تبدو المسافة بعيدة بين القاهرة, التي ترزح تحت وطأة الكثافة السكانية ومشكلات التكدس بها, ومابين الصورة المرجوة كعاصمة ذكية, وذلك نسبة للمدن الذكية التي تتمتع بقدر هائل من الانسيابية, وتوفر الخدمات وتدفعها بسهولة ويسر, وتدار فيها الأمور باستخدام متعاظم للتكنولوجيا الحديثة, وليس أمرا مستحيلا, ولا تطالعا كبيرا أن يطالب أهالي القاهرة بالعيش في عاصمة ذكية حديثة, وأهم مطالبهم هو حل مشكلة المرور, وكان من حظ القائمين علي العاصمة أن أحدث دراسة عن المرور في العالم لم تضع القاهرة بين العشرين مدينة وعاصمة كبري في العالم, وإلا كانت العاصمة المصرية قد احتلت موقعها بامتياز ضمن الأسوأ بين عواصم العالم في المرور مثل بكين ومكسيكوسيتي. وهذه ليست قضية رفاهية, بل مسألة حيوية تؤثر في صحة الأفراد وإنتاجيتهم, والأهم حالتهم المزاجية ورضاهم عن أوضاعهم, والخطير في الأمر أن الدراسة أرجعت معظم المشكلات المرورية في العواصم الأسوأ بالعالم إلي خلل في البنية التحتية بها, وعدم القدرة علي مواكبة التطور السريع في الكثافة السكانية. وتنبه الدراسة إلي أن تشييد المزيد من الطرق والكباري لا يعد حلا كافيا للأزمة, وأن المطلوب البحث عن سبل متنوعة وغير تقليدية, وإلا انهارت نظم النقل والمواصلات فجأة, ومن المفيد أن تتقدم الحكومة المصرية بطلب إلي البنك الدولي لاقتراض17 مليار دولار لمعالجة مشكلات القاهرة حتي2022, إلا أن الخطوة الأهم هي الاستثمار في كل ما من شأنه أن يبقي الناس في مدنهم وقراهم بعيدا عن القاهرة, هذه هي الخطوة الأهم لإنقاذ القاهرة من الزحف القادم إليها, والشرط الأصعب لبدء مسيرتها حتي تتحول إلي عاصمة ذكية؟!