وهم يبدأون طريقهم لإنشاء قنوات تليفزيونية فضائية, كانوا جميعا يعملون من أجل الدفاع عن مصالحهم وتعظيمها في الوقت نفسه, ولم يكن هناك من يفكر أبدا في الارتقاء بمستوي الأداء التليفزيوني. , أو حماية الفن الراقي, أو في مثل هذه الأهداف المثالية, كما كانوا يستهدفون تشكيل فريق إعلامي يتولي الدفاع عنهم بشكل مباشر أو غير مباشر, فهذا الفريق سيحصل علي دخول عالية من هذه القنوات, وبالتالي سترتبط مصالحه بمصالح المالكين, وللحفاظ علي استمرار هذه المصالح ليس هناك من طريق أفضل من الدفاع عن هؤلاء المالكين. وهذه الأهداف الواضحة والعملية لم تغب عن ذهن أحد من هؤلاء المالكين, خاصة أنهم جميعا من أصحاب الإمبراطوريات المالية والصناعية والتجارية والعقارية, ومثل هذه الإمبراطوريات في حاجة لمن يحميها من أطماع الخصوم والمنافسين والأعداء, ومن يمهد الطريق أمام توسعها وانتشارها. وبالقطع فإن حجم هذه الإمبراطوريات يتفق وأحوال مصر وظروفها حتي ولو كانت لها امتدادات بالخارج, وقد فرضت الظروف علي الجميع العمل تحت مظلة النظام, والاستفادة من تطلع المسئولين لإنجاز المزيد من التقدم, وزيادة الإنتاج, أي أنهم أفادوا مصر كما استفادوا من النظام, ولكن استفادتهم من النظام كانت أعظم, والمثير للعجب والدهشة أنهم يجلسون علي مائدة النظام في الصباح, ثم يهاجمونه في المساء من خلال برامج القنوات التليفزيونية المملوكة لهم, وكل برامج التوك شو بصفة عامة لا وظيفة لها إلا الهجوم, وبشراسة وقسوة, علي الحكومة والسلطة والمسئولين.. صغارا وكبارا, وإذا كان سقف الحرية المتاح يسمح لهم بذلك, فإنه من الصعب تصور أسباب كل هذا الهجوم علي من قدموا لهم ما ساعدهم علي بناء هذه الإمبراطوريات. وتزداد الدهشة عندما تفتح هذه القنوات أبوابها أمام من يسعون لزعزعة استقرار مصر, ومن اختاروا الصدام الشرس مع أهل الحكم. وخلال الفترة الأخيرة استضافت بعض القنوات مرشد عام الإخوان المسلمين, والدكتور محمد البرادعي, وتابع المشاهدون هذه اللقاءات. ومن السخف البالغ أن يدافع أحد أصحاب هذه القنوات عن نفسه بقوله يوم19 مايو الماضي علي صفحات ملحق علي الهواء: إنه بريء من البرادعي والمرشد. وأعتقد أنه من العيب الفاضح أن يقول مثل هذا القول, ولا أظن أن أحدا يمكن أن يصدقه, فمثل هذه البرامج الحساسة ليست وكالة من غير بواب, كما أن الجميع يتذكرون أن هذا المالك تدخل بقوة للفت نظر مقدمة البرنامج إلي أنها تجاوزت الحدود وهي تحاور رجل الأعمال الشهير في أثناء محنته. والأمر ببساطة أن القناة تبنت موقف المرشد والبرادعي, وأتاحت لهما الوصول إلي الرأي العام, ثم لا بأس من محاولة التملص من المسئولية. وهنا نعود إلي هدف تعظيم المصالح, فالرجل وأمثاله لا يجدون بأسا في خطب ود القوي السياسية المعارضة علي الأقل تجنبا لقدرتها علي إلحاق الأذي به, ومعظم هؤلاء الناس علي استعداد لتجنب محاولات التشهير بأي ثمن, وكم من مبالغ دفعت لإعلاميين وقوي أخري لتجنب الابتزاز والتشهير والتشويه, وهم جميعا لهم أخطاؤهم لأنهم في البداية والنهاية من جنس البشر لا الملائكة. خدمات ما بعد البيع تعرضت ثلاجة صاحبنا للعطب, فاتصل بالشركة المنتجة من أجل إصلاحها يوم18 أبريل الماضي, وردت من استقبلت المكالمة مرحبة به, وباتصاله بمجموعة صناعة الثقة, وذكرت اسمها, بعدها بدأت في الاستفسار عن الشاكي والشكوي, وفي نهاية المكالمة أخبرته أنها ستبلغ شكواه للقسم المسئول, واستبشر صاحبنا خيرا بحكاية صناع الثقة, وقال لنفسه: إنهم سيبذلون غاية الجهد لكسب أو للحفاظ علي ثقته بالمجموعة ومنتجاتها, وبمن يعمل بها. وتلقي اتصالا في اليوم التالي بأن مسئولين من قسم الصيانة سيزورانه لمعاينة الثلاجة, وفعلا تمت الزيارة وقالا إنه لابد من إجراء الإصلاحات بورش الشركة, وأخبراه أن سيارة النقل ستنقل الثلاجة خلال يوم أو يومين علي الأكثر. وبعد مرور اليومين اتصل بالرقم الساخن وردت الموظفة بعد الترحيب قائلة: إنها ستنقل شكواه للقسم المسئول, وإنه سيتلقي ردا خلال48 ساعة. وتكررت الاتصالات, وسمع الكلمات نفسها, ولم تحضر سيارة النقل إلا يوم24 أبريل, وعندما سأل: متي ينتهي الإصلاح؟ قال المسئول: إن الأمر سيستغرق أقل من أسبوع. ومضي الأسبوع, واتصل للاستفسار, وتلقي الرد نفسه, صناع الثقة, مرحبا أنا فلان أو فلانة, والرد علي الشكوي خلال48 ساعة. ومن تكرار الاتصال بعد مرور أكثر من أسبوعين أدرك أن مركز استقبال المكالمات لا علاقة له بحقيقة ما يجري, وأن العاملين به مجرد سعاة بريد, يستقبلون الشكاوي ويبلغونها للأقسام المختلفة, فبدأ يطلب الحديث مع شخصيات مسئولة, وكانت المفاجأة أن يسمع أنه ليس في مقدورهم تحويل المكالمات, وأنه سيتلقي ردا علي شكواه خلال48 ساعة. وعندما طفح الكيل بعد مرور ثلاثة أسابيع دون أن يعلم شيئا عن الثلاجة, صرخ في الموظفة طالبا تحويل المكالمة فورا إلي رئيسها وإلا سيتصل مباشرة برئيس مجلس الإدارة, وفعلا رد عليه مدير اسمه أحمد يوسف, وقال له: إنه رئيس قسم الشكاوي, وبعد أن سمع الشكوي أخبره أنه سيستفسر ويعيد الاتصال به, كان ذلك يوم السبت8 مايو, وفعلا اتصل به وأبلغه أنه سيتسلم الثلاجة يوم الخميس, وجاء الخميس ولم تصل الثلاجة, فحاول طلب أحمد يوسف كان الرد في إجازة, وعلي امتداد الأيام التالية لم يتمكن أبدا من العثور علي المذكور, وخلال المكالمات المتكررة استقبلت مكالماته صباح وعزيزة وأحمد شعبان وأحمد عصام وعبدالرحمن ومدحت. وحتي الآن لا يعرف صاحبنا ما معني صناع أو صناعة الثقة, وهل تقوم الشركة بإنتاج بضاعة اسمها الثقة؟ ويبدو أن خدمة ما بعد البيع تتطلب عناية واهتماما أكبر. المزيد من مقالات عبده مباشر