مجلس حكماء المسلمين يدشن النسخة الكازاخية من "مقوِّمات الإسلام" للإمام الطيب (ًصور)    مدارس دمياط في أبهى صورها.. استعدادات شاملة لاستقبال العام الدراسي الجديد    محافظ الأقصر يسلم شهادات لسيدات الدفعة الثالثة من برنامج "المرأة تقود".. صور    انطلاقة قوية ومنظمة وعام دراسي جديد منضبط بمدارس الفيوم 2026    من دمغها إلى صهرها، اعترافات المتهمين الثالث والرابع في قضية "إسورة المتحف المصري"    هبوط كبير ب320 للجنيه دفعة واحدة.. أسعار الذهب اليوم السبت بالصاغة وعيار 21 الآن بالمصنعية    70 مليون شاب وفتاة يشاركون في برامج التمكين الشبابية خلال الفترة من 2018 حتى 2025    للمرة الثانية خلال 12 ساعة، توغل إسرائيلي في 3 قرى بريف درعا السورية    ترامب: نعمل على إنهاء الحرب في غزة وبين روسيا وأوكرانيا    الدفاع الروسية: مقاتلات "ميج-31" نفذت رحلة مخططة من كاريليا إلى كالينينجراد    إصابة شخصين إثر اصطدام عبارة ركاب بسفينة شحن في مضيق البوسفور    ألمانيا تدرس تقديم 30 مليار يورو إضافية للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية    وليد صلاح الدين: تجديد العقود بيد الأهلي مش اللاعبين وهذه قصة سفر زيزو للعلاج (فيديو)    رسميا، تامر مصطفى مديرا فنيا للاتحاد السكندري    "خسارة واحدة".. ماذا قدم رامون دياز مع بيراميدز بعد اقتران اسمه بالأهلي؟    للمرة الثانية على التوالي.. مصطفى عسل يُتوج ببطولة CIB المفتوحة للإسكواش 2025|صور    الدوري المصري - موعد مباراة الأهلي أمام حرس الحدود والقنوات الناقلة    «اللي الجماهير قالبه عليه».. رضا عبدالعال يتغزل في أداء نجم الأهلي    مدرب دجلة: لا نعترف بالنتائج اللحظية.. وسنبذل مجهودا مضاعفا    درجات الحرارة تتهاوى، الأرصاد تعلن حالة الطقس اليوم السبت    ترامب يعلن إتمام صفقة تيك توك مع الصين رغم الجدل داخل واشنطن    وسط تعليمات مشددة، انطلاق الدراسة بالمعاهد الأزهرية، اليوم    صراخ وذهول أشبه بالجنون، جنازة شعبية مهيبة لضحايا مذبحة نبروه بالدقهلية (صور)    كان بيسلك الخرطوم.. مصرع شاب غرقا داخل إحدى المجاري المائية في الغربية    عرض المتهم بقتل لاعبة الجودو بالإسكندرية على مستشفى الأمراض النفسية    ليلة كاملة العدد في حب منير مراد ب دار الأوبرا المصرية (صور وتفاصيل)    كارول سماحة: «الحياة ومصر لم تعد عادية بعد وفاة زوجي» (فيديو)    صلاح دندش يكتب : تخاريف    ملوك العود.. من المقاهي إلى قمة الشهرة.. سيد درويش شعلة متوهجة من العطاء.. ووتر خالد لكفاح الأمة    استشارية اجتماعية: الرجل بفطرته الفسيولوجية يميل إلى التعدد    القرنفل مضاد طبيعي للالتهابات ومسكن للآلام    ديتوكس كامل للجسم، 6 طرق للتخلص من السموم    هل تهدد حرارة البخار والسونا خصوبة الرجال؟    محيي الدين: مراجعة رأس المال المدفوع للبنك الدولي تحتاج توافقاً سياسياً قبل الاقتصادي    محمود محيي الدين: الذهب يتفوق على الدولار فى احتياطات البنوك المركزية لأول مرة    محافظة كفر الشيخ: اعتماد أحوزة عمرانية جديدة ومشروعات الهوية البصرية    استراتيجية مصر للذكاء الاصطناعي.. نحو الريادة الرقمية    إصابة بن شرقى وانفعال على ماهر وتعطيل الفار.. كواليس لقاء الأهلى وسيراميكا (فيديو)    ضبط 6240 عبوة مواد غذائية ونصف طن زيوت سيارات مجهولة المصدر    طارق فهمي: المجتمع الإسرائيلي يراقب التطورات المصرية بقلق (فيديو)    مقاتلات روسية تقترب من منصة نفط بولندية    الرئيس السوري: التوصل إلى اتفاق أمني مع إسرائيل لا مفر منه    عمرو أديب يبكي الطفل الفلسطيني النازح وأخته: «ابعتوا هاتوهم مصر»    إعلامي يشعل النار في لسانه على الهواء ليكشف زيف خرافة "البشعة"    حسام حبيب:"معرفش حاجة عن شيرين ومليش علاقة بقضية المخدرات"    وفاة وفقدان 61 شخصًا جراء غرق قارب قبالة السواحل الليبية    موعد صلاة الفجر ليوم السبت.. ومن صالح الدعاء بعد ختم الصلاة    لماذا عاقبت الجنح "مروة بنت مبارك" المزعومة في قضية سب وفاء عامر؟ |حيثيات    رسميا الآن بعد الارتفاع.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 20 سبتمبر 2025    تراجع كبير في سعر طن الحديد وارتفاع الأسمنت اليوم السبت 20 سبتمبر 2025    مدينة تعلن الاستنفار ضد «الأميبا آكلة الدماغ».. أعراض وأسباب مرض مميت يصيب ضحاياه من المياه العذبة    «أقوى من كورونا».. استشاري مناعة يوجه تحذيرا عاجلا للمواطنين مع بداية العام الدراسي (فيديو)    خصم 50% على دورات اللغات لطلاب الثانوية في الوادي الجديد    رئيس جامعة الأزهر: الدعاء ليس مجرد طلب أو رجاء بل هو جوهر العبادة وروحها    هل رفع الصوت بالقراءة في الصلاة لتنبيه شخص آخر يبطلها؟.. أمين الفتوى يجيب    "أطباء الجيزة" تكرم استشاري تخدير باحتفالية "يوم الطبيب 2025"    الداخلية تضبط عنصرًا جنائيًا بالمنوفية غسل 12 مليون جنيه من نشاط الهجرة غير الشرعية    "نور بين الجمعتين" كيف تستثمر يوم الجمعة بقراءة سورة الكهف والأدعية المباركة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصتان ضائعتان
نشر في الأهرام اليومي يوم 15 - 06 - 2010

قصتان كتبتهما منذ سنوات عديدة‏,‏ كنت أعتز بهما وحين قرأهما الصديق العزيز الراحل يوسف فرنسيس وجد أنهما تصلحان للسينما ومن ثم قام بإعداد السيناريو لهما‏. القصة الأولي كانت بعنوان عندما يذوب الجليد وهي قصة مغنية مشهورة لها مكانتها وتبدأ الأحداث وهي تستعد لحفلة تقيمها في دار الأوبرا ستقدم فيها أحدث أغانيها‏,‏ ويقبل الجمهور علي شراء التذاكر لهذا الحفل الكبير وقد صادف أن زوج المغنية وهو رجل أعمال مشهور عنده عمل مهم في ذلك اليوم في الاسكندرية وقبل استقلاله سيارته يؤكد لزوجته أنه سيعود قبل بدء الحفلة‏.‏
ونري المغنية وهي تقف علي خشبة مسرح دار الأوبرا ومعها الأوركسترا ويقابلها الجمهور بتصفيق حاد وهتافات ثم تبدأ في الغناء‏,‏ وفي أثناء تأديتها للأغنية تنتقل الكاميرا الي سيارة زوجها وهو في طريقه من الاسكندرية ومن الواضح أنه يقود بسرعة مرتفعة كي يصل في موعد الحفلة‏,‏ وحين تصل المغنية الي ذروة الأغنية نري سيارة زوجها وقد ارتطمت بلوري يسير في الطريق المخاطيء ونعرف أن زوجها لقي حتفه في الحادث‏.‏
يمتنع المسئولون عن الحفلة عن اخبارها حتي تنتهي من تقديم أغانيها وحين تعرف تفقد وعيها وينقلونها الي احد المستشفيات‏,‏ وحين تعود الي وعيها تجد أنها فقدت صوتها وتقرر أن تعتزل الغناء وتبدأ في حياة منعزلة متباعدة عن الأضواء وحتي عن الأصدقاء‏,‏ عندئذ قررت أن تقوم بأعمال الخير فتقوم بزيارة أحد ملاجيء الأطفال اليتامي وتختار عددا منهم‏,‏ تؤجر لهم منزلا خاصا وتتولي الصرف عليهم سواء في دراستهم أو في أكلهم وملبسهم‏,‏ ولكي تشغل وقتها تبدأ في تعليم الأطفال مباديء الموسيقي والغناء وفي النهاية تستطيع أن تكون منهم فريق كورال‏.‏
ويبين سيناريو يوسف فرنسيس تدريبها للأطفال وتقدمهم تدريجيا حتي يصبحوا جاهزين لتقديم حفلات للجمهور‏,‏ ولكن كان للأطفال رأي آخر‏,‏ كانوا يريدون أن تشاركهم مدربتهم في الحفلات وإلا فلن يقدموها وتضطر هي أن تخضع لرغباتهم وتبدأ مرة أخري في الغناء‏.‏
هذا هو ملخص القصة بقدر ما أتذكرها بعد مرور نحو عشرين عاما علي كتابتها‏,‏ وأذكر أن أخي بليغ أعجبه السيناريو وقام بتلحين عدد من الأغاني كتبها علي ما أذكر محمد حمزة واقترح بليغ أن نقدم الي الفنانة شادية‏,‏ صوت مصر كما أحب أن أسميها‏,‏ وكانت في ذلك الوقت متزوجة من صلاح ذوالفقار الذي كان يعمل مع يوسف السباعي ومعي في السكرتارية الدائمة لتضامن الشعوب الإفريقية‏,‏ الآسيوية ورحبت شادية وصلاح بالفكرة ثم حدث بينهما الانفصال وضاع السيناريو وألحان بليغ‏.‏
أما القصة الثانية فكانت عن موضوع مختلف تمام الاختلاف‏,‏ كانت عن المقاومة العظيمة في بورسعيد ضد الاحتلال البريطاني بعد الاعتداء الثلاثي‏,‏ وتبدأ القصة في أحد بيوت الزمالك وكان داخل الشقة مجموعة من السيدات متشحات بالسواد جئن لتقديم العزاء الي صاحبة البيت التي توفي زوجها ضابط الجيش وهو يشارك في أعمال المقاومة في بورسعيد‏,‏ وتدخل الخادمة لتجد ربة البيت ان هناك سيدة بالباب تريد مقابلتها وتقوم‏,‏ وحين تواجه الزائرة التي تتشح أيضا بالسواد تنظر إليها نظرة متفحصة وتسرع الزائرة لتقول البقية في حياتك فترد ربة المنزل البقية في حياتك أيضا وتدعوها الي الدخول‏.‏
وتجلس السيدتان وحدهما في حجرة بعيدة عن بقية المعزين ويبدآن في حديث ذي شجون‏,‏ وتعرف أن الزائرة من بورسعيد وأنها كانت متزوجة من زوج ربة البيت‏,‏ وتعرف أن سبب الزواج كان للتمويه إذ إن الضابط كان له دور في المقاومة سواء في تدريب الشباب علي القتال أو في مغامرات له شخصيا في معسكرات القوات المحتلة‏,‏ وتقول الزائرة ان الضابط أقام في منزلهم إذ كان أخوها ضمن ابطال المقاومة ولكي يبعدوا أية شبهات تزوج الضابط بها ليجد سببا لاقامته وتؤكد الزائرة لربة البيت أنه لم تقم بينها وبين زوجها أية علاقة حميمة‏.‏
وتبدأ ربة البيت تخبر الزائرة عن حياتها مع زوجها في مصر‏,‏ فهو وهي من عائلات راقية يقضيان معظم وقتهما في نادي الجزيرة أو في نادي السيارات وكيف صمم زوجها علي التطوع مع المقاومة وكان يقضي معظم وقته في بورسعيد حيث يلبس ملابس البورسعيدية ويعيش معهم ومثلهم ثم يعود لبضعة أيام الي القاهرة حيث الحياة الفخمة‏,‏ ومن الحديث نري التضاد الغريب بين ما يعانيه أهل بورسعيد وحياة الرخاء والمتعة التي يحياها أهل القاهرة‏,‏ ان سيناريو يوسف فرنسيس يجعلنا نعيش المقاومة كما نعرف نادي الجزيرة ومرتاديه‏,‏ وجعلنا نشعر بالحب الذي تكنه الزوجتان لذكري زوجيهما‏,‏ ومرة أخري اختفي السيناريو ومعه القصة الأصلية وأذكر مقابلتي ليوسف فرنسيس للعشاء مع بعض الأصدقاء ومنهم رئيسة تحرير الموعد وتناقشنا حول القصتين وقال يوسف إنه يعرف مصيرهما وكان سيسافر اليوم التالي الي أسوان ووعد أنه عند عودته سيحصل عليهما‏,‏ وسافر يوسف ووافته المنية في أسوان ولم يعد‏.‏
هذه قصة القصتين كما أذكر واني قدمتهما بكل سرور وبدون أي مقابل الي من يستطيع أن يعد منهما فيليمن يذكروننا بعظمة يوسف فرنسيس وأيضا بأحداث كدنا أن ننساها‏.‏
وحديثي عن القصتين يذكرني بمسرحية كتبتها في أثناء احتلال بورسعيد وكان عنوانها مصري خالص وقد قدمتها في ذلك الوقت الي لجنة القراءة التابعة لهيئة المسرح وان لم تخني الذاكرة كان رئيسها الدكتور عبدالقادر القط‏,‏ انها قصة زميل لنا في الجامعة أمه انجليزية وأبوه مصري كان يتحدث العربية بلكنة أجنبية وكنا نطلق عليه اسم الخواجة‏,‏ كان مختلفا عنا في كل سلوكياته‏,‏ كنا حين نري قطة أو كلبا نقذفهما بالحجارة بينما يقوم هو بالربت عليهما‏,‏ كنا نخرج في المظاهرات فنذهب عادة الي السينما بينما كان هو يذهب الي مكتبة الجامعة حيث يقضي وقت المحاضرات في القراءة‏.‏
ومرت السنون وتخرجنا في الجامعة وتفرقنا في أعمال مختلفة وفي أحد الأيام قرأنا في صفحة الوفيات في الأهرام أن صديقنا الخواجة قد توفي‏,‏ ووجدنا في الداخل تفاصيل وفاته التي لم تكن وفاة طبيعية بل انه قتل علي أيدي الجنود الانجليز حين وجدوه داخل معسكرهم في بورسعيد يحاول أن يضع قنبلة بين الجنود‏,‏ كانت معرفته باللغة الانجليزية واتقانه لها من أسباب تطوعه للعمل في داخل المعسكرات‏,‏ واستطاع‏,‏ كما جاء في المقال‏,‏ أن يحقق بطولات عديدة وحين قرأت المقال‏,‏ تذكرت ظلمنا لصديقنا وكيف أننا وصفناه بالخواجة بينما كان في الواقع‏,‏ مصريا خالصا‏.‏

المزيد من مقالات مرسى سعد الدين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.