فى أهمية التوعية الانتخابية لانتخابات مجلس الشيوخ دعماً للوعى الوطنى وتحفيزاً للمشاركة    مستشار الرئيس للشؤون الاقتصادية": مصر شهدت طفرة كبيرة في مجال التكنولوجيا    نتنياهو: حققنا نصرًا تاريخيًا على إيران    ريال مدريد يحدد سعر رودريجو وسط صراع بين أرسنال ومانشستر سيتي    لاعب برشلونة يدخل حسابات ميلان    مصرع طفلان غرقا فى ترعة بأسيوط    النجم العالمي مينا مسعود يفاجئ الجمهور في سينمات القاهرة للترويج لفيلمه "في عز الضهر"    "رحلة إلى الحياة الأخرى".. برنامج تعليمي صيفي للأطفال بمتحف شرم الشيخ    وزير الصحة يبحث مع نظيره الموريتاني سبل التعاون في القطاع الصحي والتصنيع الدوائي    نوتنجهام يفتح محادثات مع يوفنتوس لضم وياه ومبانجولا    الأهلي يجهز تقريرا طبيا عن إمام عاشور لإرساله إلى المنتخب    هولندا تقدم حزوة مساعدات لصناعة المسيرات في أوكرانيا    القبض على سيدة القروض الوهمية بالمحلة بعد استيلائها على 3 ملايين جنيه من 40 ضحية    أوقاف شمال سيناء تطلق مبادرة توعوية بعنوان "احمى نفسك"    بريطانيا تعرب عن قلقها العميق إزاء أعمال العنف الأخيرة في طرابلس    شتلة صغيرة استدامة طويلة.. شعار جامعة حلوان في اليوم البيئي    جائزة لرجل الصناديق السوداء    الأزهر يعرب عن تضامنه مع قطر بعد هجوم إيران.. ويطالب بضرورة احترام سيادة الدول على كامل أراضيها    البطريرك يوحنا العاشر يستقبل المبعوث الأممي بيدرسون في دمشق    عملية نادرة تنقذ مريضة من كيس مائي بالمخ بمستشفى 15 مايو التخصصى    العرض الأفريقي الأول لعائشة لا تستطيع الطيران بمهرجان ديربان السينمائي الدولي    وقف مؤقت للغوص بجزر الأخوين لتنفيذ برنامج تتبّع لأسماك القرش    حكومة الانقلاب فشلت في مواجهتها..الكلاب الضالة تهدد حياة المواطنين فى الشوارع    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام خدماتها الاستشارية لعملية القيد التاريخية لشركة ڤاليو في البورصة المصرية    مجلس جامعة الإسكندرية يعتمد الخريطة الزمنية للعام الدراسي الجديد    «بسمة بوسيل» من الغناء إلى الكاميرا.. و«بيج رامي» يشعل صيف السينما    محمد مطيع يناقش خطة اتحاد الجودو مع المجلس العلمي لوزارة الرياضة    بالعلم الفلسطيني وصوت العروبة.. صابر الرباعي يبعث برسالة فنية من تونس    محافظ المنوفية يفتتح مركز الثقافة الإسلامية في شبين الكوم| صور    ماكرون يخشى من خطر تزايد «تخصيب اليورانيوم» سرّا في إيران    «الداخلية» تمد فعاليات المرحلة ال27 من مبادرة «كلنا واحد» لمدة شهر    تنفيذ 7234 عملية عيون للمرضى غير القادرين بالأقصر    جنايات دمنهور تؤجل محاكمة عامل بكفر الدوار لاتهامه بخطف أطفال والتعدى عليهم    «بحبكم برشا».. أول تعليق من مي عمر على تكريمها من مهرجان الإذاعة والتلفزيون بتونس    «ثورة 30 يونيو وبناء الجمهورية الجديدة» في احتفالية ب أسيوط    الصين: عرض عسكري لإحياء الذكرى ال80 للانتصار فى الحرب العالمية ضد الفاشية 3 سبتمبر    «متى سنتخطى التمثيل المشرف؟».. خالد بيومي يفتح النار على إدارة الأهلي    سانتوس يقترب من تجديد عقد نيمار    خلال فعاليات قمة مصر للأفضل.. «طلعت مصطفى» تتصدر قائمة أقوى 100 شركة في مصر وتحصد جائزة المطور العقاري الأول لعام 2025    يوسف داوود.. "مهندس الضحك" الذي ألقى خطبة الجمعة وودّعنا في هدوء    الإدارة العامة للمرور: ضبط (56) ألف مخالفة خلال 24 ساعة    تحرير (153) مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    تبدأ 26 يوليو.. محافظ الدقهلية يعتمد جدول امتحانات الدور الثاني للنقل والشهادة الإعدادية    وزيرة البيئة: مشروع تطوير قرية الغرقانة نموذج متكامل للتنمية المستدامة الشاملة    ملكة هولندا تستضيف زوجات قادة الناتو خلال قمة الحلف    محافظ القاهرة يشهد احتفال الأوقاف بالعام الهجرى الجديد غدا نائبا عن الرئيس    ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي بقيمة 8 ملايين جنيه    متحدث عسكري عراقي: مسيرات استهدفت عدة مواقع وقواعد نتج عنها أضرار للرادارات    نائب محافظ القاهرة يتفقد المركز التكنولوجى بمجمع الأحياء لمتابعة إجراءات التصالح على البناء المخالف    قافلة طبية مجانية بحى الصفا فى العريش تشمل تخصصات متعددة وخدمات تثقيفية    بدأت ب«فولو» على إنستجرام.. سلمى أبو ضيف تكشف طريقة تعرفها على زوجها    تداول 10 آلاف طن بضائع و532 شاحنة بموانئ البحر الأحمر    القومي للمرأة يشارك في المنتدى العربي من أجل المساواة بالجزائر    ما حكم تيمّم المرأة التي تضع «المكياج»؟.. الإفتاء تُجيب    تفسير آية | معنى قولة تعالى «وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي 0لۡكِتَٰبِ لَتُفۡسِدُنَّ فِي 0لۡأَرۡضِ مَرَّتَيۡنِ»    هل الشيعة من أهل السنة؟.. وهل غيّر الأزهر موقفه منهم؟.. الإفتاء تُوضح    شاهد وصول لاعبى الأهلى إلى استاد ميتلايف لمواجهة بورتو البرتغالى    رسائل قوية من بوجبا عن أزمة المنشطات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في التعامل الاستراتيجي بين مصر والسودان
نشر في الأهرام اليومي يوم 29 - 06 - 2010

كنت أعترف أظن أن هذه النبرة قد اختفت في أحاديث وتصريحات الأخوة السودانيين بعد كل ما تكشف واتضح علي مدي طول وعمق وتنوع العلاقات بين القاهرة والخرطوم خلال السنوات الماضية سواء منذ استقلال السودان عام‏1956. أو‏..‏ منذ‏'‏ ثورة‏'‏ الانقاذ 30‏ يونيو‏1989‏ ولكن ها هو ظني قد خاب وعادت النبرة مرة أخري علي لسان مسئول له قيمته هو وزير الخارجية علي كرتي وهو دبلوماسي فضلا عن انه أحد رموز التيار الديني وان كان هذا لم يكن ظاهرا بحكم عمله الدبلوماسي‏..‏ والذي حدث ان السيد الوزير قال خلال ندوة أقيمت في الخرطوم الأسبوع الماضي عن‏'‏ تقرير المصير‏..‏ الحق والواجب‏'‏ اننا أي السودانيين يشكون ضعف معلومات مصر عن السودان‏..‏ وانها لا تتعامل معه كملف استراتيجي‏'.‏
ولقد كان هذا قولا غريبا دفع وزيرالخارجية أحمد أبو الغيط الي تكليف سفير مصر في السودان للاستفسار عن حقيقة هذه التصريحات ونصوصها والقصد منها‏.‏
واذ نوجه التحية لأبي الغيط علي هذه الخطوة فذلك ليس لأنه وزير الخارجية وعلينا دعمه‏..‏ وانما لأنه يتحتم ألا نجعل شيئا سواء كان كلمة عابرة أو فعلا طائشا دون تثبيته ومناقشته والرد عليه‏,‏ واذا كان هذا ينطبق علي علاقاتنا مع أي دولة فإنه من باب أولي ان ينطبق علي السودان الذي نعتبره الدولة الأولي بالاهتمام فوق كونه الشقيق التوأم فضلا عن ان أبناء شعبي البلدين يعتبرون أنفسهم بصرف النظر عن النظم الدستورية والقانونية أبناء دولة وادي النيل التي تتقاسم‏'‏ الحلو والمر‏'‏ وتخوض نفس المصير‏.‏
وقبل القول ان المعني الذي ذكره الوزير كرتي ليس جديدا فقد سبق وقاله غيره وان كان قد عاد وسحبه‏..‏ فانني أقول انه ربما لم تكن مصادفة انه منذ نحو شهر وبعد الانتخابات الرئاسية السودانية وما أعقبها من ضجة أوفدت الخرطوم الي القاهرة وفدا يضم الدكتور نافع علي نافع مساعد رئيس الجمهورية والدكتور مصطفي عثمان اسماعيل مستشار الرئيس للشئون السياسية وادريس محمد عبد القادر الوزير برئاسة الجمهورية المسئول عن ملف نيفاشا اتفاقية السلام مع الجنوب‏..‏
وكانت مهمة الوفد الذي خلال زيارته لمصر 15-17‏ مايو شرح نتائج الانتخابات والمرحلة التالية في السودان والتقي بمسئولين مصريين وفي الجامعة العربية كما عقد لقاء مع عدد من المثقفين المصريين المهتمين بشئون السودان وكان ذلك في قاعة أحد الفنادق الكبري المطلة علي نهر النيل بترتيب وتنظيم الأخ كمال حسن علي الذي كان وقتها رئيس مكتب حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان بالقاهرة وأصبح في التشكيل الوزاري الجديد وزير دولة في وزارة الخارجية السودانية‏.‏
وخلال اللقاء تحدث الدكتور نافع علي نافع مستعرضا الأوضاع في السودان‏,‏ وكان لابد ان يتحدث عن الجنوب وعن الحرص علي إجراء استفتاء حق تقرير المصير في موعده مؤكدا الاحترام لما ستسفر عنه النتائج سواء بالوحدة أو استقلال الجنوب وعدم العودة الي الحرب الأهلية وضغط علي حروف كلماته بأنه‏'‏ كفانا‏..‏ نزيف الدماء‏..‏ واننا قد خضنا الحرب دون ان يساعدنا أحد‏,‏ وكان العرب بلا إستثناء يتفرجون علينا دون ان يمد أحد يده إلينا هكذا كل العرب‏'..‏
ووجدتني أقاطعه‏:‏ لا‏..‏ ليس كل العرب‏..‏
قال‏:‏ بل كلهم‏..‏
قلت له‏:‏ لأ‏..‏ ليس كل العرب‏..‏ وقد وقفنا معكم وهذا واجبنا وساعدناكم وبكل الوسائل‏..‏
وعندما قلت له هذا قضم الكلام وانتقل الي نقطة أخري‏..‏ ولست هنا في معرض ما قال وما قلناه خلال هذا اللقاء‏..‏ وان كنت استأذن في ذكر انني قلت في مداخلة بنفس اللقاء عن مشكلات السودان أننا سبق وبذلنا جهدا‏..‏ ومثلا فقد سبق ومنذ ما قبل أحداث دارفور ان نبهنا الي مشكلات مناطق‏'‏ الأطراف‏'‏ في الدولة أي دولة بحكم بعدها عن العاصمة‏..‏ وأهم هذه المشاكل في بلد كبير مثل السودان مليونا كيلو متر مربع مع تعدد وتنوع قبائله وأعراقه ومعتقداته هي مشكلة أو أزمة‏'‏ الهوية‏'‏ وطالبنا وكان ذلك في ندوات ومؤتمرات بالقاهرة والخرطوم وبمشاركة وحضور مسئولين بينهم وزراء حاليون ومثقفين سودانيين‏..‏ بتكثيف الجهود في هذا الاتجاه‏..‏ ولكن هكذا قلنا في لقاء دكتور نافع وصحبه كان السودانيون يعترضون‏..‏ ويتهمون بأننا لا نعرف من المعلومات ما يكفي‏.‏ و‏..‏ حدث ما حدث في دارفور‏.‏ وعندما أثيرت الاتهامات ضد مسئولين سودانيين بادرنا بخبراء سياسيين وقانونيين لدراسة الموقف وطالبنا بتحرك قانوني علي أساس حفظ سيادة وكرامة السودان‏..‏ ولكن تكررت نفس النتيجة‏..‏ ثم عاد الذي اعترض علينا‏..‏ واعتذر‏!‏
وهكذا‏..‏ وهكذا‏..‏ بل ان الدكتور نافع عندما حكم علي الاطلاق بأن أحدا لم يساعد السودان في حربه الأهلية‏..‏ لم يكن موفقا لذلك اعترضنا عليه لأننا ساعدنا سواء بدعمه سياسيا وعسكريا أو بالاتصالات مع الأخوة الجنوبيين للوصول الي حلول مرضية‏..‏ ولعل الدكتور نافع والوزير كرتي يتذكرون ان جون جارانج وقف متحدثا في الاحتفال الذي أقيم في نيروبي بمناسبة توقيع اتفاق السلام مع السيد علي عثمان محمد طه يناير‏2005‏ ..‏ وقال انه علينا ان نشكر مصر والرئيس حسني مبارك فانه لولا جهوده وتدخله ما كنا اليوم نحتفل بالسلام‏!‏
لذلك لا أعرف ما الذي كان يقصده‏'‏ علي كرتي‏'‏ بما قاله في ندوة المفترض انها علمية موضوعية وهل قال ما قال متأثرا بأحداث معينة في الماضي نقلها أحدهم إليه خطأ‏..‏ أم‏..‏ ماذا ومهما كانت اجابته فانني ارجو ان يعود الي الرئيس عمر البشير والي النائب علي عثمان ليعرف منهما ماذا فعلت القاهرة منذ‏1989‏ وحتي الآن وماذا فعل الاعلام المصري والأهرام في المقدمة وماذا فعل المثقفون والصحفيون المصريون سواء في مناقشة العلاقات الثنائية أو في تصحيح الصورة‏..‏ أو‏..‏ في اذابة الجليد‏,‏ ويمكنه اذا شاء ان يسأل الدكتور مصطفي عثمان اسماعيل الذي كان وزيرا للخارجية في ظروف دقيقة ويمكنه ان يسأل حكماء وعقلاء السودان‏..‏ مثل مولانا دفع الله الحاج يوسف ومثل البروفيسور احمد عبد الله ومثل البروفيسور علي شمو‏..‏ وغيرهم بل ويمكنه ان يدعو سفراء السودان السابقين في القاهرة للاستنارة‏..‏ ويمكنه ان يعود الي ملفات وزارته‏..‏ فان مصر يا معالي الوزير لديها‏'‏ المعلومات والمعرفة عن السودان منذ آلاف السنين ما يجعلها تضع السودان في نفس مرتبتها الوطنية‏.‏ ولقد تعاملت معه استراتيجيا باخلاص وشرف وارتفعت كثيرا عن الصغائر لأنها تثق في حكمة قيادات السودان وفي شعبه الشقيق العظيم‏..‏ وفي تياراته السياسية عدا قلة ندعو الله ان يهديها ..‏ وبمعني آخر فان الاستراتيجية المصرية العليا تنظر الي وادي النيل حيث دولتا مصب النهر الخالد علي انه كيان واحد ينبغي المحافظة عليه والحرص علي سلامة كل جزء فيه لأنه إن مرض لا قدر الله تداعت له سائر الأجزاء والأعضاء‏..‏ وعلي أي حال فإن كان عندك ما لا نعرفه‏..‏ فأهلا بك‏..‏ وبمعلوماتك‏..‏ فإنه لا أحد يمكنه ادعاء العلم بكل شئ‏..‏ ونحن بداية ونهاية شركاء‏..‏ في المصلحة والمصير‏..‏
المزيد من مقالات محمود مراد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.