وزير التعليم العالي: الأكاديمية الدولية للعمارة بالتعاون مع اليونسكو وجامعات عالمية    وزير التعليم: إلغاء الفترة المسائية بالابتدائي سبتمبر 2027    خريطة الأسعار اليوم: انخفاض اللحوم والدواجن وارتفاع الذهب والأسمنت    تراجع مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة منتصف الأسبوع    هيئة الاستثمار: 20% ارتفاعا في عدد الشركات الجديدة بقطاع التشييد إلى 2856 شركة    البيئة: إنشاء وحدات مختصة بتغير المناخ داخل الوزارات المختلفة    الخطوات والأماكن.. الاستعلام عن الأسماء الجدد في تكافل وكرامة 2025    "الإسكان": تسليم مدرسة تعليم أساسي بالمنيا الجديدة    المدير العام لصحة غزة: نحو مليون فلسطيني لا يزالون صامدين    "إسرائيل عدو".. ما دلالات خطاب السيسي في قمة الدوحة؟    "شخصية قوية وقدرة فنية".. نجم الزمالك السابق يشيد بلاعب الفريق بعد الظهور الأول    الأرصاد: انخفاض طفيف فى درجات الحرارة.. وبدء الخريف رسميا الإثنين المقبل    وزير التعليم: البكالوريا اختيارية.. وشرح النظام الجديد ل 8 آلاف مدير مدرسة    الرئيس التنفيذي لمدينة الجونة: نحتفل في مهرجان الجونة بمرور 35 عاما على تأسيس المدينة    بعد اعتذار إدارة سينما "زاوية" عن واقعة التعدي عليه.. أول تعليق من مخرج "اختيار مريم"    أمين الإفتاء: الكلاب طاهرة وغسل الإناء الذي ولغ فيه أمر تعبدي    موقف لامين يامال من مباراة نيوكاسل في دوري الأبطال    أوباما: تنازلت عن مستحقاتي من أجل الزمالك ولن أطالب بالحصول عليها    محافظ أسيوط: إخلاء السوق العشوائي بشارع التحرير في أبنوب تمهيدا لإنشاء سوق حضاري    الرئيس الألماني يرفض مطالب بولندا بتعويضات عن الحرب العالمية الثانية    ضبط عصابتين و3 عاطلين بتهمة ارتكاب جرائم سرقات في القاهرة    اختلف معها فطعنته.. التحقيق مع سيدة بتهمة الاعتداء على زوجها في الشرقية    التحقيقات في واقعة ذبح شاب في مقابر الخليفة: المتهم تردد على محيط مسكن الضحية لتعاطي المخدرات    روسيا تستهدف زابوريجيا في موجة جديدة من الهجمات الليلية    لأول مرة.. ميناء دمياط يستقبل سفينة بحمولة غير مسبوقة 121 ألف طن    قصور الثقافة بالغربية تحتفل باليوم المصري للموسيقى بأغاني سيد درويش    نادين نجيم وظافر العابدين يبدأن تصوير مسلسلهما الرمضاني الجديد.. أكتوبر المقبل    مدرب أهلي جدة: أرحت اللاعبين أمام ناساف بسبب الهلال    99.1% لفني صحي طنطا.. نتيجة تنسيق الثانوية التجارية 3 سنوات كاملة    وكيل تعليم أسيوط يوجه بتكثيف المتابعة الميدانية استعدادًا للعام الدراسي الجديد    ترامب يستبعد شن إسرائيل المزيد من الضربات على قطر    محاكمة 111 متهمًا بقضية "خلية حسم الإرهابية".. اليوم    "موتوسيكل دخل في جرار".. إصابة 3 شباب في حادث تصادم بالمنوفية    الإفتاء تحذر من صور متعددة للكذب يغفل عنها كثير من الناس    أسامة قابيل: يوضح معني" وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ": لا يعني مجرد التفاخر    الأنبا دانيال يشارك في نهضة القديس برسوم العريان بالمعصرة    أونروا: عدد كبير من سكان غزة يجبرون على مغادرة منازلهم    ترامب يعلن مقتل 3 أشخاص باستهداف سفينة مخدرات من فنزويلا    سفير إيطاليا بالقاهرة: نتشارك مع مصر في تعاون ممتد في مجال العمارة والعمران    ضبط سائق تعدى على شخص بالضرب في القاهرة    قافلة المساعدات الإنسانية ال 38 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تحذر من شخص ينتحل صفة كاهن    الصحة: حل جميع الشكاوي الواردة للخط الساخن 105 استطاع خلال أغسطس الماضي    مي فريد: المرحلة الثانية من منظومة التأمين الصحي الشامل تشمل 5 محافظات    نائب وزير الصحة: وضعنا استراتيجية وطنية لدمج القابلات تدريجيا في منظومة الولادة الطبيعية    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 16 سبتمبر والقنوات الناقلة    وزير الصحة يبحث مع شركة أليكسيون التعاون في مجال الأمراض النادرة والوراثية    دراسة: وجبة غنية بالدهون قد تؤثر سلبا على الذاكرة خلال أيام قليلة    اليوم.. انتهاء العمل بمكتب تنسيق القبول بجامعة الأزهر وغلق تسجيل الرغبات    بعد فشل النحاس في لملمة الجراح، قناة الأهلي تفجر مفاجأة حول المدرب الجديد (فيديو)    قرارات التعليم بشأن الكتب المدرسية 2025.. تسليم دون ربط بالمصروفات (تفاصيل)    هند صبري عن والدتها الراحلة: علاقتنا كانت استثنائية ومبحبش أعيط قدام بناتي    ليت الزمان يعود يومًا.. النجوم يعودون للطفولة والشباب ب الذكاء الاصطناعي    الوقت ليس مناسب للتنازلات.. حظ برج الدلو اليوم 16 سبتمبر    سيطرة مصرية في ختام دور ال16 ببطولة مصر المفتوحة للإسكواش    قبل كأس العالم.. أسامة نبيه يحدد برنامج معسكر منتخب الشباب في تشيلي    شيخ الأزهر: مستعدون للتعاون في إعداد برامج إعلامية لربط النشء والشباب بكتاب الله تعالى    أمين الفتوى: الاقتراض لتجهيز البنات لا يجوز إلا للضرورة القصوى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ديمقراطية‏..‏ التخلف‏!‏

أقيمت خلال الشهور الماضية انتخابات عامة ورئاسية في بلدان ومجتمعات تنتمي إلي منطقتنا التي يطلقون عليها الشرق الأوسط بدلا من العرب أو المسلمين‏, حشد لها الإعلام ماكينته الضخمة بأدواته واختراعاته‏,‏ وسلطها علي شعوب تلك الدول يدعوهم للمشاركة وعدم التخلف عن الانتخابات‏,‏ ومزاولة حقوقهم المشروعة في اختيار ممثليهم وحكامهم الذين سيتكفلون بإدارة شئون حياتهم‏,‏ وينهضون بهم وينتشلونهم من ثلاثية الجهل والفقر والمرض الضاربة أطنابها في جذورهم وعقولهم وأجسادهم‏.‏
إن البلدان التي أجريت فيها هذه الانتخابات الديمقراطية تمثل واقع شعوب المنطقة كلها بلا استثناءات تذكر‏,‏ وهي تشترك مع كل شعوب شرقنا الأوسط السعيد في البنية الأساسية التاريخية‏,‏ التي حكمت‏,‏ ولاتزال تحكم‏,‏ حركة تطور تلك المجتمعات‏,‏ فالمشترك الديني هو الإسلام‏,‏ وكلها خضعت ألفا ونصف الألف من الزمان إلي حكم يستمد شرعيته نظريا من القرآن الكريم‏,‏ وعمليا من القوة العسكرية‏,‏ التي يملكها ويسيطر عليها ويمنحها الأولوية من الرعاية والنفوذ‏.‏ وبقيت هذه الشرعية واحدة حتي مع انتقال مراكز السلطة من دمشق إلي بغداد‏,‏ مرورا بالقاهرة واسطنبول‏,‏ إثر صراعات دموية هائلة دفعت شعوب المنطقة ثمنها الباهظ‏,‏ من أجل أن تسيطر عشيرة أو عائلة أو طائفة علي الحكم‏.‏
ومنذ رحيل الاستعمار السابق هناك عودة له كما يبدو دخلت القوي الحاكمة المستندة إلي القوة في صراعات التنافس علي القوة والسلطة‏,‏ بمعزل كامل عن الشعوب التي ورثت بدورها علي مدي السنين ثقافة القبول والخضوع لكل ما يمليه عليها الحاكم‏,‏ وعدم الاعتراض أو الرفض أو حتي المطالبة بالبديل‏.‏ وأصبحت شرعية الحاكم مستمدة مما يملك من قوة عسكرية يفرض بها سلطته علي المجتمع‏.‏
فالمجتمع الإيراني الذي يموج بالحراك العنيف‏,‏ منذ أعلنت نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة‏,‏ وخاصة حركة الجيل الجديد من شبابه‏,‏ يعاني داخليا من الأزمات الاقتصادية التي تجعل مستوي البطالة يصل الي‏12%‏ من عدد السكان‏,‏ وهي نسبة خطيرة لابد أن يرتبط بها العديد من الظواهر الاجتماعية السلبية‏,‏ خاصة الكلفة الباهظة التي تتحملها بالصرف علي التسلح‏,‏ والحصار الاقتصادي عليها من قبل كثير من الدول‏,‏ وما الممارسات التي تمت من قبل السلطة بعد إعلان النتائج إلا تأكيد علي أن القوة العسكرية والزمن هما الأولوية والأصل‏,‏ وليس الديمقراطية وحرية المجتمع‏.‏
وقد يشير البعض في هذا الصدد إلي أن هناك تجارب ديمقراطية مهمة نجحت‏,‏ وحققت استقرارا وتنمية بالرغم من ارتفاع نسبة الفقر والأمية‏,‏ والتنوع الإثني والطائفي فيها‏,‏ كالهند علي سبيل المثال‏,‏ لكن علينا أن ندقق في مقومات التجربة الهندية وأسباب نجاحها وتطورها‏,‏ وهي مثال جيد‏,‏ علينا أن ندرسه ونقتدي به‏,‏ خاصة للتماثل في كثير من المكونات الاجتماعية‏.‏
فالتجربة الهندية ليست تجربة هينة‏,‏ بل هي نتاج معاناة كبيرة حولت المفهوم الديمقراطي إلي عقيدة وثقافة عامة لدي الفقير والغني علي حد سواء‏,‏ وآمن بها الجميع وعمل من أجل استقرارها ونموها‏.‏
وأهم عوامل نجاح التجربة الهندية هو بزوغها من الشعب نفسه وقياداته الحزبية الشعبية‏,‏ ولم تبدأ من السلطة العسكرية كما هو حاصل في منطقتنا العربية‏,‏ فقد ساعد علي تحقيق التحدي الكبير في الهند أن مؤسسيها‏,‏ بعد التخلص من الاستعمار البريطاني‏,‏ بداية من المهاتما غاندي‏,‏ كانوا من الديمقراطيين الراسخين‏,‏ فليس من السهل أن نجد في أي دولة في العالم غير الهند مثل هذه الوفرة غير العادية من الطوائف العرقية واللغات والأديان‏,‏ والممارسات الثقافية المتنوعية‏,‏ فضلا عن التنوع الجغرافي والمناخي‏,‏ ومستويات التنمية الاقتصادية‏.‏
وكان جواهر لال نهرو‏,‏ أول رئيس لوزراء الهند وتلميذ غاندي‏,‏ قد أمضي حياته السياسية بالكامل‏,‏ متفرغا‏,‏ لغرس العادات والقيم والتقاليد الديمقراطية في شعبه وهي ازدراء الحكام المستبدين‏,‏ واحترام النظام البرلماني‏,‏ والإيمان بالنظام الدستوري وترسيخه في عقول الناس‏.‏ وقدم بذلك نموذجا اعتبره كل من جاء بعده طريقا له‏,‏ وهو ما رسخ القيم الديمقراطية إلي الحد الذي جعل ابنته أنديرا غاندي تشعر بالخجل والالتزام بضرورة اللجوء إلي الشعب الهندي طلبا للغفران‏,‏ بعد أن علقت الحريات في العام‏1975‏ بإعلانها حالة الطواريء التي دامت‏21‏ شهرا‏,‏ واحتراما منها للقيم التي تشربتها من والدها قررت عقد انتخابات حرة‏,‏ هي الانتخابات التي كانت خسارتها فيها فادحة‏,‏ فقد كان هذا هو الرد المثالي للمجتمع الهندي الذي تشرب المباديء الديمقراطية وتغلغلت في وعيه بكل طوائفه‏.‏
لهذا نري أن تجربة الهند بدلا من أن نتقارن بها‏,‏ علينا أن نضعها دليلا لنا إن أردنا أن نتحول إلي النظم الديمقراطية ونواكب العصر الذي نعيشه‏.‏
إن المباديء الأساسية هي التي يحكم بجوهر معناها‏,‏ المباديء الحقيقية للديمقراطية‏,‏ وليس محرد إجراءات شكلية إدارية‏,‏ تبدأ صباحا بطوابير تسقط أوراقا في الصناديق‏,‏ وتنتهي مساء بإعلان النتائج‏,‏ فالديمقراطية إذن هي حياة يومية يعيشها الإنسان طوال حياته من يوم مولده حتي وفاته‏.‏
واليوم نري أن النخب العربية تتحمل مسئولية أساسية في تأكيد مقولات عبر الدعوة لتفعيلها في الخطاب الإعلامي العربي‏,‏ وفي التعليم بكل مراحله‏,‏ وتأكيد المفاهيم الليبرالية التي تحترم الجميع ولاتفرق بين رأي وآخر أيا كانت درجة الاختلاف في الرأي‏.‏
ومع الأسف فإن جولة علي المحطات الفضائية العربية والتعرف علي طبيعة برامجها‏,‏ والطريقة التي يتحاور بها المتحاورون‏,‏ تؤكد أن ثقافة الديمقراطية بعيدة عن الذهنية العربية‏,‏ فالحوار عادة ما يأخذ شكل الهجوم المتبادل وعادة لايتمكن طرف النقاش أو أطرافه من الإنصات‏,‏ وهي ظواهر تدل علي ثقافة ما أسسته الشمولية والبوليسية في وعي الأفراد والجماعات‏,‏ بل ونتيجة لمؤسسات ثقافية وإعلامية تقوم بدور المؤسسات القمعية‏,‏ وليست منابر لحرية التعبير والتفكير ونشر التسامح وقبول الآخر في المجتمع‏.‏

المزيد من مقالات د. سليمان إبراهيم العسكرى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.