"الأوقاف": بدء إجراءات التعاقد مع مستوفي شروط مسابقتي 2023 للأئمة وللعمال    الرقابة النووية: مصرآمنة    وزير التموين: الاحتياطى الاستراتيجى من السلع آمن لأكثر من 6 أشهر    وزير قطاع الأعمال: نستهدف رفع الكفاءة التشغيلية بشركات الأدوية التابعة    ولي العهد السعودي يؤكد لرئيس إيران رفض المملكة للاعتداءات الإسرائيلية    هل اغتيالات العلماء الإيرانيين تعني نهاية البرنامج النووي؟ رئيس الرقابة النووية يجيب    شاهد، ملعب هارد روك قبل ساعات من استضافة مباراة الأهلي وإنتر ميامي    "حزين".. تعليق قوي من أحمد الطيب على رحيل وعدم تجهيز عدد من لاعبي الأهلي قبل المونديال    منتخب كرة اليد الشاطئية يحرز برونزية الجولة العالمية بالفوز على تونس    وزير الشباب والرياضة ومحافظ الإسكندرية يفتتحان ملاعب البادل بنادي سبورتنج    بالأسماء، إصابة 19 شخصا في انقلاب سيارة بالطريق الدولي بكفرالشيخ    "التعليم" تكشف تفاصيل الاستعدادات ل امتحانات الثانوية العامة غدًا    رئيس بعثة الحج السياحي المصرية: موسم الحج هذا العام من أنجح المواسم على الإطلاق    النيابة الإدارية تؤكد استمرار جهودها لمكافحة ختان الإناث ومحاسبة مرتكبيه    تعرف على قصة المسلسل التركي فندق الأحلام    عمرو أديب عن دمار تل أبيب: «من يرى إسرائيل يظن أنها غزة»    فات الميعاد الحلقة الحلقة 2.. أسماء أبو اليزيد تخبر زوجها بأنها حامل    نارين بيوتي تخطف الأنظار رفقة زوجها في حفل زفاف شقيقتها    أدعية مستجابة في شهر ذي الحجة    الهلال الأحمر المصرى: تنظيم حملات توعوية لحث المواطنين على التبرع بالدم    على البحر.. ميرنا نور الدين تخطف الأنظار بأحدث إطلالاتها    رئيس مجلس الشيوخ: الشباب المصري العمود الفقري للدولة الحديثة ووعيهم السلاح الأقوى لمواجهة التحديات    خبير: إسرائيل تحاول استفزاز حزب الله لجره لساحة الحرب    قائد بوتافوجو: مستعدون لمواجهة أتليتكو مدريد وسان جيرمان.. ونسعى لتحقيق اللقب    محافظ المنيا يُسلم 328 عقد تقنين لأراضي أملاك الدولة    روبرت باتيلو: إسرائيل تستخدم الاتفاقات التجارية لحشد الدعم الدولى    نور الشربيني من الإسكندرية تؤازر الأهلي في كأس العالم للأندية    مصدر ليلا كورة: الزمالك يرحب بعودة طارق حامد.. واللاعب ينتظر عرضًا رسميًا    "الإصلاح المؤسسي وتحسين كفاءة الخدمات الحكومية".. جلسة تثقيفية بجامعة أسيوط    تعليمات لرؤساء لجان امتحانات الثانوية العامة بالفيوم    بأغاني رومانسية واستعراضات مبهرة.. حمادة هلال يشعل أجواء الصيف في حفل «بتروسبورت»    شركة سكاى أبو ظبي تسدد 10 ملايين دولار دفعة مقدمة لتطوير 430 فدانا فى الساحل الشمالي    ديمبيلي يكشف عن الهدف الأهم فى مسيرته    والدة طفلة البحيرة بعد قرار رئيس الوزراء علاجها من العمي: «نفسي بسمة ترجع تشوف»    امتحانات الثانوية العامة.. الصحة تعتمد خطة تأمين أكثر من 800 ألف طالب    رئيس الوزراء يتفقد مركز تنمية الأسرة والطفل بزاوية صقر    تعاون بين «إيتيدا» وجامعة العريش لبناء القدرات الرقمية لأبناء شمال سيناء    كأس العالم للأندية.. باريس الباحث عن موسم استثنائي يتحدى طموحات أتلتيكو    الأكاديمية العسكرية تحتفل بتخرج الدورة التدريبية الرابعة لأعضاء هيئة الرقابة الإدارية    محافظ كفر الشيخ يُدشن حملة «من بدري أمان» للكشف المبكر عن الأورام    لطلاب الثانوية العامة.. نصائح لتعزيز القدرة على المذاكرة دون إرهاق    خبير اقتصادي: الدولة المصرية تتعامل بمرونة واستباقية مع أي تطورات جيوسياسية    وزير الخارجية البريطاني يعرب عن قلقه إزاء التصعيد الإسرائيلي الإيراني وندعو إلى التهدئة    السجن المؤبد ل5 متهمين بقضية داعش سوهاج وإدراجهم بقوائم الإرهاب    تخفيف عقوبة السجن المشدد ل متهم بالشروع في القتل ب المنيا    أهم أخبار الكويت اليوم السبت 14 يونيو 2025    غدا.. بدء التقديم "لمسابقة الأزهر للسنة النبوية"    "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" ومؤسسة "شجرة التوت" يطلقان فعاليات منصة "القدرة على الفن - Artability HUB"    غدا .. انطلاق فعاليات مؤتمر التمويل التنموي لتمكين القطاع الخاص    مصرع شاب سقط من الطابق الرابع بكرداسة    طلب إحاطة يحذر من غش مواد البناء: تهديد لحياة المواطنين والمنشآت    إيران تؤكد وقوع أضرار في موقع فوردو النووي    مراسلة «القاهرة الإخبارية»: مستشفيات تل أبيب استقبلت عشرات المصابين    مدبولي: الحكومة تبذل قصارى جهدها لتحقيق نقلة نوعية في حياة المواطنين    الصحة: قافلة متخصصة في جراحات الجهاز الهضمي للأطفال ب«طنطا العام» بمشاركة الخبير العالمي الدكتور كريم أبوالمجد    حجاج مصر يودّعون النبي بقلوب عامرة بالدعاء.. سلامات على الحبيب ودموع أمام الروضة.. نهاية رحلة روحانية في المدينة المنورة يوثقوها بالصور.. سيلفي القبة الخضراء وساحات الحرم وحمام الحمى    «الإفتاء» توضح كيفية الطهارة عند وقوع نجاسة ولم يُعرَف موضعها؟    ما حكم أداء النافلة بين الصلاتين عند جمع التقديم؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصري‏(3)‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 07 - 06 - 2010

‏-15-‏ سافر من قريته‏.‏ وحجابه الملفوف حول قلبه‏.‏ عبارة أمه‏:‏ -‏ ربنا يوقفلك ولاد الحلال‏.‏ دعوة أمه أشعرته بالأمان‏.‏ فإن وجدهم لأن أبواب السماء كانت مفتوحة أمام دعاء أمه‏.‏ وإن لم يجدهم ربما أخطأ وعقوبته ألا يجد ولاد الحلال‏,‏ أما أولاد الحرام‏.‏ فالشر زبرة وبعيدس‏.‏
‏-16-‏
بحث عن أولاد الحلال في خياله عندما شاهد أقدام الغرباء تحيط به‏.‏ تبخر إحساسه بالجوع‏.‏ نسي أن له بطنا‏.‏ ها هم أولاد البندر طالما سمع عن شرورهم‏.‏ وتوقع أذاهم‏.‏ مجموعة من الرجال‏.‏ أحاطوه بأحكام‏.‏ مد كبيرهم يده‏.‏ أمسكت بقفاه بقسوة‏.‏ ويد أخري أمسكت بيمينه‏.‏ ويد ثالثة أمسكت بيساره‏.‏
‏-‏ قوم معانا‏.‏
‏-‏ علي فين يا بلدينا‏.‏
رفعوه رفعا‏.‏ كأنه جوال ذرة‏.‏ أو كيس قطن‏:‏
‏-‏ بعدين حا تعرف‏.‏
‏-17-‏
شعر أنه زوران‏.‏ آخر لقمة وقفت في زوره‏.‏ لا يمكن أن يطلب منهم ماء ولا حتي أن يتركوه في حاله‏.‏ أعينهم يطق منها الشرار‏.‏ في يد كل واحد عصا‏.‏ قالوا في قريته‏:‏ العصا لمن عصا‏.‏ وهو لم يعص ولا حتي الهواء‏.‏ مطيع دون أن تطلب منه الطاعة‏.‏ قبل التحرك‏.‏ فتشوا بقايا ما كان أمامه‏.‏ لم يجدوا ما يستحق أخذه‏.‏ قال واحد منهم‏:‏
ما كانش فاضل إلا أن يأكل بلاط التل طوار‏.‏
‏-18-‏
أكثر ما آلمه لمة الناس حوله‏.‏ زحام ولا يوم الموقف العظيم‏.‏ من أين خرج هؤلاء الناس؟ أين كانوا؟ كان المكان هادئا‏.‏ لدرجة أنه خاف علي نفسه من صمت الليل الطويل‏.‏ وكل من وقف قال الكلمة التي قدرها الله علي قولها‏:‏
‏-‏ حرامي‏.‏ قتال قتلة‏.‏ ممسوك بسريقة‏.‏
استغرب كلمة القتل‏.‏ لو رأي نقطة دماء لمات من الرعب عمن يتكلمون‏.‏ أخذوه نواحي سيارة بوكس زرقاء اللون‏.‏ الوحيد الذي يرتدي بدلة‏.‏ ركب بجوار السائق‏.‏ والذين يمسكون به رفعوه ذ دون كلام‏,‏ وأجلسوه في الصندوق الخلفي للسيارة‏.‏ فكروا في ربطه بكلبش مثبت في السيارة‏.‏ واحد قال المسافة لا تستحق‏.‏ أول مرة يركب فيها سيارة خصوصي‏.‏ وسط هذه الحراسة‏.‏
أخذوه لمبني كبير‏.‏ مكتوب عليه بكتابة قديمة تاهت معالمها‏:‏ الشرطة في خدمة الشعب‏.‏ ربما كان مشطوبا عليها‏.‏ وبجوارها كتابة أخري‏:‏ الشرطة والشعب في خدمة القانون‏.‏ إنه الكركون يسمونه‏:‏ القسم‏.‏ سأل عن الحكاية‏.‏ سمع كلمات‏.‏ قلبت تركيزه‏.‏ قيلت من خلال كز أسنان‏.‏ إسكت‏.‏ إخرس‏.‏ ولا كلمة‏.‏ فكر أن يستحضر عبارة أن السؤال‏,‏ مجرد السؤال ذ لم يحرم‏.‏
من لحظة دخوله المكان‏.‏ وهم يتعاملون معه باعتباره أهم واحد‏.‏ إن طلب ماء أحضروه له ووقفوا يراقبون نزوله في زوره‏,‏ ربما فتشوه قبل إحضاره له‏,‏ إن ذهب لدورة المياه أخلوها قبل دخوله من الناس‏.‏ وقف واحد علي الباب‏.‏ وواحد وراء النافذة رغم أنها نافذة من الحديد‏.‏ إن جلس أحاطوه به‏.‏
‏-19-‏
ما أن رأي صاحب محل الساعات الذي اشتري منه الساعة‏.‏ وشاهد الفارق في المعاملة بينه وبينه‏.‏ هو مقبوض عليه‏.‏ وصاحب المحل يبدو محمولا علي كفوف الراحة‏.‏ طريقة التعامل ونوعية الكلام‏.‏ أكدت له أنه عمل عملة سوداء‏.‏ وأن الذي أبلغ فيه صاحب المحل‏.‏ أوشك أن يقول له أنه لو أفهمه أن بيع الساعة خطأ لأعادها لمكانها ولكنهم منعوه‏.‏ بدأ يستوعب الأمر‏.‏ أخذوا صاحب المحل أولا‏.‏ وبعد خروجه‏.‏ ودعوه بما يليق من الاحترام‏.‏ أخيرا‏.‏ استدعوه‏.‏
‏-20-‏
منتصف الليل‏.‏ يقولون عن هذه اللحظة في قريته‏:‏ والليل يخر عن آخره‏.‏ استدعوه للضابط النوبتجي‏.‏ أمامه علي المكتب الساعة‏.‏ كانت السبب فيما جري‏.‏ رمشت عيناه عندما وقع نظره عليها‏.‏ ركز الضابط عليها‏.‏ سأله‏:‏
‏-‏ معترف؟‏!‏
رد علي السؤال بسؤال‏:‏
‏-‏ بإيه يا سعادة البيه‏.‏
لم تر عيناه ولا حتي النوم مما جري له‏,‏ كيف ينكر وجسم الجريمة يكاد يخرق عينه؟
قال لنفسه‏:‏
‏-‏ مين اللي قال إني أنكر؟
حسبوه مجنونا يكلم نفسه‏.‏ كتبوا كلاما كثيرا في الأوراق‏.‏
كان أذان الفجر يشقشق‏.‏ رأي لحظتها نوره الأزرق يطل عليه من فتحة صغيرة في السقف‏.‏ حن لصوت أول ديك يؤذن في قريته فينتشر الفزع والاضطراب بين باقي ديوك قريته‏.‏ وتبدأ عباد الرحمن في الصحو من النوم‏.‏
‏-21-‏
سيعرض علي النيابة غدا‏.‏ سيودع في الحجز حتي لحظة العرض والساعة ستحرز‏.‏ مع الحرص عليها وتشديد الانتباه لها‏.‏ حتي لا تكسر أو تتلف‏.‏ نظرا لقيمتها غير العادية‏.‏ لعرضها معه علي النيابة‏.‏ هل يحلم بمعاملة مثل التي ستلقاها الساعة؟ لحظة دخوله الحجز كان ذاهلا عما حوله‏.‏ هل للندم قيمة بعد فوات الأوان؟ سمع كلمة أمه التي كانت تقولها له‏:‏
‏-‏ من خرج من داره‏.‏ انهد قدره وانقل مقداره‏.‏
قالت له‏:‏
‏-‏ يا خوفي عليك من سكة الندامة‏.‏
همست لنفسها‏:‏
‏-‏ يا خوفي عليه من سكة اللي يروح ما يرجعشي‏.‏
نهنهت لنفسها‏:‏
‏-‏ قلبي علي ولدي انفطر‏.‏ وقلب ولدي علي حجر‏.‏

المزيد من مقالات يوسف القعيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.