يبدو أن الرئيس أوباما سوف يظل يحمل فوق كتفيه التركة الثقيلة التي ورثها عن بوش وأخرها الموقف الذي وجد فيه أوباما نفسه بعد اكتشاف واحباط محاولة تفجير طائرة ركاب أمريكية متجهة الي ديترويت. وقد اعتراف الشاب النبجيري عمر الفاروق بعد القبض عليه بأنه عضو في تنظيم القاعدة في جنوب الجزيرة العربية وهو التنظيم الذي يتخذ من اليمن مقرا له وفشلت أجهزة المخابرات الأمريكية في اكتشاف المؤامرة رغم وجود معلومات كانت قد وصلت الي السلطات الأمريكية عن نيات مشبوهة لهذا الشاب النيجيري ومن بينها توجه والد عمر الفاروق الي السفارة الأمريكية في نيجيريا وابلاغ المسئولين بأن ابنه يتبني أفكارا متشددة. ولكن يبقي لهذا الحادث جانبان لا ينفصل أحدهما عن الأخر الأول يتعلق بأمريكا الأن والثاني بالظروف التي مكنت تنظيم القاعدة من الوجود في اليمن. وبالنسبة لأمريكا فان الحادث قد أعاد للأذهان أجواء الحادي عشر من سبتمبر2001, من تشديد للاجراءات التي تتخذ مع المسافرين الي الولاياتالمتحدة ومنها توسيع نطاق استخدام تكنولوجيا الفحص الكلي علي أجسام الركاب واظهارها بشكل يحمل كثيرا من التفاصيل المحرجة لهؤلاء الركاب. ومن بين الأخطاء التي خلفها بوش لأوباما كانت طريقة رده علي تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر والتي اعترف تنظيم القاعدة بأنه دبرها من مقره في أفغانستان ومع ذلك فان بوش بدلا من أن يركز جهوده العسكرية لمواجهة القاعدة في أفغانستان فانه اتجه بالحرب الي العراق استجابة لوزير دفاعه دونالد رامسفيلد ومجموعة المحافظين الجدد التي كانت فكرة ضرب العراق جزءا من أهدافهم الرئيسية حتي قبل أن يصلوا الي الحكم. وكانت نتيجة ذلك الفوضي الشاملة التي زادت في العراق وفتحت الباب واسعا أمام تنظيم القاعدة الذي اتخذ من العراق موقعا جديدا للتمدد الانتشار في المناطق القريبة من الشرق الأوسط ومنها اليمن. ثانيا أن دراسات أمريكية كانت قد اتفقت علي أن تغيير السياسة الأمريكية خاصة تجاه القضية الفلسطينية, سيكون طريقا مهما الي تضييق الخناق علي تنظيم القاعدة واضعاف مبرراته في اللجوء للارهاب لكن بدلا من أن يغير بوش سياساته فانه قام بتصعيد السياسة الخارجية الهجومية تجاه المنطقة وتجاه القضية الفلسطينية واعتبر أن الاسلام هو الارهاب مؤكدا أن حرية ضد الارهاب لن تتوقف. ثالثا أن أوباما أعلن أنه سيفعل كل ما في وسعه لاصلاح أجهزة المخابرات وتلافي الأخطاء التي وقعت فيها ومن المعروف أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية كانت قد تعرضت خلال فترة حكم بوش للتدخل في أعمالها وتهميش دورها من جانب المحافظين الجدد في وزارة الدفاع الأمريكية مما أحدث تشويشا وارباكا في عمل جهاز المخابرات وقدرته علي مواجهة مثل هذه الأخطاء. وقد وجد الجمهوريين أن الفرصة متاحة أمامهم لتصفية حساباتهم مع أوباما واظهاره في صورة ضعيفة فيما يتعلق بتوفير السلامة للأمن القومي. أما الجانب الأخر لهذا الحادث الذي أظهر زيادة قوة تنظيم القاعدة في اليمن فهو راجع الي حالة الفوضي الاقليمية التي ازدادت في المنطقة القريبة من اليمن وخاصة في الصومال. ومن المعروف أن هذا التردي للأوضاع الأمنية كان جزءا من سياسة بوش التي سميت بالفوضي الخلاقة. حيث استغلت عناصر تنظيم القاعدة جو الفوضي مثلما استغلتها من قبل في العراق لتعيد تنظيم نفسها. ان عودة الأعمال الارهابية من جديد بهذه الصورة والتي تقوم بها عناصر تنتمي اما للعالم العربي أو الاسلامي تمثل أكبر اساءة للاسلام والمسلمين في نظر المجتمعات الغربية وتؤدي الي التشدد في التعامل معهم بعد أن كانت قد هدأت الاجراءات التي تتسم بالشك تجاه كل ما هو قادم من العالم العربي عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر لكن العناصر التي أعادت من جديد الأعمال الارهابية تبعث المخاوف لدي هذه الدول وتوسع نظرات الشك لديهما في الاسلام, في حين أن من يقومون بهذه العمليات يعتبرون خارجين علي قواعد ومبادئ الاسلام.[email protected]