الغذاء المناسب للكبد جزء من العلاج تماما كالدواء.. إلا أن الوعي به يضل طريقه بين المرضي والأطباء أيضا بحسب ما كشفته دراسة تمت بمستشفيات جامعة القاهرة, التي أكدت ان المرضي لا يملكون أي معلومات عن النظم الغذائية وما يسبب عدم الالتزام بها من مشاكل. في حين يجهل66% من الأطباء بقواعد التغذية السليمة. وفي أغلب الأحيان يقدمون النصيحة الغذائية للمرضي بشكل ناقص وغير كاف. وهو ما يؤكد أهمية تعزيز التوعية الغذائية بتدريس برامجها للأطباء وأخصائيي التغذية. مع العمل علي تحديد برتوكول غذائي مكتوب يتناسب مع الاحتياجات المختلفة لكل مريض. ومع مرضي الكبد تجد الكثير من الأسئلة المتداولة عموما, فالبعض يتساءل' إن الطبيب منعني من الكثير من أنواع الطعام ولم يذكر المسموح منه فماذا آكل؟' وآخر يشكو عدم تناسب الوجبات مع فقد الكثير من الوزن والشعور بالضعف الشديد. وهذا التحير يأمل المريض أن يجد له إجابة شافية عند أهلها من المتخصصين. إلا انه وللأسف أغلب النظم الغذائية التي يحددها الأطباء للمرضي بدون مرجعية علمية واضحة وبدون دراسة كافية لعلوم التغذية العلاجية. كما جاء في الدراسة الصادرة عن قسم طب المناطق الحارة والصحة العامة بجامعة القاهرة والتي أجريت بمشاركة60 مريضا و15طبيبا و5 من أخصائيي التغذية علي خلفية توفير التغذية السليمة كعناية خاصة يحتاجها مريض الكبد بشدة نظرا لدورها الكبير في وقاية الكبد والجسم بصفة عامة من تأثيرات الفيروسات ومنع تدهور الحالة. تتبع الدراسة عدة دراسات عالمية للتأكد من تطبيق الإرشادات الأوروبية ومدي توافر الرؤية العلمية الصحيحة لغذاء مرضي الكبد عند الأطباء. وردا علي بعضهم الذي يكثر من الممنوعات الغذائية علي غير سند علمي وبناء علي انطباعات شخصية أو موروثات اجتماعيةحسب قول الدكتورة نرجس لبيب رئيس قسم الصحة العامة والمشرف علي الدراسة. وكثيرا ما نري معاناة مرضي الكبد من سوء التغذية والتي قدرتها الإحصاءات ما بين70% إلي100% في مرضي الكبد في مراحله المتوسطة والمتأخرة. علما بأن غذاء مريض الكبد لا يختلف كثيرا عن الإنسان السليم. وبصفة عامة طالما كفاءة الكبد معقولة فلا يجب أن تتجنب أي طعام علي أن يكون متوازنا ويحتوي علي كل العناصر الغذائية من كربوهيدرات وبروتينات ودهون وفيتامينات والمعادن المهمة. ولكن قد يحتاج المريض إلي تحديد غذائه مع حدوث المضاعفات. كما هو الحال مع اللحوم والتي تعد مفتاح الغذاء الجيد لمريض الكبد بصورة عامة, وأيضا هي الطريق لحدوث المضاعفات في الحالات المتقدمة. الدراسة رصدت ثلاثة مشاهد من داخل مستشفيات جامعة القاهرة, أولها كان مع مرضي الكبد وبسؤالهم عن النصائح المتلقاة بشأن نظامهم الغذائي, أكد معظمهم بنسبة93% تلقيها من أطبائهم, وسمح بتناول الخضراوات بكميات غير محددة بنسبة62% تلتها الفاكهة بنسبة48%, أما منتجات الألبان فاقتصرت علي32% من الحالات فقط, نصفهم محدد بكوب واحد يوميا. حوالي نصف المرضي لم يذكروا تلقيهم أي نصائح مفيدة عن تناول الكربوهيدرات, في حين ذكر44% آخرين استهلاكهم لها بدون بحد أقصي. وبالنسبة للدهون نصح28% من المرضي بعدم استخدامها بينما لم يتلق16% من الحالات أي معلومات بشأنها. أما عن المحرمات علي مرضي الكبد فمنعت اللحوم عن80% من مرضي التليف الكبدي. في حين نصح34% فقط من المرضي بضرورة عدم استخدام المواد الحافظة. بينما نصح ثلاثة أطباء فقط مرضاهم بالتوقف عن تناول الشاي والقهوة. وهذه النصائح استجاب لها60% من المرضي بشكل كامل. في حين أكد35% عدم معرفتهم بأي معلومات عن المشكلات الناتجة عن الالتزام بالنظام الغذائي المقرر. وهناك43% بالفعل يعانون من تأثيرات عدم الانتظام. وهو ما أرجعه المرضي لعدة أسباب أولها عدم وضوح النظام الغذائي بشكل كاف. ثانيا عدم تقبلهم لبعض أنواع الطعام المحدد. الوجبات الخارجية في المستشفيات كان لها نصيب أيضا وان كانت لم تتجاوز8 حالات. ومصدرها إما مجاملات الأهل والأصدقاء في ساعات الزيارة, أو عدم تقبل الأغذية المقدمة في المستشفي. والمفارقة التي كشفتها الدراسة إن حوالي53% من الأطباء يجهلون منع ادارة المستشفي الطعام الخارجي. المشهد الثاني كان مع الأطباء, أوضح13 منهم تعامله من المرضي طبقا لبروتوكول غذائي وجميعهم ينصحون المرضي بشكل شفهي وليس كتابة. جميع هؤلاء الأطباء حددوا كمية اللحوم التي يستهلكها المريض لكن لم يتطرق لتحديد نوعها من حيواني أو نباتي إلا نصفهم فقط. وعن استهلاك الكربوهيدرات والسكريات والاختلافات بينهما, أوصي بها33% فقط من الأطباء. في حين شجع26% آخرين علي استهلاك السكريات عن الكربوهيدرات. أما عدد الوجبات في اليوم ونوعها وكميتها فلم يتطرق لها إلا33% من الأطباء فقط. وبسؤالهم عن المصادر التي يستندون إليها في تلقي معلوماتهم كانت الإجابات متنوعة. ذكر ستة منهم تعلمها من الأطباء الأكبر. في حين أكد خمسة آخرين اعتمادهم علي معلوماتهم الدراسية قبل التخرج. وواحد أكد انها السياسة الطبية للقسم. وآخر استخلصها من كتب التغذية. والحال لم يكن أفضل مع مشرفي التغذية والتي اقتصرت مصادرهم إما علي المعلومات العامة عن التغذية أو اتباع نصائح الدكتور وسياسة المستشفي الداخلية. وهو ما أرجعوه لنقص المصادر المتوافرة داخل المستشفي. وعن الأسباب وراء عدم كتابة نصيحة غذائية للمرضي, أرجعتها الدراسة إلي غياب الوعي الكافي عن66% من الأطباء محل الدراسة. أو الاتكال علي عدم تقبل والتزام المريض بنسب, أو كما يبدو في زيادة عدد المرضي والعبء الزائد علي الأطباء بنسبة13%. وبصفة عامة جاءت النصيحة الغذائية المقدمة للمرضي من الأطباء بشكل ناقص وغير كاف. ومثال ذلك تضمنت النصائح نوع وعدد الوجبات إلا أنها لم تعطي معلومات عن الأغذية الممنوعة أو التي يجب تقليلها. كذلك عدم توضيح الفروق بين المجموعات الغذائية والكمية المستهلكة منها. وفي جميع الأحوال تعط مشافهة. فتأتي بشكل سلبي علي استجابة المريض. كما يغيب تحديد البرامج الغذائية تبعا لاختلاف الحالة المرضية. وتقدم الوجبات الغذائية في المستشفي غير متضمنة لحوما إما بشكل كلي أو جزئي. وهو ما لم يقابله تقديم بديل آخر بسبب قلة الإمكانيات. عاملان يجب التعامل معهما بجدية بحسب ما أوصت الدراسة أولا إعادة النظر في تعزيز التغذية الصحية بالاهتمام بتدريس برامجها للأطباء سواء قبل أو بعد التخرج. مع الاهتمام بأخصائيي التغذية وتأكيد تلقيهم القدر الكافي من المعلومات المتعلقة بالتغذية والصحة العامة. ثانيا ضرورة عمل بروتوكول غذائي موحد ومكتوب يوزعه علي الأطباء وأخصائيي التغذية المسئولين عن متابعة الحالات المرضية وبما يتناسب مع الاحتياجات المختلفة لكل مريض الكبد.