حملة توقيعات يجمعها الآن مرضي التصلب المتعدد لتقديمها لوزير الصحة لاستخراج قرارات علاجهم علي نفقة الدولة وإدراجها في قائمة التأمين الصحي. وذلك حتي يسهل الحصول علي الانترفيرون بوصفه علاجا مكلفا لا يمكن الاستغناء عنه بالنسبة لعدد كبير منهم. وأصل الحكاية هي حاجة المرضي الي حقن العلاج بتكلفة تتراوح من7 الي8 آلاف جنيه شهريا وتستمر علي الأقل لمدة ثلاث سنوات وهو ما تبرأت منه الدولة كما يشكون بقصرها استخراج قرارات العلاج علي ستة أمراض لا تتضمن التصلب المتعدد بينها ليواجه40 ألف مريض خطورة انقطاع علاجه, نظرا لأن التكلفة لا تغطي بشكل كامل من قبل المؤسسات الصحية الحكومية. ولمن لا يعرف التصلب المتعدد هو مرض يصيب الجهاز العصبي المركزي وتظهر أعراضه بصورة بسيطة علي شكل تنميل وضعف الرؤية ومن ثم تتضاعف الحالة وتزداد الهجمات تاركة الكثير من المصابين عاجزين علي الحركة من دون كراسي متحركة وهم في سن الشباب والإنتاج. ولأن التعبير عن المعاناة أوقع بلسان أصحابها التقينا بعدد منهم وفي البداية قال محمد نائب مدير أحد البنوك متعددة الجنسيات انه اضطر الي تقديم استقالته بعدما داهمه المرض وبعد فترة خدمة استمرت27 عاما قائلا اكتشفت إصابتي منذ عشرين عاما تعرضت فيها لهجمة المرض الأولي وبعد ثلاثة أشهر من تناول جرعات العلاج بالكورتيزون استمرت الحياة بشكلها الطبيعي وعدت للعمل حتي فاجأتني انتكاسة ثانية رفض معها المستشار الطبي للبنك الموافقة علي العلاج بالانترفيرون كما أوصي الطبيب. فاضطرت لتغطية النفقات من حسابي الشخصي وتحسنت كثيرا لفترة عام ونصف العام قطعتها الهجمة الثالثة ساءت معها حالتي كثيرا. وهو ما قابلته إدارة البنك بإصرار علي رفض تحمل تكاليف العلاج برغم جميع التقارير الطبية التي أيدت أهمية حصولي علي العلاج, ونتيجة ذلك أصيبت بالشلل في الجزء الأيمن بالكامل وأصبحت أتحرك بمساعدة عكازين. وتروي رانيا إبراهيم وهي مريضة شابة وأم لطفلتين معاناتها مع استخراج قرار العلاج علي نفقة الدولة في مستشفي وادي النيل وعين شمس التخصصي والتي تم إيقافه منذ ثلاثة شهور وما بين ادعاء المستشفيات بإيقافه ونفيه من جانب مسئولي وزارة الصحة تظل رحلة العذاب للحصول علي حقي في العلاج كما تشكو رانيا. وقد كانت قيمة القرار في بدء الأمر محددة بالمدة أما الآن فتصرف بمبلغ معين وفي أحسن الأحوال لا يتجاوز6 آلاف جنيه تقسم علي مدة ستة أشهر ثم نعود لاستكمال باقي القيمة بقرار آخر وسط رحلة عذاب متكرره ذهابا وإيابا بين الوزارة والمستشفيات في حين أن تكلفة الحقنة تبلغ500 جنيه يجب تكرارها لمدة3 مرات أسبوعيا علي مدي الشهر أي بتكلفة6000 في الشهر الواحد. نفس الأزمة يواجهها عبدالمجيد محمد وان كان يمشي علي عصا بعدما أصابته هجمة المرض بتيبس في العضلات وصعوبة في المشي وعدم اتزان نتيجة توقفه عن العلاج لنحو السنة. هؤلاء المرضي وغيرهم الكثير يطالبون الدولة بتوفير الرعاية الطبية كما هو الحال مع أمراض أخري, وذلك من خلال ضم مرض التصلب المتعدد ضمن خطتها لتحمل نفقات علاجه باهظة الثمن علي ضحاياه الذين عادة ما يجتازون خسارة مصدر رزقهم نتيجة عدم تفهم أماكن عملهم لطبيعة مرضهم. المشكلة كما يراها الدكتور محمد حامد طبيب أسنان إن المرض يفقد المصاب حواسه تدريجيا الي أن يصل به الي الشلل الكامل والعمي وخلال ذلك يظل المريض يعاني ولا يتوافر علاج له حتي الآن الانترفيرون مع أنه لا يشفي من المرض وإنما يؤخر حدوث الانتكاسات وان كان لا ينفع مع كل الحالات إضافة لأنه يعتبر علاجا مزعجا لكونه يؤخذ في شكل حقن مستمرة في العضل أو تحت الجلد مدي الحياة وهو ما يسبب إرهاقا جسمانيا للمريض. وعادة تكون الهجمات غير متوقعة كما يوضح الدكتور طارق منيسي أستاذ المخ والأعصاب بطب الأزهر, وتمتد من عدة أيام الي أسابيع تتحسن باستعمال الكورتيزون وتتباين حدتها من مريض الي آخر وقد تخلف إعاقة دائمة. ويعتبر مرض التصلب المتعدد أو'M.S' من الأمراض المزمنة والذي لم يعرف سببه الي الآن وان كان هناك اعتقاد لحدوثه نتيجة اختلال في الجهاز المناعي للجسم, ليبدأ في مهاجمة خلايا الجسم الطبيعية للشخص المصاب, وفيه يحدث تدمير للمادة المغلفة للألياف العصبية المايلين وتتنوع الإصابة به من إصابة بالعصب البصري وجذع المخ أو النخاع الشوكي وبالتالي حسب مكان الإصابة تحدث أعراض المرض وهو ما يعرف بالهجمة الأولي والتي في أغلب الأحوال لا يهتم المريض بها نظرا لبساطة الأعراض كالتعب والإرهاق وتنميل الوجه والأطراف حتي تظهر فجأة مرحلة ضعف الرؤية والإبصار وهي الشكوي الأكثر شيوعا بين المصابين المصريين نتيجة إصابة العصب البصري وعادة تسبب تشويش الرؤية لإحدي العينين وكأن المريض ينظر من خلال زجاج معتم وهذه الأعراض يمكن التحسن منها ورجوع المريض لحالته الطبيعية تماما أو جزئيا وقد يمسك المرض أجزاء مختلفة من الجهاز العصبي كإصابة المنطقة المسئولة عن الحركة وما تسببه من ضعف في العضلات. ومن هنا تبدأ رحلة العلاج وفيها يتم إعطاء جرعات مكثفة من الكورتيزون باعتباره العلاج الأساسي للشفاء من الهجمة وتقليل حدة الالتهاب بالجهاز العصبي, ويتم تقليلها تدريجيا لتجنب آثاره الجانبية ثم علاج الأعراض المصاحبة للمرض والتي تختلف من مريض لآخر كشد العضلات أو التعب أو الاكتئاب ثم العلاج المغير لمسار المرض وتعتمد علي استخدام بعض الأدوية المستحدثة التي تساعد علي تقليل عدد نوبات الانتكاسات المرضية وتهدئة مسار المرض لنسبة تتراوح بين30 الي40% من المرضي. من جانبه أشار الدكتور فاروق طلعت أمين الجمعية المصرية للتصلب المتعدد الي تزايد أعداد المرضي حاليا بواقع من60 الي80 حالة لكل مائة ألف نسمة كل عام. ويرجع سبب اكتشاف الحالات لإمكانية التشخيص المبكر من خلال الوسائل الحديثة. ومن الملاحظ حاليا إن المرض يظهر بين من هم أصغر من سن20 عاما وأكبر من40 عاما, علي غير المعتاد من الحدود العمرية المتعارف عليها للإصابة.