قوته خطوات الإصلاح. وأصبح أكثر قدرة على التعامل مع الأزمات وعلينا أن نسأل أنفسنا.. هل كان بمقدورنا التعامل مع تداعيات الأزمة الراهنة.. لولا ما حققناه من خطوات الإصلاح الاقتصادى خلال السنوات القليلة الماضية؟
لقد صحح الإصلاح الاقتصادى اختلالات عديدة فى هياكل اقتصادنا.. دامت لعقود، نجحنا فى تحسين المناخ الجاذب للاستثمار المحلى والخارجى.. أقمنا مشروعات جديدة وتوسعنا فى مشروعات قادمة.. أتحنا المزيد من فرص العمل وانخفضت معدلات البطالة.. وأثبت اقتصادنا قدرته على تحقيق معدلات مرتفعة للنمو.. تتجاوز (7%) سنويا.
صحيح أننا سنتأثر بالأزمة الراهنة.. وصحيح أن معدل النمو سوف يتراجع لنحو (4%).. لكننا لن نتراجع فى أنفسنا وعمالنا واقتصادنا ومستقبلنا.. نعلم أن هذه الأزمة مصيرها إلى انتهاء.. وأن الركود الحالى للاقتصاد العالمى مصيره إلى انتعاش ورواج، وإلى أن تنقشع الأزمة الحالية.. فإننى أؤكد أنها لن تثنينا عن مواصلة خطوات الإصلاح.. بل إن العكس هو الصحيح، إننا لن نحيد عن طريقنا.. وسنمضى فى برنامج الإصلاح الاقتصادى دون رجعة إلى الوراء ليصبح اقتصادنا أكثر قدرة على الانطلاق من جديد.. بعد انتهاء الركود الحالى للاقتصاد العالمى.
الإخوة والأبناء.. إننا نتعامل مع هذه الأزمة بإدراك يعى مخاطرها وأبعادها.. دون تهوين أو تهويل، وعلينا أن نواصل العمل لاحتواء تداعياتها على اقتصادنا وعمالنا.. ولقد وجهت الحكومة لأن تولى الأولوية القصوى للحافظ على مستويات العمالة وفرص العمل.. ونمضى فى ذلك بعدد من الإجراءات.. أشدد على ضرورة الإسراع بتنفيذها.
وضعنا برنامجا للإنعاش الاقتصادى باستثمارات للدولة تبلغ (15) مليار جنيه.. بموازنة العام المالى الحالى 2008 / 2009، توجه للإنفاق فى مشروعات البنية الأساسية والاستثمار الصناعى والتوسع فى دعم الصادرات.. كما نمضى فى إتاحة تسهيلات إضافية لخفض تكاليف الإنتاج.. بما فى ذلك المزيد من التخفيضات الجمركية، والإعفاء من ضريبة المبيعات على السلع الرأسمالية.
إن هذه الأزمة تضعنا أمام خيارات صعبة.. وتلقى على الموازنة العامة للدولة بأعباء إضافية.. من عجز فى الموازنة ومديونية على الخزانة العامة، وبرغم تعليماتى للحكومة بمواصلة الخفض التدريجى لعجز الموازنة والدين العام.. كنسبة من الناتج القومى الإجمالى.. فإننى فى مواجهة الظرف الاستثنائى الراهن قد وجهت إلى تحمل زيادة محسوبة فى كليهما.. بموازنة العام المالى الحالى، وموازنة العام المقبل 2009 / 2010 التى سيبدأ مجلس الشعب مناقشتها فى غضون الأسابيع القادمة، وجهت إلى ذلك كى نتمكن من مواصلة تمويل برنامج الإنعاش الاقتصادى فى مواجهة الأزمة.. ولضمان استمرار الدعم والإنفاق الاجتماعى.. والمضى فى برامج مكافحة الفقر للأسر والقرى الأكثر احتياجا.
إن هذا البرنامج لتحفيز اقتصادنا بزيادة الاستثمارات العامة.. لابد أن تصاحبه جهود ملموسة لتشجيع استثمارات القطاع الخاص.. جهود تتيح المزيد من التسهيلات للمصريين والعرب والأجانب.. جهود تفتح الطريق للاستثمار فى مجالات جديدة.. بما فى ذلك مشروعات البنية الأساسية.. كالطرق والموانئ وقطاعات النقل والتجارة الداخلية.. وغيرها، جهود تمضى فى المزيد من خطوات الإصلاح الاقتصادى وتحسين مناخ الاستثمار.. جهود تتعامل مع الأزمة العالمية الحالية.. وتمهد الطريق لمرحلة ما بعد انتهائها.
الإخوة والأخوات..
إن اضطلاع الدولة بمسئوليتها فى التعامل مع الأزمة الحالية، لابد أن تصاحبه مسئولية موازية يضطلع بها العمال وأرباب العمل.. مسئولية تعى ظروف هذه الأزمة ومتطلبات مواجهتها وتجاوزها. مسئولية تحتم تفهم كلا الجانبين لما تطرحه هذه الظروف من صعاب وتحديات مشتركة، كما تقتضى تضافر الجهود لزيادة الإنتاجية، وخفض تكلفة الإنتاج، وتعزيز القدرة على البقاء والمنافسة.
إن عمال مصر وأرباب العمل فى قارب واحد.. عليهم أن يواجهوا الرياح العاتية لهذه الأزمة.. وعليهم أن يشاركوا فى تحمل تداعياتها وتقاسم أعبائها. وأقول إن أحد الطرفين لن ينجح فى تجاوزها دون الآخر.. وأن أرباب الأعمال إذا قبلوا تحمل بعض الخسائر أو تراجع الأرباح.. فإن على العمال أن يتجاوبوا معهم فى هذه الأوقات الصعبة.. بما يحافظ على منشآتهم ويحفظ ما تتيحه من فرص عمل شريف.. يفتح بيوتا عامرة.. ويتيح الحياة الكريمة لعائلاتهم.
إننى أتوجه بنداء للعمال وأرباب الأعمال.. لأن يدركوا أبعاد هذه الأوقات الصعبة لنا وللعالم.. أدعوهم إلى (ميثاق شرف) ينظم العلاقة فيما بينهم.. يضمن الوفاء بحقوق وواجبات كلا الجانبين.. ويتيح تسوية أية مطالب بالحوار البناء.. وليس بإضرابات واعتصامات لا تلتزم بأحكام القانون.. تعطل العمل والإنتاج.. وتلحق أفدح الضرر باقتصادنا.
لقد كشفت الأزمة الحالية اختلالات النظام الدولى الراهن.. بقواه السياسية والاقتصادية ومؤسساته المالية القائمة. وسوف تتشكل خلال العقد القادم معالم نظام دولى جديد طالما دعونا إليه.. وعلينا أن نشارك فى صنعه وإرساء دعائمه. نظام جديد لا يزال فى طور التكوين.. سيحدد أقدار الدول ومكانتها بحسب قدرتها على زيادة الإنتاجية، والصعود أمام المنافسة الشرسة فى أسواق العالم.
إن زيادة الإنتاجية هى الطريق لرفع دخول ومستوى معيشة عمالنا.. ولابد أن نعترف بأن إنتاجيتنا فى مصر لا تزال دون إمكانياتنا.. ولا تزال أقل بكثير من إنتاجية العديد من عمال الدول المتقدمة بل والنامية. وفى هذا الإطار.. فإننى أطالب الحكومة بمواصلة برامج التدريب المدعومة من الموازنة العامة للدولة.. كما أطالب الاتحاد العام لعمال مصر بأن يولى الأولوية القصوى لتدريب عمالنا خلال المرحلتين الحالية والمقبلة.. وأشدد على أن التدريب ورفع الإنتاجية يمثلان ثقافة هامة وأساسية.. علينا أن نرسخها فى مختلف مؤسساتنا الإنتاجية العامة والخاصة.
سوف تظل قوة اقتصادنا رهنا بإنتاجية عمالنا.. ورهنا بنجاحهم فى منافسة الأيدى العاملة فى دول بازغة كالهند والصين والمكسيك والبرازيل.. ذلك هو التحدى الأكبر أمام اقتصادنا.. قبل وخلال الأزمة الراهنة.. وسيظل كذلك بعد انتهائها.
وأقول لأبناء الشعب.. بعماله وفلاحيه وموظفيه وطبقته المتوسطة.. أننا قادرون على ذلك.. وإن هذه الأزمة سوف تتراجع إن عاجلا أم آجلا.. وسنخرج منها ونحن أكثر قدرة على جذب الاستثمار، ومواصلة النمو وإتاحة فرص العمل وزيادة الدخول. وإلى ذلك الحين.. فإن هذه الأوقات الصعبة تحتم علينا - أكثر من أى وقت مضى - أن نواجهها صفا واحدا.. وبكل ما لدينا من الوعى والعزم والتصميم.
"أنا أنتهز هذه الفرصة..."لأقول" " ألاحظ فى بعض الصحف وبعض الفضائيات هجوما كثيرا على رجال الأعمال -لا دفاعا عن رجال الأعمال وإنما دفاعا عن المواطن الذى لا يجد عملا- نتيجة المنشآت والصناعات التى تكون بها بعض المخالفات، ولذلك أنا أطالب رجال الأعمال -بعضهم.. يمكن قلة التى تتصرف بنوع من "الفشخرة" والاستفزاز - أن يقللوا هذا.. لأننا فى الظروف الحالية... المواطنون مبيعجبهمش.. فلازم نراعى شعورهم.. وأنا قبل ذلك يمكن تتذكروا كلكم كنا فى شهر رمضان، وكل ما أسال واحدا، هاتفطر فين يقول معزوم فى شيراتون، وفى إنتركونتننتال.. لدرجة أن بعضهم لما
تتقابل معاه وتتكلم يقول: أعمل أيه مضطر أروح لأن فلان عزمنى... بدل ما نصرف على القادرين فى الفنادق الفخمة - مبقولش حاجة -اعزم الفئات غير القادرة.. اعزموا يا سيدى فى إنتركونتننتال، فى الشيراتون.. هيكبروك وهتكبر أكتر فى نظر المواطن.
"أنا عاوز أقول إن كنت بانتقد رجال الأعمال فبانتقد فئة محدودة، ونواياها طيبة لكن لازم أشجعهم لأننى بدور على مستثمرين رجال أعمال يأتون ليفتحوا صناعات فى مصر، يفتحوا أبواب رزق للمواطنين لأن الحكومة لا تستطيع مع الزيادة السكانية توفير كل هذا".
تلك بعض معالم التحدى الرئيسى الذى يواجهه الداخل المصرى فى هذه المرحلة.. فماذا عما نواجهه فى منطقتنا من العالم؟
إن المنطقة العربية تجتاز مرحلة دقيقة وصعبة.. تتنازعها الأزمات والخلافات ونوازع الانقسام، وتحدث بها الأطماع والتحديات والمخاطر. تتعرض لتهديدات ومخططات قوى إقليمية معروفة.. تحتضن الإرهاب والتطرف.. وتجاهر بعدائها للسلام.
من المؤسف.. أن تستمر هذه القوى فى رفع شعارات الإسلام.. وقول الشىء ونقيضه.. والسعى لتعميق الخلافات العربية وشق صفوفنا.. تحقيقا لمصالحها وأهدافها.
ومن المؤسف.. أن تجد هذه القوى فى عالمنا العربى من يساند تحركها ومخططاتها.. ومن ينصاع - خوفا أو طمعا - لأجندتها وتوجهاتها.
لقد حذرت مصر مرارا.. من محاولات بسط الهيمنة والنفوذ على منطقة الخليج وعالمنا العربى، قلنا إننا نعارض هذه المحاولات لأنها تضيف تهديدا جديدا للأمن القومى العربى.. وفتحنا الباب لمصالحة عربية حقيقية تقوم على المصارحة.. تجمع شمل العرب وتوحد صفوفهم مواقفهم.. لا تقف عند مجرد إدارة الخلافات العربية.. بل تسعى بالمنطق والحوار لإنهائها.
كان ذلك هو موقفنا.. حفاظا على أمن واستقرار منطقتنا العربية. أما وقد اجترأت هذه القوى وعملاؤها على أمن مصر وسيادتها.. فإننى أقول بعبارات واضحة إننى لن أسمح أبدا بهذا الاجتراء.. ولن أتهاون مع من يحاولون العبث - هنا أو هناك - بأمن مصر واستقرارها ومقدرات شعبها. كما أن شعبنا لن يتهاون مع هذه القوى، أو مع من يساندهم - فى الداخل أو الخارج - ويلتمس لهم المبررات والذرائع لتهديد أمن مصر القومى.
أقول لهم - أيا كانوا وأينما كانوا - إننا قد نصبر على تطاولهم وافتراءاتهم.. لكننا سنتصدى بكل القوة والحسم لتآمرهم ومخططاتهم. وأقول لهم إن مصر - بقامتها ومكانتها - لن تتسامح مع من يستبيح أرضها وحدودها وسيادتها.. ولديها من مؤسساتها الأمنية وقضائها وأبنائها.. عيون ساهرة يقظة.. يخطئ من يتجاهلها أو يستهين بها. أقول لهم.. لقد قدمت مصر – ولا تزال – ما لم يقدمه أحد منكم للقضية الفلسطينية.. لم تتاجر بها أبدا لتحقيق مكاسب سياسية.. لم تسفك يوما دماء الفلسطينيين. ولم تؤلب أبناءهم ليريقوا دماء بعضهم البعض. تسعى جاهدة لتحقيق وفاقهم.. وتبذل أقصى الجهد لإنهاء معاناة شعبهم وإقامة دولتهم.
إننا نسعى لعلاقات طيبة مع الجميع.. لا نبادر بالعدوان على أحد.. أو بالتدخل فى الشأن الداخلى لأحد.. لكننا لا نسكت أبدا على من يبادرنا بذلك.. ندير علاقاتنا الدولية بالاحترام المتبادل.. وننأى عن سوء القصد والقول والتصرف. نساند قضايا منطقتنا العربية ومصالحها ونحفظ هويتها.. ولا نحدد مواقفنا وفق هوى الميليشيات والفصائل.. ومن يرفعون شعارات المقاومة فيجلبون الخراب لشعوبهم.
إن أقدار الشعوب لا يصنعها من يتاجرون بالإسلام والمقاومة.. أو من يزايدون بآلام الناس ومعاناتهم.. وإنما يصنعها المخلصون لانتمائهم لوطنهم وأمتهم.. والمدافعون عن قضاياهم بمصارحة شعوبهم.. بحكمة القيادة وشجاعة الموقف والقرار.. وبالعمل الصادق والفكر المستنير.
-الإخوة والأخوات عمال مصر وعاملاتها..
- الإخوة المواطنون..
سيبقى العمال قوة دفع أساسية لحركة مجتمعنا وتقدمه.. وسأبقى من جانبى على عهدى معهم.. مؤمنا بدورهم.. واثقا فى وطنيتهم وعطائهم.. راعيا لمصالحهم.. ومدافعا عن حقوقهم ومكتسباتهم.
سنمضى فى طريقنا بثقة وأمل.. نواجه تحديات الداخل المصرى وتحديات منطقتنا والعالم من حولنا.. نوقن أن أغلى مواردنا وثرواتنا هى سواعد وعقول أبنائنا.. نمضى على هذا الطريق بروح وعزم المصريين.. نضع مصر ومصالحها أولا، وفوق أى اعتبار.. ولا يسبق ولاؤنا لأرضها ورايتها ولاء آخر. تزداد ثقتنا فى المستقبل بكل مصنع نقيمه أو أرض نستصلحها.. بكل مدرسة أو وحدة صحية جديدة.. بكل ما نضيفه من محطات الكهرباء ومياه الشرب والصرف الصحى.. وبكل سكن جديد أو فرصة عمل جديدة تتاح لشبابنا.
وأقول لكم جميعا ونحن نحتفل بعيد العمال.. إننى بعد سنوات طويلة فى خدمة الوطن.. واثق كل الثقة فى هذا المستقبل الأفضل الذى نصنعه الآن.. ويوما بعد يوم فلدينا أولويات ورؤية واضحة.. وسياسات أثبتت قدرتها على تحقيق أهدافها.. ولدينا العزم والتصميم وسواعد عمالنا وشبابنا، ولدينا توفيق الله ورعايته.. إنه نعم المولى ونعم النصير.
كل عام وأنتم بخير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.