يعتبر سرطان الكبد ثالث أورام العالم سببا للوفيات وهو من أهم المشاكل الصحية في مصر, لأنه دائما مايصاحب تليف الكبد الناتج عن الفيروس الكبدي سي. و يتوقع الخبراء زيادة معدل الإصابة بهذا الورم في غضون السنوات القليلة المقبلة, حيث من المتوقع أن يصل معدل الإصابة إلي أعلي مؤشراته في عام2018 2020. وعلاج هذه الأورام المصاحبة لتليف الكبد يتم بعدة وسائل تعتمد, كما يقول الدكتور أحمد الدري أستاذ الأشعة التدخلية ورئيس مجموعة أورام الكبد بطب عين شمس, علي حالة الكبد العامة وحجم الورم وعدد البؤر السرطانية وكذلك وجود انتشار بالأوعية الدموية أو انتشار خارج الكبد, مؤكدا أن التشخيص المبكر بهذا الورم يزيد فرص الشفاء باستخدام الحلول الجراحية والتدخلية الأكثر فاعلية في العلاج مثل زرع الكبد والاستئصال الجراحي والتردد الحراري والحقن الموضعي بالكحول النقي, ولكن لسوء الحظ فإن الحالات التي يتم اكتشافها مبكرا وتصلح للعلاج بهذه الوسائل تمثل حوالي15% فقط من مجمل المرضي, أما المراحل المتوسطة من سرطان الكبد فإن هذه الوسائل الشافية لاتصلح معها, وتتغير فلسفة العلاج إلي محاولة السيطرة لأطول فترة ممكنة علي المرض, وقد لعبت القسطرة التدخلية للشريان الكبدي مع الحقن الكيماوي وسد الشريان المغذي للورم دورا فعالا في التحكم في هذه الأورام لفترات وأثبتت فاعليتها. وقد ظلت المراحل الأكثر تطورا من سرطان الكبد تمثل مشكلة كبري عالميا لآن عددا كبيرا من المرضي يتم تشخيصهم في هذه المرحلة, ولسوء الحظ لم تكن هناك سبل علاجية متوفرة متاحة لهؤلاء المرضي, حيث, أن العلاج الكيماوي العادي غالبا لايصلح مع هده الحالات, كما أن العلاج بالإشعاع ظل لسنوات طويلة من الوسائل غير القابلة للاستخدام في علاج سرطان الكبد, حيث يصعب توجيه العلاج المشع بدقة للورم فقط دون الإضرار بباقي النسيج الكبدي غير المصاب بالأورام, إلا أنه نتيجة للتقدم العلاجي المستمر تم في الآونة الأخيرة تصنيع حبيبات مشعة متناهية الصغر يمكن حقنها إلي داخل الورم مباشرة عن طريق الشريان المغذي, ويتم ذلك عن طريق إدخال قسطرة رفيعة من الشريان الفخذي يتم توجيهها تحت الأشعة حتي تصل إلي الشريان المغذي للورم, حيث يتم حقن هده الحبيبات لتنتشر وتتوزع داخل النسيج الورمي وتبدأ في إصدار الأشعة القاتلة للخلايا الورمية, وتتميز هده الأشعة بعدم قدرتها علي اختراق الأنسجة إلا لمسافة ملليمترات قليلة, مما يعني أنها تكون قادرة علي قتل الخلايا الورمية دون إحداث تأثير كبير علي خلايا الكبد المحيطة بالورم, وقد اعتمدت هيئة الغداء والدواء الأمريكية حديثا هذه الوسيلة لعلاج سرطان الكبد الأولي بعد أن أثبتت فاعليتها. وقد نجح الفريق العلمي لمجموعة أورام الكبد بجامعة عين شمس برئاسة الدكتور أحمد الدري والدكتور محمد كمال شاكر في إدخال هذه الوسيلة الحديثة واستخدامها في علاج المرضي المصريين للسيطرة علي الأورام المتقدمة التي كان من الصعب التعامل معها بالوسائل الأخري, وقد تطابقت النتائج الأولية لهؤلاء المرضي مع النتائج العالمية في هذا المجال من حيث درجة الكفاءة والفعالية في التحكم في الورم ودرجة الأمان علي الكبد المتليف, ويشترط عند اختيار المرضي لهذا النوع من العلاج أن تكون الحالة العامة للكبد مستقرة تماما لضمان الأمان علي الكبد المتليف, اي أنه من غير المفضل استخدامها في المرضي المصابين بدرجة متقدمة من التليف الكبدي, وهناك اتجاه عالمي لزيادة فعالية هده الوسيلة باستخدام أقراص العلاج الطبي الموجه والتي تؤخذ بطريق الفم, وقد بدأ بالفعل تطبيق هدا الأسلوب العلاجي باستخدام الوسيلتين معا.